إعلان

فورين بوليسي: الحرب الباردة الثانية بين موسكو وواشنطن على صفيح ساخن

09:50 م الإثنين 16 أبريل 2018

كتب - عبدالعظيم قنديل:
رجحت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، الاثنين، أن تقود الضربات الأمريكية الأخيرة على سوريا إلى مزيد من التصعيد مع روسيا، مؤكدة أن ما أطلقت عليه الحرب الباردة الثانية باتت على صفيح ساخن في ظل تفاقم الأوضاع بين موسكو وواشنطن في عدة ملفات دولية.

وذكرت المجلة الأمريكية أن الفصل الجديد من المواجهة بين روسيا والولايات المتحدة بدأ فعليًا عام 2014، إلا أنها بلغت ذروتها في الغارات الأخيرة.

وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا قصفت ثلاثة مواقع حكومية في سوريا في عملية عسكرية بوقت مبكر من صباح السبت استهدفت ما يقولون إنها منشآت لها علاقة بالأسلحة الكيميائية.

وجاءت هذه الخطوة ردا على ما يشتبه بأنه هجوم كيمياوي في مدينة دوما السورية الأسبوع الماضي أودى بحياة العشرات. وفندت موسكو، من جانبها، مزاعم غربية تدعي بأن الجيش السوري ألقى قنبلة تحوي مادة غاز الكلور على تلك المدينة.

وكان الجيش الروسي قال في 13 مارس إنه سيرد على أي ضربة تشنها الولايات المتحدة على سوريا، مستهدفا أي صواريخ ومنصات إطلاق ضالعة في أي هجوم كهذا.

وبحسب التقرير، وصلت المواجهة الجديدة بين روسيا والولايات المتحدة إلى اللحظة الفارقة في الاستعداد للردع، وهي الطريقة التي من المتوقع أن يتعامل معها الجانبين، سواء كانت تنتج تصادماً عسكرياً مباشرا بين الآلة العسكرية لكل من واشنطن وموسكو، مما يشكل أهمية بالغة للعالم بأسره.

وبينت المجلة الأمريكية أن الحرب الباردة الأصلية، بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، تختلف عن المواجهة الحالية، مشيرة إلى انعدام التوازن أو الاحترام بين الطرفين، فضلًا عن عدم الشعور بالرهبة من وقوع سيناريو "القيامة النووي"، والذي سيكون له تأثير متناقض يجعل من السهل الانزلاق إلى ما بعد نقطة اللاعودة.

ويضيف التقرير، أن الغرب بات يعتبر روسيا "دولة مارقة" بالنسبة للكثيرين، بعد الانتهاء من الحرب على الإرهاب، كما استبعدت الولايات المتحدة إمكانية التوصل إلى تسوية استراتيجية مع خصمها غير الجدير بالثقة، في الوقت نفسه يرى القادة الأمريكيين أن التوصل إلى حل وسط مع روسيا يعني التنازل عن الذات.

ووفقًا لـ"فورين بوليسي"، يدرك المسؤولون العسكريون والأمنيون المحترفون في الولايات المتحدة أخطار الوضع بشكل أفضل بكثير من السياسيين وقادة الرأي العام، ولذا اتضح التنسيق بشكل كامل بين القوات العسكرية الأمريكية والروسية في سوريا، حيث لم تنقطع الاتصالات دائمًا بين جنرالات الجانبين.

وخلافا للحرب الباردة الأصلية، التي كانت في الغالب عبارة عن حرب بالوكالة، فإن المواجهة الجديدة هي مشاركة مباشرة أكثر، وفقا لتقرير الذي أوضح انضمام مجالات المعلومات والاقتصاد والتمويل، والسياسة، والمجال الإلكتروني إلى المعركة، غير أن تواجد القوات الأمريكية والروسية في مكان واحد "سوريا" تعد سابقة منذ الحرب العالمية الثانية.

كما أشار التقرير إلى أن أهداف واستراتيجيات البلدين مختلفة في سوريا، ولذا كان لابد للقادة العسكريين في كلا الجانبين أن يفعلوا الكثير لتجنب الحوادث، لكن يصعب التكهن بما سيحدث في مجال السياسة، موضحًا أن الهجوم الأخير على نظام الأسد من شأنه أن ينقل العلاقة بين روسيا والغرب إلى نقطة منخفضة جديدة، وقد تؤدي إلى المزيد من الاتهامات والعقوبات والمواجهات، غير أنها لن تعرض السلام الدولي للخطر.

ووفق التقرير، ما حدث للتو هو أقل السيناريوهات سوءًا: سلسلة من الضربات الأمريكية وحلفائها التي تعتبر رمزية إلى حد كبير، والتي تستهدف بعض المنشآت العسكرية السورية، ولكنها تجني مراكز القيادة والتحكم الرئيسية وتتجنب أي أهداف روسية محتملة - وليس فقط القواعد أو القوات الروسية ولكن الأفراد والمدنيين الروس الذين انتشروا على نطاق واسع في جميع أنحاء الجيش السوري والبنية التحتية الحكومية.

وبغض النظر عن العواقب الوخيمة للمواجهة الحالية في سوريا، فإن العلاقات الأمريكية الروسية ليست في حالة مأساوية فحسب، ولكن من المتوقع أن تزداد سوءًا في المستقبل، وفق التقرير الذي رجح أن تلتزم واشنطن نهجًا تصعيدًا تجاه روسيا للضغط عليها في مجالات متعددة، توقعًا أنه في مرحلة ما، ينفذ صبر الكريملين ويستسلم، علمًا بأن أي من الخصمين سيكون بلا رحمة حتى بعد فوزه.

وأضافت المجلة الأمريكية أن كافة الاحتمالات مطروحة في الوقت الحالي، ولكن ما هو واضح هو أن الاختبارات الدورية للإرادة والتصميم ستؤدي إلى مزيد من الأزمات الدولية، سواء في سوريا أو أوكرانيا أو غيرها.

واختتم التقرير بالقول: "يحتاج صانعو القرار في موسكو وواشنطن إلى التعلم من القادة العسكريين: يجب أن يبقوا أعصابهم باردة، وأن يفكروا في عواقب أفعالهم، سواء كانت مقصودة أو غير مقصودة".

فيديو قد يعجبك: