إعلان

حالة من الذعر في جنوب أفريقيا إزاء "يوم الصفر" في كيب تاون

10:21 ص السبت 17 مارس 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

خايليتشا (جنوب أفريقيا)- (د ب أ):

تحمل الشابة، ماندلا كوشولو، دلوا من الماء سعته 25 لترا فوق رأسها، وتسير به فوق منحدر رملي باتجاه كوخها.

وتعيش كوشولو، البالغة من العمر 25 عاما، مع زوجها، في غرفتين بحالة رثه، مبنيتين من ألواح خشبية قديمة وحديد مموج، في بلدة خايليتشا، وهي واحدة من أكبر المناطق الفقيرة في مدينة كيب تاون السياحية بجنوب أفريقيا.

وليس لدى كوشولو مطبخ أو حمام. فمرحاضها هو عبارة عن حفرة عامة لقضاء الحاجة. وإذا احتاجت إلى الماء - للشرب أو الطهي أو تنظيف أو غسل الملابس - فعليها أن تقف في طابور طويل أمام صنبور عمومي، وأحيانًا ما يكون ذلك مع المئات من الاشخاص الآخرين.

وتتنهد الشابة العاطلة عن العمل قائلة: "في أوقات الذروة، خاصة في الصباح وفي المساء، قد يستغرق الأمر ساعات... كل يوم أخسر وقتا ثمينا أثناء وقوفي في الطابور. فهو وقت من الممكن أن استغله في البحث عن عمل".

هذا الروتين اليومي الخاص بجلب المياه قد يصبح قريبا حقيقة واقعة بالنسبة لجميع سكان كيب تاون، البالغ عددهم 5ر4 مليون نسمة. فبسبب موجة الجفاف التي استمرت ثلاث سنوات، فإن سدود المياه، التي تزود المدينة بالمياه العذبة، شبه خاوية .

وكانت المدينة قد توقعت في وقت سابق من العام الجاري أن يحل "يوم الصفر" - وهو اليوم الذي ستضطر فيه سلطات المدينة إلى غلق الصنابير- في التاسع من يوليو القادم ،إذا لم يسقط المطر بما فيه الكفاية بحلول ذلك الحين.

وحينئذ سيتعين على السكان جلب 25 لترًا من الماء لكل شخص يوميًا، من مراكز التوزيع الـ 200 التي تشرف عليها قوات من الجيش والشرطة.

ويشار إلى أن سكان كيب تاون يتعين عليهم بالفعل الاقتصاد في استهلاك المياه بشكل كبير، حيث أنه لا يُسمح لهم باستخدام أكثر من 50 لتراً من الماء يومياً للشخص الواحد. ويقوم السكان بتخزين مياه الشرب، فيما تباع خزانات مياه الأمطار في أنحاء المدينة.

أما أنيل جوبا، الذي يعيش في خايليتشا أيضاً، فلا يتعاطف كثيراً مع حالة الفزع التي يعيشها السكان الأثرياء. ويقول جوبا البالغ من العمر 34 عاماً: "سيجعلهم "يوم الصفر" يذوقون طعم طريقة العيش الخاصة بسكان العشوائيات الفقيرة"، ويضيف ضاحكا: "قد لا يكون ذلك أمراً سيئاً".

من ناحية أخرى، يتفق مع جوبا في الرأي، خبير في "تحالف العدالة الاجتماعية"، وهي جماعة غير هادفة للربح معنية بالدفاع عن حقوق الفقراء.

إذ يقول موسى جويباني مدير مشروع تحالف العدالة الاجتماعية: "لأول مرة، يتعين على كل فرد في كيب تاون أن يعيش في ظل فرض قيود على الماء، وهي حقيقة يومية لجميع سكان الأحياء الفقيرة". ويشار إلى أن هناك نحو 400 ألف شخص يعيشون في خايليتشا فقط، وفقا لإحصاءات التعداد الخاصة بكيب تاون لعام 2011.

أما عن عدد من يعيش منهم بدون مياه جارية، فهو غير موثق، إلا أن الخبراء يقدرون العدد بعشرات الآلاف من الاشخاص، على الأقل.

ووفقا لتحالف العدالة الاجتماعية، يعيش 2ر1 مليون شخص في مناطق فقيرة بأنحاء المدينة. كما أن الوضع مشابه بالنسبة لملايين الاشخاص الآخرين في أنحاء العالم. ووفقا للأمم المتحدة، فإن حوالي ثلث سكان العالم – أي ما يقدر بنحو 1ر2 مليار شخص - ليس لديهم مياه جارية في منازلهم.

ويصف جويباني الخوف المهول من "يوم الصفر"، بأنه بمثابة ترفً بالنسبة للطبقة الوسطى، وهو ما يظهر عدم إغلاق الفجوة الهائلة بين الأثرياء والفقراء في جنوب أفريقيا،منذ انتهاء نظام الفصل العنصري قبل نحو 20 عاماً.

ويشار إلى أن جنوب أفريقيا لديها أحد أعلى مستويات عدم المساواة الاجتماعية في العالم، وفقاً لأحد مؤشرات التنمية التابع للأمم المتحدة.

من ناحية أخرى، كتبت سوني بايني، وهي صحفية جنوب إفريقية شابة، في صحيفة "ديلي مافريك" المحلية قائلة : "أشعر بالغضب الشديد عندما يشكو الناس من عدم وجود ما يكفي من الماء، أو من اضطرارهم إلى استخدام كمية معينة من الماء خلال اليوم".

وتقول بايني إن أسرتها اضطرت للعيش بأقل من 40 لترا من الماء لكل شخص في اليوم لسنوات، حتى يتمكنوا من دفع فاتورة المياه.

فيما تأمل ميليسا ستين - وهي أستاذة في معهد الدراسات المتنوعة بجامعة ويتواترسراند في جوهانسبرج - في أن تكون أزمة المياه "لحظة مساواة" بالنسبة لجنوب أفريقيا.

وتقول ستين: "آمل أن تستغل الأزمة للدفع من أجل القيام بإصلاحات وبناء مجتمع أكثر عدالة"، مضيفة أن حصول جميع سكان جنوب إفريقيا على مياه جارية، هو حق أساسي من حقوق الإنسان وليس رفاهية.

من جانبها، تظهر كوشولو، التي اضطرت إلى جلب المياه من الآبار البعيدة منذ طفولتها، تعاطفا مع من هم أفضل منها في المستوى الاجتماعي. حيث توضح أنه: "من الصعب جداً حمل كمية كبيرة من الماء كل يوم... أنا اعتدت على ذلك، ولكن أعتقد أن الآخرين سيعانون ".

فيديو قد يعجبك: