إعلان

ابتزاز واستغلال واغتصاب.. أبرز انتهاكات حقوق العمالة الأجنبية في الخليج

03:55 م الخميس 15 فبراير 2018

كتبت - هدى الشيمي:

أعادت واقعة "جثة الفريزر" في الكويت أزمة الإساءة إلى العمالة الأجنبية في دول الخليج إلى السطح مُجددًا، إذ عثرت الشرطة الكويتية على بقايا جثة خادمة فلبينية في الثلاجة بإحدى الشقق، وأظهر الفحص أنها تعرضت للاغتصاب كما أنها تعرضت للاعتداء الجسدي، فيوجد على جثتها آثار تعذيب.

وخلقت هذه الواقعة أزمة بين الفلبين والكويت، فأعلن الرئيس الفلبيني رودريجو دوتيرتي، خلال مؤتمر صحفي الجمعة الماضي، وقف إرسال العمالة الفلبينية إلى الكويت، وطلب من مواطنيه الخروج منها خلال 72 ساعة، وناشد دول الخليج معاملة أبناء بلاده بكرامة.

وبعد أيام، تراجعت الحكومة الفلبينية عن قرار حظر العمالة إلى الكويت بشكل جزئي، وبحسب مُراسل قناة العربية، فإن الفلبين سمحت للعمال الذين يحملون إقامات في الكويت بالعودة إليها، كما سمحت لمواطنيها الذين يقضون إجازات بالعودة.

ولا تعد هذه الواقعة أول وقائع الانتهاك التي تتعرض لها العمالة الأجنبية، خاصة مواطني دول شرق آسيا وإفريقيا في دول الخليج، إذ نددت منظمات حقوق الانسان بسوء المعاملة التي يتلقاها هؤلاء في الخليج، ونشرت تقارير تفيد بتعرضهم لانتهاكات وتعذيب وتلقيهم رواتب قليلة.

وأفادت تقارير صدرت عام 2008، بأن هناك نحو 13 مليون أجنبي يعيشون في دول مجلس التعاون الخليجي الست (السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين وعمان، إلا أن هذه الأرقام تضاعفت وزادت كثيرا الآن.

وتعد المملكة العربية السعودية أكبر دولة في العالم تستقبل العمال الفلبينيين، حيث تضم أكبر عدد من الفلبينيين في منطقة الشرق الأوسط، ويشكلون رابع أكبر مجموعة من الأجانب بها. كما تعتبر السعودية ثاني أكبر مصدر للتحويلات إلى الفلبين.

وبينما يتخذ 57% من إجمالي العمال الفلبينيين من آسيا الغربية مقرا لهم، تبقى السعودية الوجهة الرائدة للعاملين الفلبينيين في الخارج، فهي تستقبل نحو 23.8%، منهم والعدد في تزايد.

فيما تستقبل دولة الإمارات (15.9%) من إجمالي العمالة الفلبينية، والكويت (6.4%)، وقطر (6.2%)، وأوروبا (6.6%)، وباقي الدول مثل لبنان والبحرين والأردن (4.6%)- بحسب موقع العربية.

ونقلت وكالة الأنباء الفلبينية الرسمية عن وزير العمل والعمالة الفلبيني سيلفستر بيلو قوله: "سنجري معرضاً للوظائف في قطر والسعودية حيث سنعلن عن الوظائف المتاحة في بلدنا لكي يعود عمالنا خاصة هؤلاء المهرة"، معلنُا أن: "السيناتور الفلبيني السابق مانويل فيلار سيوفر 18 ألف فرصة عمل من خلال شركة خاصة يملكها".

كما لوح وزير العمل الفلبيني بأن بعض الفلبينيين فقدوا وظائفهم بسبب استبدالهم في الوظائف بمواطنيين سعوديين، بعد القرارات الأخيرة التي أصدرها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مثل السماح للمرأة السعودية بالقيادة.

"اعتداءات"

وبحسب تقارير هيومن رايتس ووتش المبنية على شهادات العاملات الأجانب في الخليج، فإنهن يتعرضن للاعتداءات الجنسية والتحرش، كما يتعرضن للضرب المبرح، وقد يصل الأمر إلى التعذيب وحلق الشعر والإهانة ومنع الطعام، ولا يستطعن الحديث عن الأمر علانية خوفًا من طردهن، لاسيما أن أغلبهن المعيلات الرئيسيات لعائلاتهن.

وتعتبر الرواتب المتدنية عاملا أساسيا لهروب الفلبينيين من بلادهم، ليجدوا في الخليج ملاذا آمنا لهم. وكتب ريتشارد بادوك في صحيفة لوس أنجلوس تايمز عام 2006: "يمكن لطهي الطعام على سفينة شحن أن يدر راتبا أفضل من ذلك الذي يتقاضاه الرئيس الفلبيني ويساوي 1000 دولار شهريا".

كما أن سياسات الحكومة الفلبينية تشجع على العمل في الخارج، إذ يتراوح معدل الراتب السنوي للمعلمين والممرضات في الولايات المتحدة بين 25 ألفا و45 ألف دولار كحد أقصى، في حين يُدفع نحو 3.6 ألف دولار سنويا في الفلبين في نفس القطاعات، وفق العربية.

"ابتزاز"

ووجدت تحقيقات أجرتها منظمة العفو الدولية أن العمال الأجانب الذين يعملون في بناء مواقع انجاز البنية التحتية لكأس العالم لكرة القدم في قطر يعيشون في أوضاع مزرية، بحسب تقرير صدر في ديسمبر الماضي.

ولا يعد هذا أول تقرير يصدر عن المنظمة الحقوقية يندد بانتهاك حقوق عمال الانشاءات الوافدين في الدوحة، إذ حثت العفو الدولية الإماراة الخليجية على استغلال استضافتها لكأس العالم لاثبات احترامها لحقوق الإسان، في تقرير صدر عنها عام 2013.

وأشار تقرير العفو الدولية، والذي أصدرته بعد إجراء تحقيقات طويلة، إلى سلسلة من التجاوزات بحق العمال الوافدين، على رأسها عدم دفع الرواتب، والعمل في ظروف صعبة وخطيرة، واقامتهم في مناطق غير مناسبة.

كما نقلت المنظمة عن مسؤول في مستشفى رئيسي في الدوحة قوله إن حوالي ألف شخص نقلوا إلى المستشفى في 2012، بعد سقوطهم من أماكن مرتفعة إثناء العمل، موضحا أن 10% من هؤلاء أصيبوا بعاهة دائمة، وهناك حالات وفاة.

وألمحت صحيفة الجارديان البريطانية، في سبتمبر 2012، إلى وفاة عشرات العمال النيباليين في قطر خلال الصيف، أثناء عملهم في البناء، خاصة المنشآت والمباني المتعلقة بكأس العالم.

وهددت نقابة العمال الهولندية، في أكتوبر 2016، بمقاضاة فيفا كأس العالم لكرة القدم عن انتهاكات حقوق الإنسان فيما يتعلق بكأس العالم في قطر، مُشيرة إلى أن الآلاف من العمال البنغاليين يريدون الحصول على حقوقهم.

"قوانين الانتهاك"

وتجعل القوانين والسياسيات في الخليج، خاصة عمان والإمارات، العاملات المنزليات أكثر عرضة للانتهاك، إذ تسمح الأطر القانونية القائمة لأصحاب العمل بالانتقام من العاملات اللواتي يهربن من الأوضاع المسيئة، عوضًا عن ضمان حقوقهن أو سلامتهن الجسدية والنفسية، بحسب تقرير هيومن رايتس ووتش.

ووفقا للمنظمة الحقوقية، يمنع نظام الكفالة في عُمان والإمارات العاملات من مغادرة العمل أو العمل لصاحب عمل جديد دون موافقة صاحب العمل الأصلي، ويعاقبهن بتهمة "الهروب" إذا فعلن ذلك، كما يستثني قانون العمل العُماني عاملات المنازل من جميع أشكال الحماية التي يوفرها.

"استغلال واساءة"

أجرت منظمة الأمم المتحدة، في نوفمبر 2014، تحقيقا موسعا في مزاعم إساءة معاملة العمالة الأجنبية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وجاءت هذه الخطوة بعد تقديم الاتحاد الدولي لنقابات العمال شكوى تفيد بأن المهاجرين الذين يقومون بأعمال البناء والأعمال المنزلية يعملون في ظروف سيئة جيدا، ويتم استغلالهم والإساءة إليهم.

وقالت "رايتس ووتش"، والاتحاد الدولي للنقابات، إن المؤسسات العالمية التي لها أعمال في الإمارات لا يجب أن تكون واثقة في أن المهاجرين بالإمارات يعاملون بطريقة جيدة، خاصة هؤلاء الذين كانوا يعملون في بناء المتاحف والمؤسسات الثقافية في أبوظبي.

ووجدت صحيفة أوبزرفر، التابعة للجارديان البريطانية، بعض الأدلة التي تفيد بأن شركة التطوير والاستثمار السياحي في أبوظبي، المشرفة على بناء متاحف جوجنهايم ومتحف اللوفر، ومتحف آل زايد الوطني، لا يحترم سياسات التوظيف الخاصة به، ويترك العمال الأجانب الذين يشاركون في عملية البناء بدون تصاريح توظيف قانونية، كما أن المسؤوليين يرحلون العمّال الذين يشكون من تدني مستوى الأجور، أو يقومون بإضراب اعتراضا على ما يحصلون عليه من رواتب، ويتركونهم يعيشون في مخيمات بأحياء فقيرة.

وأكدت "رايتس ووتش" على ارتكاب الإمارات لانتهاكات في حقوق العمال الأجانب، لاسيما عمال البناء الوافدين. وقالت المنظمة الحقوقية في تقرير، منشور في يناير الماضي، إن العمال الأجانب مايزالوا يواجهون استغلالا خطيرا، رغم اعتماد البلاد قانون للعمالة المنزلية في سبتمبر الماضي، ينص على حقوق العاملات والوافدات.

وبحسب التقرير، تمارس الإمارات تمييزا على أساس الجنس والهوية الجندرية والتوجه الجنسي، وحكمت في أغسطس الماضي، على مواطنين سنغافوريين اعتُقلا في أحد مراكز التسوق في أبوظبي بالسجنة سنة لمحاولة التشبه بالمرأة، وحولت محكمة الاستنئاف حكمهما إلى غرامة مع الترحيل.

ويذكر أنه في منتصف العام 2011، وافق أعضاء مجلس التعاون الخليجي على تبني الاتفاقية 189 ”اتفاقية منظمة العمل الدولية للعمالة المنزلية“ في المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في جنيف، على أن يسري مفعولها ابتداء من الخامس من سبتمبر 2013.

وتلزم الاتفاقية الحكومات بتعزيز وحماية حقوق الإنسان، ومنها الحريات النقابية والقضاء على العمل الإلزامي، وتضمن حصولهم على عقد عمل واضح يحدد شروط وساعات العمل والإجازة، كما تضمن حقهم في الاحتفاظ بوثائقهم الشخصية والخروج من المنزل بعد ساعات العمل التعاقدية والسكن في ظروف ملائمة، وتأمين سبل تتيح إلى العمال إيداع الشكاوى في حال تعرضهم لأي انتهاكات.

فيديو قد يعجبك: