إعلان

"الجارديان": كيف ترك الغرب سوريا في دوامة الحرب؟

04:03 م الثلاثاء 13 فبراير 2018

ارشيفية

ترجمة – إيمان محمود:

سبع سنوات من الصراع في سوريا؛ شكلت نقطة تحول في ميزان القوى بين الولايات المتحدة وروسيا، بالإضافة إلى كارثة استراتيجية لا تزال تداعياتها تؤثر على منطقة الشرق الأوسط بأكملها.

ذات صباح مشمس، يوم الـ31 من أغسطس عام 2013، وتحديدًا في عيد العمال بالولايات المتحدة الأمريكية، كان رئيسها السابق باراك أوباما يأخذ راحة في حديقة الورود بالبيت الأبيض، وكان آخر شيء يفكر معظم الأميركيين فيه هو الحرب في بلد بعيد بالشرق الأوسط، بحسب ما روته صحيفة "الجارديان" البريطانية.

وقالت الصحيفة البريطانية، إن الرئيس الأمريكي كان يواجه معضلة، وهي أن القرار الذي أوشك الإعلان عنه يعتبر لحظة حاسمة في فترة رئاسته، كما أنه يمثل نقطة تحول في التوازن الاستراتيجي الدولي للسلطة، كانت لحظة تحول الحرب الأهلية في سوريا إلى كارثة تاريخية في عصرنا الحالي.

كان أوباما قد تعهد قبل عام بأن أي استخدام للأسلحة الكيميائية من قبل الرئيس السوري بشار الأسد، سيعتبر "خطًا أحمر"، مما يستدعي التدخل العسكري المباشر، وقبل عشرة أيام من القرار، شنّ الأسد هجومًا بغاز السارين في الغوطة الشرقية، بالقرب من دمشق، أسفر عن مقتل أكثر من 1000 شخص، بينهم مئات الأطفال.

أعلن الرئيس باراك أوباما أنه لن يهاجم سوريا قبل أن يوافق الكونجرس الأمريكي على هذا القرار، رغم أنه من الناحية القانونية لم يكن يحتاج إلى هذه الموافقة، وبحسب الصحيفة فإن قرار الرئيس الأمريكي فاجأ حتى مستشاريه المُقربين.

وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس أوباما الذي تعهد بإنهاء الحروب الأمريكية، تردد كثيرًا قبل أن يتخذ هذا القرار خاصة أنه لم يرد أن يقع في نفس الخطأ الذي وقع فيه جورج بوش في حربه على العراق عام 2003، والتي تسببت في فتح صراعًا بالشرق الأوسط لم ينته حتى هذه اللحظة.

وقالت الصحيفة إن الشعب الأمريكي عارض المشاركة في حرب أخرى في الشرق الأوسط، لكن المفاجأة كانت في عرض روسيا -حليفة الأسد- بإزالة مخزون الأسلحة الكيميائية للنظام لمنع تكرار مثل هذه الاعتداءات.

وأضافت الصحيفة أنه تم تفسير تجاهل أوباما لـ"خطه الأحمر" في موسكو وطهران ودمشق وغيرها من العواصم العربية كدليل على تحول جوهري، وهو دليل أيضًا على أن أمريكا تتراجع عن دورها العالمي، مشيرة إلى أن تردد أوباما فتح الباب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لإعادة نفوذ روسيا في الشرق الأوسط، واستعادتها للحقبة السوفيتية.

الأمر الآخر هو رسالة أوباما بأن الولايات المتحدة، التي تعد القوة العظمى الوحيدة في العالم، والحلفاء الرئيسيين مثل بريطانيا، لم يكونوا مستعدون للقتال من أجل سوريا حرة وديمقراطية، بحسب الصحيفة.

وهكذا انحسر الدور الأمريكي في سوريا على التحرك بشكل سلبي، من خلال عمليات مكافحة الإرهاب ودعوات السلام، والفشل في معاقبة جرائم الحرب، التي تقوض ميثاق الأمم المتحدة، والوكالات الإنسانية، والقانون الدولي.

وعندما تدخلت الولايات المتحدة وبريطانيا في نهاية المطاف مباشرة في العراق وسوريا، كجزء من التحالف الدولي متعدد الجنسيات في عام 2015، كان بهدف محاربة التهديد المباشر لهم الذي شكله تنظيم داعش.

وأكدت الصحيفة أن القرارات التي اتُخذت في عام 2013 حول سوريا، أدت إلى كارثة استراتيجية لا تزال تداعياتها تمارس اليوم، وهي السبب الرئيسي في أن الصراع السوري الذي بدأ كاضطراب محلي طفيف، تحول إلى حرب حاسمة في عصرنا.

ووفقا لبيانات الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، فقد وصل حجم المعاناة فى جميع أنحاء سوريا إلى مستويات غير مسبوقة، حيث تم منع وصول المساعدات إلى ثلاثة مراكز سكانية، وازداد عدد النازحين إلى أكثر من 13 مليون شخص.

فيما أشارت الإحصائيات إلى أنه قد قُتل أكثر من 500 ألف شخص منذ عام 2011. ولازال القتل مستمر دون هوادة.

وتطالب الأمم المتحدة بوقف فوري لإطلاق النار، مشيرة إلى أنه لم يتم حتى الآن منح طلب واحد للوصول إلى المناطق الأكثر تضررًا، لكن روسيا رفضت هذه الدعوة.

وأصبح استهداف المدنيين، وخاصة عن طريق الغارات الجوية، أكثر قسوة وأكثر روتينية في الأشهر الأخيرة، حيث يحاول الجيش السوري التابع للرئيس بشار الأسد أن يتقدم ويسيطر على أكبر نسبة من الأراضي الذي فقد السيطرة عليها منذ العام 2011.

وفي الوقت الحالي؛ يحاول التقدم في آخر المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية خاصة بالغوطة الشرقية التي تعرضت لهجوم بغاز السارين عام 2013، كما قُتل ما لا يقل عن 200 مدني في غارات جوية سورية وروسية في غضون أيام قليلة في الأسبوع الماضي.

ونتج عن سقوط مزيد من الضحايا المدنيين عمليات حكومية مماثلة في محافظة إدلب، حيث نزح منها أكثر من 300 ألف شخص منذ منتصف ديسمبر.

وانتشرت معارك جديدة أيضًا في عفرين، بالشمال الغربي من سوريا، بعد توغل القوات التركية وحلفائها من الجيش السوري الحر المعارض، والتي تستهدف الأكراد المسلحين في هذه المنطقة الواقعة قرب الحدود التركية.

وفي الوقت نفسه، وعلى الرغم من اتفاق أوباما في عام 2013 مع بوتين، فإن التقارير عن استمرار استخدام الحكومة السورية للأسلحة الكيميائية أصبحت أكثر تواترًا.

ومنذ الهجوم الكيماوي الذي تم توثيقه في شهر أبريل الماضي على خان شيخون في محافظة إدلب، حيث قتل أكثر من 80 شخصًا، وقعت عدة حوادث، حيث قيل إن غاز الكلور يستخدم ضد المدنيين في هذه المناطق.

كما تم تسجيل ثلاثة هجمات كيميائية، في الغوطة الشرقية، على نطاق أصغر مؤخرًا، وذلك بحسب تقارير للولايات المتحدة الأمريكية ومنظمات مدنية تعمل في الغوطة.

وترى الصحيفة أن "عجز" الأمم المتحدة في التصدي لمثل هذه الهجمات، يزيد الوضع تفاقمًا، كما يُعد فشلًا كبيرًا في مواجهة هذه الكارثة الإنسانية في سوريا، كفشلها في محادثات التسوية بين المعارضة والحكومة السورية التي تقوم بها منذ عام 2011.

وانهارت المحادثات التي استضافتها الأمم المتحدة في جنيف مرة أخرى في ديسمبر، ويرجع ذلك جزئيًا إلى عملية سلام منافسة بدأت تحت رعاية روسيا وتركيا وإيران، وجاءت هذه المبادرة أيضًا في الشهر الماضي عندما قاطعت المعارضة السورية قمة سوتشي التي عُقدت برعاية ودعوة روسية.

وقالت الصحيفة إن العديد من الخطط وضعت الفترة الماضية للحد من الخسائر البشرية في سوريا، لكنها باءت بالفشل وغرقت دون أثر، وجاء في مقدمتها "اتفاقيات مناطق خفض التصعيد" المُتفق عليها في محادثات أستانة والتي كان من المفترض أن تكون الغوطة الشرقية جزءًا منها، لكنها لم تلق أي وقفًا للتصعيد.

وأضافت الصحيفة أن الفشل في إنهاء الحرب في سوريا ألحق أضرارًا جسيمة بالمؤسسات الدولية، وغير توازن القوة الاستراتيجية بطرق أساسية، مما أدى إلى تغيير العالم الذي نعيش فيه.

وأوضحت أن الحرب في سوريا، أعادت موسكو باعتبارها لاعبًا مؤثرًا في الشرق الأوسط، وذلك بعدما تدخلت بناءً على طلب رسمي من الأسد في عام 2015، الأمر الذي أمال الكفة لصالح الأسد بعد أن كان أوشك على خسارة الحرب.

وسّعت الحرب نفوذ اثنين من الأعداء الإقليميين وهما؛ إيران وإسرائيل، بحسب الصحيفة.

واعتبرت الصحيفة أن إيران مثل روسيا، إذ وسعت إلى حد كبير نطاقها ونفوذها، وربط قواتها في سوريا مع حزب الله في لبنان وحلفائه في الأراضي الفلسطينية، كما شجع على مواجهة السعودية في اليمن.

أما الدول الأوروبية؛ فأكدت الصحيفة أنها تأثرت بشكل كبير بفعل الحرب السورية، التي تسببت في انقسامات كبيرة بين دول الاتحاد الأوروبي، بحسب الصحيفة.

وفي حين تأمل أوروبا الحصول على قيادة من الإدارة الأمريكية الجديدة، فقد شعرت بخيبة أمل، عندما رفض الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب أي اهتمام بـ "حل" الأزمة في سوريا.

فالرئيس الأمريكي –بحسب الصحيفة- لا يهتم سوى بالحرب ضد التنظيمات الإسلامية وفي مقدمتهم "داعش"، الذي ادعى فوزه عليه في نهاية العام الماضي، لكن الحقيقة أن داعش لم ينته وأنه يتجدد وسط الفوضى العارمة داخل الأراضي السورية.

 

فيديو قد يعجبك: