إعلان

"توطّدت منذ سنوات".. هل تنهار علاقة ترامب بأمراء السعودية بسبب خاشقجي؟

12:02 م الأحد 14 أكتوبر 2018

الكاتب الصحفي جمال خاشقجي

كتبت- رنا أسامة:

ألقت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الضوء على علاقة الرئيس دونالد ترامب بالسعودية على خلفية السِجال بين البلدين حول مصير الصحفي السعودي المُختفي منذ أكثر من أسبوع جمال خاشقجي. وقالت إن "العلاقات عميقة وتمتد منذ زمن بعيد، حتى أنه غالبًا ما يتفاخر بعلاقاته التجارية مع المملكة".

وتُشير الصحيفة في تقريرها المنشور عبر موقعها الالكتروني إلى أن ترامب حجز لسعوديين غرف فنادق وقاعات اجتماعات، وباعهم طابقًا كاملاً في أحد مبانيه، وفي أصعب اللحظات التي مرّ بها في حياته المهنية، جاء بملياردير سعودي لشراء يخته وفندق بلازا خاصّته المُطِل على سنترال بارك في نيويورك.

وبينما كان يُعلن عن مشاركته في الانتخابات الرئاسية من برج ترامب في 2015، قال رجل الأعمال الجمهوري حينها: "أحب السعوديين والكثيرون منهم يتواجدون بهذا المبنى".

أما الآن فباتت العلاقات بين واشنطن والرياض تحت المجهر -بحسب الصحيفة- في ظل مطالبات لرئيس الأمريكي برد أكثر صرامة من جانب الحكومة السعودية، على خلفية اختفاء أحد أبرز مُنتقديها؛ الصحفي والناشط جمال خاشقجي، وسط مزاعم بقتله داخل القنصلية السعودية. الأمر الذي تنفيه المملكة جملة وتفصيلًا وتؤكّد أنه غادرها بعد فترة وجيزة من دخوله مقرّ المبنى.

ونقلت الصحيفة عن والتر شوب، رئيس مكتب الأخلاقيات السابق في الحكومة الأمريكية، قوله إن "السعوديين يضخون الأموال إلى ترامب، الأمر الذي يُقوّض الثقة في أنه سيفعل الشيء الصحيح عندما يتعلق الأمر بخاشقجي".

تذكر الصحيفة أن ترامب، وفي أول زيارة خارجية له بعد توليه سُدة الرئاسة، توجّه إلى السعودية العام الماضي، وأشاد بحاكمها الشاب الجديد الأمير محمد بن سلمان، وتباهى بعقد صفقة ببيع 110 مليارات دولار من الأسلحة الأمريكية للمملكة.

بيد أن هذه العلاقات الوثيقة باتت مُهدّدة مع تزايد الضغوط التي يمارسها الكونجرس على ترامب لمعرفة ما إذا كان خاشقجي قُتل وقُطّعت أوصاله بعد دخوله القنصلية السعودية في تركيا، كما زعم مسؤولون أتراك دون تقديم دليل قاطِع، في الوقت الذي تنفيه المملكة.

وشوهِد خاشقجي، الذي أتمّ عامه الستين السبت، بعد دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول الثلاثاء قبل الماضي للحصول على أوراق لإتمام زواجه بخطيبته التركية خديجة جنكيز. وتتمسّك الرياض وأنقرة بروايتيهما المتناقضتين عن مكان وجوده، لكن بدون أدلة قاطِعة تفك لغز اختفاء كاتب الرأي لدى صحيفة الواشنطن بوست.

وفي وقت سابق، وصف ترامب مسألة اختفاء خاشقجي بالخطيرة، وقال إنه سيبحثها قريبًا مع العاهل السعودي الملك سلمان. كما توعّد السعودية بـ"عقاب شديد" إذا ما ثبت أنها متورطة في المزاعم التي تُشير إلى قتل الصحفي المُختفي.

غير أنه عاد وأعلن أن "الولايات المتحدة ستعاقب نفسها إذا ما أوقفت مبيعاتها العسكرية إلى السعودية"، مُشيرًا إلى أن خاشقجي، وهو أحد المقيمين في الولايات المتحدة، ليس مواطناً أمريكيًا. من جانبها، وصفت السعودية مزاعم قتلها لخاشقجي أنها "بلا أساس".

"ترامب ومليارديرات المملكة"

تقول الصحيفة إن العلاقات بين الرئيس الأمريكي والمليارديرات والأمراء السعوديين تعود إلى سنوات خلت، ويبدو أنها لم تزدد إلا عُمقًا.

في 1991، وبينما كان ترمب على شفا إشهار إفلاسه ويسعى لجمع الأموال، باع يخته الذي يُدعى "أميرة" أو Princess الذي يبلغ طوله 86 مترًا تقريبًا إلى الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال مقابل 20 مليون دولار، وهو أقل بمقدار الثلث من الثمن الذي اشتراه به، بحسب الصحيفة.

بعد أربع أعوام، أنقذه الوليد بن طلال مُجددًا بانضمامه إلى مستثمرين آخرين في صفقة بقيمة 325 مليون دولار، لشراء فندق بلازا الذي أصابه عجز مالي من ترامب.

وفي 2001، باع ترامب الطابق الـ45 بأكمله الكائن في مبنى برج ترامب، الذي يقبع في الجهة المقابلة لمبنى الأمم المتحدة بنيويورك مقابل 12 مليون دولار، للمملكة العربية السعودية، في أكبر عملية شراء تمت في هذا المبنى، وفقًا لموقع السمسرة Streeteasy.

بعد فترة وجيزة من إعلانه الترشح للرئاسة، بدأ ترامب في تمهيد الطريق أمام إقامة أعمال جديدة محتملة في المملكة؛ فقد سجّل 8 شركات بأسماء مرتبطة بالمملكة، وتحديدًا مدينة جدة، بينها شركتيّ THC Jeddah Hotel Advisor LLC وDT Jeddah Technical Services، وفق تقرير الإقرار المالي المُقدّم إلى الحكومة الفيدرالية والصادر عام 2016.

خلال حشد جماهيري بولاية ألاباما في 21 أغسطس2015، يوم تأسيس 4 من تلك الشركات، قال ترامب: "أستطيع التفاهم مع جميع السعوديين. فهم يشترون الشقق مني. ينفقون 40 و50 مليون دولار.. هل تتوقعون مني أن أنقم عليهم؟ إنني أحبهم كثيرًا".

وأعلنت شركة الرئيس الأمريكية، مؤسسة ترامب، بعد فترة وجيزة من انتخابه في 2016، إغلاقها تلك الشركات السعودية. وفي وقت لاحق تعهّد ترامب بعدم عقد أي صفقات أجنبية جديدة أثناء وجوده في منصبه.

وفي بيان صدر هذا الأسبوع، قالت الشركة إنها استكشفت الفرص التجارية في العديد من البلدان، لكنها "لا تملك أي خطط للتوسع في السعودية"، بحسب البيان.

"زبائن مُربحون"

منذ أن أدى الرئيس الأمريكي الخامس والأربعين قسم المنصب، أصبحت الحكومة السعودية ومجموعات الضغط التي تعمل لحسابها بمثابة "زبائن مربحين" لفنادق ترامب، وفق الصحيفة.

وأنفقت شركة علاقات عامة تعمل لصالح المملكة ما يقرب من 270 ألف دولار أمريكي على الإقامة والخدمة في فندق ترامب بواشنطن، بالقرب من المكتب البيضاوي خلال شهر مارس من العام الماضي، وفقًا لوثائق وزارة العدل.

وقال متحدث باسم الشركة لصحيفة "وول ستريت جورنال" إن المبالغ المدفوعة في فندق ترامب في إطار حملة ضغط مدعومة من السعودية ضد مشروع قانون يسمح للأمريكيين بمقاضاة الحكومات الأجنبية المشاركة في هجمات 11 سبتمبر الإرهابية.

ونظر المدعيان العموميان في ولاية ميريلاند ومقاطعة كولومبيا إلى هذه المبالغ المبالغ التي دفعتها شركة الضغط السعودية باعتبارها "مثال على تلقّي الرئيس الأمريكي هدايا أجنبية يمكن أن تنتهك حظر الدستور لمثل هذه المكافآت المقدمة من مصالح أجنبية".

وفي الوقت ذاته، تلفت الصحيفة إلى أن أفراد من الحكومة السعودية كانوا "زبائن رئيسيين" في فندق ترامب بنيويورك في وقت مبكر من هذا العام، بحسب تقرير الواشنطن بوست.

واستشهدت الصحيفة برسالة داخلية من المدير العام للفندق، جاء فيها أن "زيارة في اللحظة الأخيرة في مارس الماضي، أجراها مجموعة من السعوديين جاؤوا برفقة الأمير محمد بن سلمان عززت إيجارات الغرف في الفندق بنسبة 13 بالمائة في أول ثلاث أشهر من السنة، بعد عامين من تردّي الوضع".

كما ساعدت السعودية في تحقيق واحد من وعود ترامب السياسية الرئيسية، وساعدت بدورها أصدقاء الرئيس الأمريكي على طول الطريق.

وفي العام الماضي، أعلنت السعودية عن خطط لاستثمار 20 مليار دولار في صندوق خاص بالبنية التحتية الأمريكية وتديره شركة "بلاك ستون"، وهي شركة استثمارية يترأسها رجل الأعمال الأمريكي ستيفن شوارزمان.

ورافق شوارزمان، الذي احتفل بعيد ميلاده السبعين في منتجع "مارلاجو" الخاص بالرئيس الأمريكي بولاية فلوريدا، ترامب خلال زيارته للمملكة.

على وقع ذلك الإعلان، ارتفعت أسهم الشركة. وفي وقت سابق من هذا العام، كشف ترامب عن خطة اتحادية بقيمة 200 مليار دولار لإصلاح المطارات والطرق السريعة والموانئ في البلاد، والاستفادة من الشركات الخاصة للحصول على المساعدة وبيع بعض البنى التحتية الأساسية المملوكة للحكومة.

فيديو قد يعجبك: