إعلان

الدروز في إسرائيل يشقون طريقهم وسط علاقات مضطربة مع اليهود والفلسطينيين

11:23 ص الإثنين 04 سبتمبر 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

تل أبيب- (د ب ا):
قام ثلاثة فلسطينيين مسلحين في منتصف يوليو الماضي بقتل اثنين من رجال الشرطة الإسرائيليين بالرصاص، وهما كاميل شنعان وحايل شتاوي بالقرب من الحرم الشريف والمعروف لدى اليهود باسم جبل المعبد، وهو أكثر الأماكن قداسة في مدينة القدس بالنسبة لكل من المسلمين واليهود.

وأثار هذه الهجوم وما أعقبه من رد فعل إسرائيلي على شكل فرض إجراءات أمنية مشددة في هذا الموقع الديني، عمليات احتجاج ومصادمات بين الشرطة الإسرائيلية والفلسطينيين استمرت أسبوعين.

غير أن مقتل الشرطيين الإسرائيليين بعث أيضا بموجات من الصدمة داخل طائفتهما الدرزية، التي تشكل أقلية سكانية دينية صغيرة تتحدث باللغة العربية، وتقيم في المنطقة الشمالية من إسرائيل، والتي غالبا ما تجد نفسها موجودة في الخطوط الأمامية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وهؤلاء الدروز الذين يعيشون في إسرائيل والبالغ عددهم 120 ألف نسمة، ويتمركزون في بلدات صغيرة تقع على جوانب المرتفعات الخصبة القريبة من سورية ولبنان، يعتنقون مذهبا باطنيا ومستترا من الإسلام خاصا بهم، وتشكل أقلية الدروز ما نسبته 2% تقريبا من سكان إسرائيل، غير أنها تشكل ما نسبته 7% من قوة الشرطة الإسرائيلية.

ويتم تجنيد أكثر من 80% من الرجال الدروز للخدمة في الجيش الإسرائيلي، وهي نسبة أعلى عند المقارنة بالسكان اليهود في إسرائيل، وأيضا بالنسبة للسكان المسلمين والمسيحيين فيها والذين يعارضون الخدمة العسكرية إلى حد كبير.

ويبدو قائد الشرطة عماد حسن – الذي يشغل أعلى رتبة يتولاها درزي في الشرطة الإسرائيلية – شخصا قويا يتسم بالصرامة ذا جسم قصير وممتلئ، وهو يرتدي الزي الأخضر الداكن المميز لشرطة الحدود الإسرائيلية، ويتحدث باللغة العبرية عن الدور الذي يقوم به الدروز في جهاز الشرطة.

ويقول حسن من داخل مكتبه بجنوبي إسرائيل "إن إسرائيل هي بلدنا ونحن جزء لا يتجزأ منها، ونحن نحمي ديارنا".

ويصف الكثيرون العلاقة بين الدروز ويهود إسرائيل بأنها "عهد أو أواصر الدم"، وهذه العلاقة أدت إلى ارتقاء الدروز إلى المراتب العليا في القطاعات الأمنية والسياسية والتجارية بالمجتمع الإسرائيلي، بينما أدت إلى دق إسفين بين الدروز والغالبية من المواطنين العرب في إسرائيل.

واتضح هذا الانقسام مؤخرا عندما قام بضع آلاف من عرب إسرائيل بمسيرة في الشوارع لتشييع جنازة الفلسطينيين الثلاثة الذين قتلوا الشرطيين من دروز إسرائيل، وأشاد الكثيرون من المشيعين بالمهاجمين ووصفوهم بأنهم أبطال دافعوا عن المسجد الأقصى ضد الاحتلال الإسرائيلي.

ورفضت حنان الزغبي النائبة بالكنيست عن عرب إسرائيل والمنتمية لحزب "بلد"، أن تقدم التعازي لأسر رجلي الشرطة الدروز الذين قتلا.
وقالت الزغبي في بيان نشرته على صفحتها على فيسبوك "نحن نطبق معيارا وطنيا على الدروز العرب، بمعنى إننا نعلن أن أفرادهم مسؤولون عن قتال أهلهم، والهوية الدرزية لا تعفيهم من المسؤولية".

ويقول إتامار راداي الباحث بمركز موشيه ديان بجامعة تل أبيب إنه يمكن تتبع بداية هذا الانقسام بين الطائفتين بالرجوع إلى عام 1956، عندما توصل قادة إسرائيل وقتذاك إلى اتفاق مع الزعماء الدينيين لطائفة الدروز تقضي بتجنيد شبابها في الجيش.

ويضيف راداي "يمكن النظر إلى عام 1956 كنقطة اللاعودة، عندما فرضت إسرائيل التجنيد الإجباري على الدروز بعكس ما حدث مع العرب، كما فصلت إسرائيل الدروز إلى طائفة دينية مختلفة عن المسلمين بإنشاء محاكم دينية خاصة بها".

وأشار راداي إلى أن كثيرا من الدروز عارضوا هذا الاتفاق بالفعل، ولكن بمرور الزمن بدأوا في تقبله.
ويعيش نحو 23 ألفا آخرين من الدروز في مرتفعات الجولان، وهي هضبة استراتيجية مهمة استولت عليها إسرائيل في حرب الشرق الأوسط عام 1967، وضمتها السلطات الإسرائيلية في وقت لاحق في خطوة لم تلق اعترافا دوليا.

وهؤلاء الدروز الذين يعيشون في الجولان لا يحملون الجنسية الإسرائيلية، ويرفضون التجنيد في الجيش الإسرائيلي لأنهم يرون إلى حد كبير أنهم يحملون الهوية السورية، ولكن مع تفاقم الحرب الأهلية السورية، يتردد أن أعدادا أكبر من دروز الجولان اتجهوا للحصول على الجنسية الإسرائيلية.

وخلال العقود الماضية بدا أن الرابطة بين اليهود والدروز توثق عراها، ويبدو ذلك من خلال الكلمة التي ألقاها رئيس الشرطة الإسرائيلية رامي برشياهو أمام والدي الجنديين الإسرائيليين الدرزيين اللذين قتلا في يوليو الماضي، واللذين كانا في حالة حداد، " إن اشتراكنا في المصير وأواصر الدم والحياة يعد حجر زاوية لوجودنا داخل دولة إسرائيل".
ومن جانبه اقتفى القائد حسن نموذج والده كمال، وهو أول ضابط شرطة درزي يصل إلى رتبة قائد.

وقاد حسن عمليات في غزة والقدس، وذات مرة قام بالتحقيق مع فلسطيني انتحاري كان يهدد بتفجير نفسه، ويرأس حسن الآن قسم المنطقة الجنوبية لشرطة الحدود الإسرائيلية، وتمتد سلطاته على مساحة تغطي ثلثي دولة إسرائيل تقريبا.

ومع ذلك فإن صدى المعارضة الأولية للدروز منذ أكثر من 60 عاما لا تزال تسمع بين أقلية من الطائفة، مثل المحامي والناشط يامين زيدان.
ويقول زيدان "إن إسرائيل تعلم شبابنا القتال بدلا من العلوم الأكاديمية، وهم يسعون إلى فصل الدروز عن الفلسطينيين".

بينما يقول حسن إن العلاقة بين المسلمين والدروز في إسرائيل جيدة نسبيا، ولكنه يضيف إن اللغة المشتركة التي يتشارك بها مع الفلسطينيين لا تسهم بكثير في تحسين علاقته معهم.
ويضيف حسن وهو جالس بمكتبه في قيادة شرطة الحدود للمنطقة الجنوبية حيث توجد صورتان معلقتان خلفه للرئيس الإسرائيلي ورئيس الوزراء "إنني لا يهمني ما يفكر فيه الشخص الفلسطيني بشأني".
وبضيف "إن الفلسطيني يفكر بطريقة معينة، وأنا أعلم إنني أرتبط تماما بدولة إسرائيل".

فيديو قد يعجبك: