إعلان

هل تتحول معركة تحرير تلعفر من نزهة عسكرية إلى مستنقع سياسي بالعراق؟

05:19 م الجمعة 04 أغسطس 2017

معركة تحرير تلعفر

العراق - (د ب أ):

يترقب العراقيون انطلاق عملية عسكرية جديدة لتحرير قضاء تلعفر، آخر معاقل تنظيم داعش في محافظة نينوى، بعد أن نجحت خلال تسعة أشهر في تطهير غالبية مناطق المحافظة.

وتشير المعطيات على الأرض إلى أن القطعات العسكرية العراقية أقرب اليوم للتوجه صوب قضاء تلعفر -60 كيلومترا غربي الموصل- مركز محافظة نينوى لتحريرها من سيطرة تنظيم داعش.

وتحدث رئيس الوزراء العراقي القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي في خطب متعددة عن العملية العسكرية في تلعفر، مؤكدا أنها "باتت قريبة" فيما ذكرت مصادر عسكرية أنها ستنطلق قبيل شهر سبتمبر المقبل رغم استكمال كل التحضيرات من جميع النواحي العسكرية واللوجستية .

وعلى أي حال فالعملية العسكرية متوقعة والقوات العسكرية متأهبة ومستعدة بعدما اكتسبت خبرة قتالية عالية وأمامها مهام كبيرة، بالإضافة إلى تلعفر فهناك مناطق أخرى لا تزال تحت سيطرة داعش في الحويجة ومناطق أعالي الفرات في الرطبة والقائم وعانة وهيت وراوة، وأجزاء من قضاء الشرقاط.

ويقع قضاء تلعفر شمال غربي العراق ويتبع إداريا محافظة نينوى ويقدر عدد سكانه بنحو 205 ألاف نسمة، حسب تقديرات عام 2014 وتقطنه أغلبية من التركمان السنة والشيعة وتمثل نسبة الشيعة فيه حوالي أكثر من 60%.

وقال الرائد سالم غنام العبادي مسؤول تجهيز وإعداد الوحدات العسكرية في الجيش العراقي في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية: "بعد الانتهاء من عمليات تحرير الساحل الأيمن لمدينة الموصل تم إعداد القوات العسكرية وتجهيزها بمختلف المعدات القتالية المتطورة للمعركة القادمة التي لم تحدد وجهتها لغاية الآن، إلا أنها ستكون على الأرجح باتجاه تلعفر، آخر معاقل داعش في محافظة نينوى".

وأضاف "أن القوات التي سوف تشارك في معركة تلعفر، هي النخبة من جهاز مكافحة الإرهاب والرد السريع والقوات المدرعة من الفرقة التاسعة وجهاز الشرطة الاتحادية، بمساندة مباشرة من قوات الحشد الشعبي والحشود القتالية العشائرية الأخرى".

وذكر الضابط العراقي "بأن القيادات العسكرية العليا المكلفة بعمليات تحرير قضاء تلعفر أنهت الخطط الخاصة بهذه العمليات، وإعداد التقارير عن استعداد القوات التي سوف تشارك بها وجهوزيتها القتالية، وإرسالها إلى القائد العام للقوات المسلحة العراقية ليقرر استنادا لها الهدف القادم للقوات".

وسيطر تنظيم داعش في 15 يونيو 2014 على قضاء تلعفر بعد انسحاب القوات العراقية المتمركزة فيها نحو إقليم كردستان العراق، ونزوح الآلاف من السكان إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات البيشمركة الكردية.

وذكر المقدم عامر ذياب الأسود مسؤول الوحدة الاستخباراتية في الجيش العراقي "أن معركة تحرير تلعفر من سيطرة داعش ستكون في غاية السهولة، بسبب انهيار معنويات عناصر تنظيم داعش بشكل تام بعد خسارة مدينة الموصل التي تعد مركز ما يسمى بدولتهم في العراق والشام، ومحاصرتهم منذ فترة طويلة وهم يتلقون ضربات عسكرية يوميا بالليل وبالنهار، سواء من قبل القوات الجوية العراقية أو من قبل طيران التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، وإن طردهم من قضاء تلعفر الآن لم يعد بالأمر الصعب، وهو مسألة وقت لا أكثر".

وقال"وفق المعلومات الاستخباراتية المتوفرة لدينا إن عدد مقاتلي تنظيم داعش في قضاء تلعفر يتراوح ما بين 2500 إلى 3000 مقاتل أغلبهم وبنسبة 90 % من المحليين، أي سكان القضاء،ويعتمدون في الغالب على العبوات الناسفة والبراميل المتفجرة و تفخيخ المنازل، كذلك يمتلكون شبكة من القناصة لإعاقة تقدم القوات نحو هدفها المنشود، وإن التقارير الاستخباراتية تشير إلى أن التنظيم قد جهز 45 عجلة مفخخة لاستهداف القوات فور هجومها على القضاء وان هذه المعلومات وصلت الى الجهات المعنية البرية والجوية لمعالجتها".

وأوضح"أن عوامل كثيرة تصب في صالح القوات العراقية في معركة تلعفر، منها تضاريس قضاء تلعفر التي تسمح بتقدم الدبابات والمدرعات في عمق المدينة، والعدد القليل للمدنيين الذين يسعى تنظيم داعش لاتخاذهم دروعا بشرية، لإطالة أمد المعركة واستنزاف القوات المهاجمة فضلا عن الخبرة القتالية التي اكتسبتها القوات العراقية بعد سنوات من القتال على طريقة حرب الشوارع، والتي كانت آخرها وأصعبها مدينة الموصل واستطاعت تلك القوات رغم الصعاب والمعوقات إحراز النصر بها وتكبيد التنظيم خسائر فادحة في الأرواح والمعدات".

واستطاعت القطعات العسكرية العراقية المشتركة من قطع الطرق جميعها التي تربط بين الموصل وتلعفر، وفرض طوق مشدد على التنظيم داخل قضاء تلعفر، إذ أن القوات الكردية باتت تسيطر على الحدود الإدارية الشمالية للقضاء، بينما تسيطر قوات الجيش العراقي والحشد الشعبي على حدوده الإدارية الجنوبية.

وقال قائد عمليات نينوى اللواء نجم الجبوري في تصريح صحفي نحن "أكملنا استعداداتنا لاقتحام تلعفر، وبانتظار إعلان ساعة الصفر من قبل رئيس الوزراء العراقي".

وأضاف: "لا أعتقد بأن معركة تلعفر ستستغرق طويلا بل ستحسم بوقت قياسي قصير، بعد أن انهار التنظيم".

وبعيدا عن مسرح العمليات العسكرية وجهوزية القوات العسكرية، يرى المراقب للشأن الأمني الدكتور صالح عبد العزيز الوردي "أن معركة قضاء تلعفر صعبة للغاية، وأن صعوبتها تكمن في شقها السياسي، وليس العسكري، بسبب أن القضاء يقطنه الآن سكان من القومية التركمانية ذات المذهب السني والشيعي. وأن القوات المهاجمة الأساسية والتي تقف على تخوم القضاء هي قوات الحشد الشعبي المعروفة بانتمائها للمذهب الشيعي، وأن هناك أطرافا إقليمية كتركيا ومحلية كممثلي المكون السني في العملية السياسية سوف يدخلون على خط المواجهة في حال لم تسارع الحكومة العراقية باستبدال القوات المكلفة بعمليات التحرير، ما يعني أن بقاء الوضع على ما هو عليه الآن سيعقد من حسم المعركة، وسيجعلها كر وفر وما التجربة السورية واليمنية ببعيدة عن هذا الواقع".

وأَضاف صالح الوردي "لابد من إنهاء الخلافات السياسية، وحل المشاكل بين الساسة وترتيب الأوراق الداخلية والخارجية، قبل الشروع بعمليات تحرير قضاء تلعفر. وفي حال جرى تصفية جميع الأوراق والوصول إلى صيغة حل ترضي الأطراف التي لها مصالح في القضاء، فان المعركة سوف تنجز بوقت قياسي وستكون نتائجها الإيجابية واضحة للعيان، خاصة فيما يتعلق بالحفاظ على أرواح المدنيين العزل والقوات العراقية والبنى التحتية".

وأضاف "أن الاحداث ومستجداتها على الساحة العراقية تبين أن القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي قد يتريث بعض الشيء بإطلاق ساعة الصفر لتحرير تلعفر، وهو يعي ما يفعل بانتظار حسم بعض الملفات العالقة وتهيئة الأرضية المناسبة لإطلاق مثل هذه العملية، التي تقوم على جزئيات وأسس طائفية لذا فان التعامل معها يجب أن يكون بحذر شديدومدروس من كل الجوانب لمنع الوقوع في مستنقع، قد يكون الخروج منه بغاية الصعوبة، وبحاجة إلى سنوات والكثير من الأرواح والأموال".

ويتبع قضاء تلعفر ثلاث نواحٍ وهي ربيعة التي تسكنها عشيرة شمر، وزمار تتكون من 78 قرية منها 49 قرية عربية و29 قرية كردية، والعياضية التى يسكنها خليط من التركمان والعرب وعدد قليل من الأكراد في القرى التابعة لها، حيث تتواجد عشيرة الجرجرية الكردية في قرى الناحية.

وشن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة غارات جوية داخل تلعفر وحولها، مما مهد الطريق للقوات العراقية لتقتحم المدينة، بعد أن تنظم صفوفها استعدادا للمعركة المقبلة.

وقال المواطن التركماني غونيش جان أوزدن 55عاما "خرجت من قضاء تلعفر مع أفراد عائلتي المكونة من تسعة أفراد، وبعد رحلة شاقة وصلت إلى ناحية ربيعة".

وأوضح "أن الكثير من قادة التنظيم وعناصره البارزين هربوا عبر الممرات الصحراوية نحو الحدود السورية، وأن هروبهم كان يحدث على أيدي مختصين بعمليات التهريب مقابل مبالغ مالية ضخمة جدا".

وذكر أن "الخطباء المنتمين للتنظيم حرصوا في الآونة الأخيرة على جعل خطبهم تحريضية حماسية لشحذ الهمم ورفع المعنويات. فكانوا يؤكدون على ضرورة التطوع في صفوف التنظيم وحمل السلاح لكل من يستطيع ذلك، لمواجهة القوات العراقية والعمل على إعاقتها، إلا أنه في المقابل لا أحد كان يستجيب لنداءاتهم المتواصلة حتى غدوا يكررون خطبهم على مدار ساعات النهار، وبعض ساعات المساء".

فيديو قد يعجبك: