إعلان

قصة صحفية سويسرية تركت بلدها للعيش في تونس

01:35 م الإثنين 23 أكتوبر 2017

مورين ميرسييه

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

إعداد- رنا أسامة:

استعرض موقع "سويس انفو" قصة صحفية سويسرية لامِعة، حصدت جوائز عِدة في بلدها وأنجزت أعمالًا مُتميزة، لكن عشقها للثقافة العربية الإسلامية وتبحّرها في بحور تلك الثقافة كان دافعًا قويًا للتخلّي عن كل ذلك المجد ومُغادرة بلدها للإقامة في تونس، حيث تعمل مراسلة حرة للقناتين الفرنسيتين للتليفزيون والإذاعة العموميين السويسريين (RTS) ولوسائل إعلامية أخرى، وتتنقل من تونس إلى ليبيا لتغطية التطورات هناك.

وفسّرت الصحفية مورين ميرسييه سبب إقدامها على العيش في بلد صغير لا تتحدّث لغة أهله، في حوار أجرته مع الموقع السويسري، قائلة "جئت إلى هنا في مايو 2016، بعد عملي في القسم الدولي للقناة الفرنسية للإذاعة العمومية السويسرية، وهو ما أتاح لي متابعة الأحداث العالمية، ومنها عمليتي (شارلي إبدو) و(سوبر كاشير)، وهي أحداث تُسببُ كوابيس. لكنني حرصتُ على عدم الإنجرار إلى الخلط بين المسلمين والإرهابيين، فهذا اللبس خاطئ وخطر، لا سيما أن صديقتي المُقرّبة تونسية الجنسية، وزاولنا الدراسة معا".

وأوضحت مورين، المنحدرة من أب سويسري وأم كندية من كيبيك، أن اختيارها لتونس على وجه الخصوص جاء مدفوعًا برغبتها في "العيش في البلدان التي تعنيها بشكل شخصي"، مُشيرة إلى أنها اتخذت من هذا البلد قاعدة لزيارة ليبيا وتغطية الأحداث هناك، واصفة إيّاه بأنه "بلد منسي". وقالت "بالرغم من أن السفر إلى ليبيا عملية مُعقدة وشاقة، فهي ضرورية لأن الناس المحاصرين في الداخل لا يتحدث عنهم إلا قليل من الناس".

ونوّهت الفتاة الحالمة، القادمة من لوزان، إلى أن انتقالها للعيش وسط أجواء صراع في البداية أثار خوف وقلق أسرتها، "إذا نظرتُ إلى المحيط الصغير حولي، وكلهم مُتعلمون، فإنهم كانوا خائفين علي، وكنتُ أطمئنهم إلى أنني ذاهبة إلى تونس فقط"، مُشيرة إلى أن الوضع تبدّل الآن حتى أنهم يودّون زيارتها، قائلة "أما اليوم فرُبما علي أن أعدَ لهم الأسرَة لاستقبالهم في بيتي".

وبيّنت مورين -التي تهوى التصوير الشمسي- أن ولعها بتغطية ما يجري بمناطق الصراع في العالم، مثل أوكرانيا وليبيا، يرجع إلى أن والدها أرضعها فكر جون موني، المدافع البارز عن السلام منذ نعومة أظافرها، لافتة إلى أن عملها في القسم الدولي بالتليفزيون تزامن مع سلسلة التفجيرات التي عرفتها أوروبا، والتي شوّهت صورة المسلمين، من دون إعطاء فرصة لهؤلاء للدفاع عن أنفسهم. وتُعلّق على تلك الفترة الدقيقة والمُعقدة بقولها "اعتبرتُ أن من وظيفة الصحفي إعطاء الكلمة لهؤلاء، ومن شأن هذا العمل الإعلامي أن يُقيم جسرا بين الغرب والعالم الاسلامي من خلال إعطاء الكلمة لهؤلاء وأولئك".

وبينما تعيش مورين بين تونس وليبيا، أكّدت أنها لم تشعر بفوارق بين تعاطي التونسيين وتعاطي الليبيين معها، قائلة "بوصفي امرأة كنتُ أزور البيوت في ليبيا بلا حواجز، بينما كان المنتج المرافق لي يبقى خارج البيت. وما أن تستقر الثقة بيننا حتى أشعر أن لدى من أحاورهم (أو أحاورهنَ) كثيرًا من الأشياء التي يودون قولها، والتي أجهلها بحكم معرفتي البسيطة بالبلد. وفوجئتُ بأن بعض الشبان وبعض الثوار في طرابلس يُجهشون بالبكاء أمامي ويقولون لي إنهم لا يجرؤون على البكاء أمام زوجاتهم".

ومضت مورين شارحة "أن تكوني امرأة هو ميزة عندما تُعدين تقارير صحفية من ليبيا، ففي أجواء التوتر يكون الحذر من المرأة أقل من الحذر من الرجل. وأنا أحترم الأعراف والقوانين الاجتماعية، فعندما أتواجد في مصراتة أحرص على تغطية شعري وارتداء ثياب فضفاضة. أما في تونس فأتصرف بكامل الحرية والأريحية". مُشيرة إلى أن الشاب الليبي الذي كان يُرافقها كان يقوم بدور المترجم.

وشدّدت مورين على أن شعورها بأن "الصحفي هو حلقة الوصل بين الثقافات"، وأنه يقع على عاتقه مسؤولية "تعريف أبناء الحضارتين ببعضهما البعض، ولو في إطار ثقافي"، هو السبب وراء استمرار بقائها في تونس. وقالت "أنا الآن أتعلم كثيرا كل يوم عن طريق الناس العاديين رجالا ونساء". أما عن طبيعة المرحلة المقبلة، فتقول "أحبُ أن أبقى هنا. أن أغرق في الجزئيات. أشعر أن هناك أشياء كثيرة علي أن أكتشفها عن الاسلام والحركة النسوية.. أرغب في تغطية كامل هذه المنطقة من المغرب إلى ليبيا".

وعزت تعلقها بالمنطقة المغاربية إلى ما أسمته "نوعًا من الكهرباء التي تسري فيك بعد هبوب رياح الربيع العربي". مُشيرة إلى أن ولعها بهذه المنطقة لا يقتصر على الأبعاد الثقافية والاجتماعية والمهنية، وإنما تساهم فيه أيضًا عناصر أخرى منها اعتدال المناخ والموقع الجغرافي، وما يستتبعه هذا الموقع من رهانات استراتيجية.

وعلاوة على أجواء الطقس المتميزة هناك، أوضحت مورين أن المؤسسة الإعلامية التي تعمل معها تطلب منها باستمرار مواكبة التطورات في المنطقة المغاربية، وخاصة ملف "الهجرة من جنوب المتوسط باتجاه سواحل أوروبا الجنوبية." وفي هذا الإطار تتنوع الأشكال الصحفية التي تتوخاها مورين، لكنها في معظم الأحيان تتركّز على تقارير عن الأحداث والتطورات في تونس وليبيا، بينما تنقل الأحداث بواسطة الميكروفون وكذلك بواسطة كاميراتها الخاصة.

فيديو قد يعجبك: