إعلان

من خفايا اغتيالات الموساد: محاولة إجهاض برنامج صواريخ جمال عبدالناصر

08:21 م الأحد 04 فبراير 2018

اغتيالات الموساد

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - عبدالعظيم قنديل:

تناولت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية في تقرير لها، مقتطفات من كتاب "النهوض والقتل، إسرائيل وعمليات القتل السرية للموساد"، والذي أبرز فيه الباحث والصحفي الإسرائيلي رونين بيرجمان ذعر إسرائيل من البرنامج الصاروخي المصري في ستينيات القرن الماضي.

ويقول بيرجمان في كتابه، إن إيسر هاريل، مدير المخابرات الإسرائيلية السابق، وضع "الموساد" بأكمله في حالة قلق وطوارئ غير مسبوقة بحثًا عن معلومات جديدة بشأن برنامج الصواريخ المصري.

وكشف الباحث الإسرائيلي أن عناصر "الموساد" بذلت جهودًا كبيرة لاختراق السفارات المصرية في أوروبا آنذاك، حيث تمكنوا أيضًا من استغلال أحد موظفي شركة "مصر للطيران" في العاصمة السويسرية زيوريخ، بهدف الحصول على وثائق تكشف عن الدولة الأوروبية التي قد تستعين بها مصر في تطوير برامجها الصاروخية.

ووفقًا للكتاب، سمح الموظف لعناصر الموساد بأن يُجمعوا "الرسائل البريدية" ليلاً مرتين في الأسبوع إلى منزل آمن، ويتم فتحها، ثم نسخ محتوياتها، ويقوم خبراء متخصصون بإغلاقها مرة أخرى دون ترك أي بصمات تكشف أنه تم العبث بها، وبالتالي، وبعد فترة قصيرة، كان لدى الاستخبارات الإسرائيلية فهم أولي لمشروع الصواريخ المصري.

واستعانت مصر في بدية المشروع باثنين من العلماء الألمان المعروفين، وهما يوجين سانجر وولفجانج بيل، والذين لعبوا أدوارًا رئيسية في مركز أبحاث "بينيموند"، التابع للجيش الألماني، وانضما إلى معهد بحوث الفيزياء الدفع النفاث، في شتوتجارت عام 1954.

واكتشف الموساد حينها، تقرب العالمان الألمانيان من الرئيس المصري جمال عبدالناصر عام 1959 وقتها، وعرضا تجنيد وقيادة مجموعة من العلماء لتطوير صواريخ بعيدة المدى. ووافق "عبدالناصر" على تعيين أحد أقرب مستشاريه العسكريين، العميد عصام الدين محمود خليل، مدير المخابرات الجوية السابق ورئيس قسم البحث والتطوير في الجيش المصري، لتنسيق البرنامج.

وبحسب الكاتب، أنشأ خليل للبرنامج الصاروخي المصري فرعًا منفصلاً عن بقية الجيش للعلماء الألمان الذين وصلوا لأول مرة إلى مصر في أبريل 1960، تمهيدًا لوصول يوجين سانجر وولفجانج بيل إلى مصر رفقة أكثر من 35 عالمًا وفنيين ألمان ذوي خبرة أواخر عام 1961.

إلا أنه بمجرد أن وصلت بعض الأخبار إلى الموساد، سارع إيسر هاريل، في 16 أغسطس 1962، إلى مقابلة رئيس الوزراء الإسرائيلي دايفيد بن جوريون، مطلعًا إياه على وثيقة من حقائب البريد المصرية الاستخباراتية التي تم تصويرها في زيوريخ.

ووصف الباحث الإسرائيلي شعور قيادة إسرائيل بالصدمة والذعر الشديدين، فضلًا أجواء الخوف التي أثارتها الوثيقة بين الخبراء الإسرائيليين من أن الهدف الحقيقي للمصريين هو تسليح الصواريخ مع المواد الكيميائية المشعة والكيميائية الرؤوس الحربية النووية.

وعلى الفور، أمر بن جوريون بانعقاد اجتماع طارئ للمجلس الوزاري المصغر لشؤون السياسة والأمن، المعروف باسم "الكابينيت"، وفق الكتاب الذي أوضح أن مدير الاستخبارات الإسرائيلية كان لديه خطة تعتمد على التخلص على العلماء الألمان، لأنه بدونها، سوف ينهار المشروع.

وفي نهاية أغسطس، ذهب هاريل إلى أوروبا لوضع خطته موضع التنفيذ، حيث استدرج الموساد أحد العالمين الألمان عبر الاتصال بمنزل أحدهم في ميونيخ، والادعاء بأنه يتحدث نيابة عن العقيد سعيد نديم، مساعد اللواء محمود خليل، وأنه يرغب في لقاءه "على الفور، في مسألة مهمة".

وقام بتلك المحادثة الخادعة أحد موظفي "الموساد"، الذين لديهم أصول عراقية، والذي كان يذهب إلى المدارس العادية في بغداد، مع المسلمين، ولذا تمكن بسهولة من التنكر لسنوات، خدم الموساد في القدرة التشغيلية ضد الأهداف العربية، ولذا لم يشك فيه العالم الألماني هانز كروج للحظة واحدة.

وفي اليوم التالي، ذهب هانز كروج للقاء مساعد اللواء محمود خليل بأحد الفنادق في ميونخ، حيث انتظره ثلاثة ناشطين داخل الغرفة، ومن ثم فاجأوه ببعض الضربات قليلة، وكمموه وربطه، وفق الكاتب الإسرائيلي الذي كشف عن نقل العالم الألماني على متن طائرة مهاجرين من شمال أفريقيا اليهود إلى إسرائيل.

وفي الوقت نفسه، أطلق الموساد عملية تضليل واسعة النطاق، مع رجل يشبه كروغ ويحمل وثائق باسمه يسافر في جميع أنحاء أمريكا الجنوبية، مما ترك ورقة تشير إلى أن كروغ كان ببساطة أمسك المال وهرب من مصر و المتعاونين، في حين قامت الاستخبارات الإسرائيلية بإشاعة أنباء عن تشاجر كروج مع اللواء خليل، والذي على إثر ذلك تم اختطافه وقتله.

وفي إسرائيل، سُجن "كروج" في غرفات "الموساد" السرية، وتعرض للاستجواب القاسي، رغم صمته في البداية، لكنه سرعان ما بدأ يتعاون، وعلى مدى عدة أشهر، "حقق ثمارًا كثيرة"، وفقًا لتقارير الاستخبارات الإسرائيلية التي استفادت من خبرته في بناء صورة عن أدق تفاصيل البرنامج الصاروخي المصري.

فيديو قد يعجبك: