إعلان

كيف وقعت الولايات المتحدة في أزمة بعد سقوط داعش في سوريا؟

04:10 م الجمعة 23 فبراير 2018

ارشيفية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - إيمان محمود:

قالت شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية، إنه بينما وصلت الحرب ضد تنظيم داعش في سوريا إلى نهايتها، فإن الصراع المتأجج في سوريا أصبح على حافة الهاوية.

فقد ازدادت الخلافات بين تركيا والولايات المتحدة، بسبب دعم واشنطن للجماعات الكردية المسلحة في سوريا، والاعتماد عليها في الحرب ضد داعش، مع تصاعد هجمات أنقرة على الأكراد في عفرين الواقعة على الحدود السورية التركية، بحسب الشبكة الإخبارية.

وتشن القوات التركية عملية عسكرية ضد الأكراد منذ 20 يناير الماضي، والتي أطلقت عليها اسم "غُصن الزيتون"، بهدف إبعاد وحدات حماية الشعب الكردية عن الحدود التركية.

وترى أنقرة أن وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا هي امتداد لحزب العمال الكردستاني في تركيا، الذي يكافح منذ عام 1984، من أجل الانفصال عن الدولة، وهذا ما تنفيه القوات الكردية، كما تنفي التواصل مع حزب العمال، الذي تعتبره تركيا منظمة إرهابية.

وقد نفذ صبر تركيا؛ عندما أعلن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة خططه لدعم وتدريب قوة أمنية قوامها 30 ألف جندي معظمهم من وحدات حماية الشعب الكردية ليتم نشرها على طول الحدود التركية، في شمالي سوريا.

وترى الشبكة الأمريكية، أن الخلاف بين تركيا والولايات المتحدة قد يؤدي إلى وضع واشنطن في موقف محفوف بالمخاطر، حيث أن الدولتين أعضاء في حلف شمال الأطلسي "ناتو".

"زواج مصلحة"

ونقلت الشبكة الأمريكية عن أماندا سلوت، وهي باحثة في مركز أبحاث مؤسسة بروكنجز، ومقرها واشنطن، قولها إن الولايات المتحدة قد تكون لها علاقات بين الجانبين، لكنها لا تتعمد اللعب مع الطرفين.

وأشارت سلوت إلى أن: "السوريين كانوا أكثر اهتمامًا بمقاتله الأسد أكثر من مقاتلة تنظيم داعش".

وبحلول عام 2014؛ كانت الولايات المتحدة بحاجة إلى الوحدات الكردية لمقاتلة تنظيم داعش، إذ كان الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لا يريد تواجد قوات عسكرية أمريكية كبيرة في سوريا، ما دفعه لهذه الشراكة.

وعلى الرغم من أن هذه الشراكة قد حظيت باعتراضات من أنقرة، لكن وزارة الخارجية الأمريكية حاولت طمأنة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن التعاون كان "مؤقتًا فقط".

وفي ذلك الوقت، كانت تركيا أكثر اهتمامًا بإنشاء منطقة حظر جوي على طول الحدود التركية السورية، كما اختلفت انقرة مع الولايات المتحدة حول القوى التي ستنشرها على الحدود.

وقالت سلوت "في ظل هذه الظروف، ظهرت وحدات حماية الشعب كشركاء مثاليين للحرب ضد داعش"، مضيفة "لقد قامت الولايات المتحدة باختيار المُتاح وليس الأفضل".

وأضافت أن الولايات المتحدة استطاعت أن تقنع أنقرة طوال السنوات الماضية بالخطر الأكبر "داعش".

واتفق بولنت علي رضا، مدير مشروع تركيا في مركز الأبحاث للدراسات الاستراتيجية والدولية، على أن قضية داعش طغت على مخاوف أنقرة في البداية.

وقال رضا "يمكن تقسيم النشاط الأمريكي في سوريا إلى ما قبل وبعد ظهور نشأة داعش، في البداية، أرادت الولايات المتحدة إسقاط الأسد، وبالتالي تسعى إلى التعاون مع تركيا، ولكن في عام 2014، تطور الوضع إلى التركيز فقط على هزيمة داعش، مما يعني التعاون مع وحدات حماية الشعب على الأرض".

مع توافق عام في الآراء بين المجتمع الدولي على أن داعش هزمت بشكل أساسي في سوريا، فإن الولايات المتحدة لم يعد لديها الرفاهية لتعليق تلك القضية، بحسب الشبكة الأمريكية.

"تناقض أمريكي"

وقال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، ووزير الدفاع جيمس ماتيس، رسميًا وعلنًا إن الولايات المتحدة ستواصل البقاء في سوريا للعمل على تحقيق الاستقرار وضمان عدم عودة الجماعات المتطرفة "داعش" إلى الظهور في المنطقة، ما يعني "استمرار الشراكة الأمريكية مع وحدات حماية الشعب".

وأشارت الشبكة، إلى أن عقلية الولايات المتحدة تستند جزئيًا إلى الخبرة في الحروب بالعراق وأفغانستان، حيث تراجع أكبر اقتصاد في العالم من تلك البلدان بعد تحقيق الأهداف العسكرية والأمنية الأولية، وبدون أي خطط ملموسة لتحقيق الاستقرار في تلك المناطق، بل تسببت القوات الأمريكية في انعدام الأمن وزعزعة الاستقرار.

وبدون حرب عاجلة ضد الإرهاب في المنطقة، ستكون واشنطن مضطرة لتبرير تحالفها مع الميليشيات الكردية لحليفتها ف الناتو "أنقرة"، بحسب الشبكة.

وقال سلوت إن تركيا ترى أن هذه الشراكة ضمانة امنية امريكية لوحدات حماية الشعب وانشطتها في المنطقة، ومن جهة أخرى، ترى الولايات المتحدة وجودها هامًا لمواجهة النفوذ الإيراني ودعم المناطق المحررة.

وأدى الإعلان عن خطة الولايات المتحدة لبناء قوة أمن حدودية بالقرب من الحدود التركية إلى انتقام أردوغان: من خلال "عملية غُصن الزيتون"، وهو في الأساس هجوم من القوات التركية على الجيوب الكردية في شمال سوريا لإجبار وحدات حماية الشعب على الخروج من منطقة الحدود.

وقال سلوت "ما حدث في عفرين دفع تناقضات السياسة الأمريكية إلى الواجهة". مؤكدًا أن "التحرك لبناء قوة أمنية حدودية دفع تركيا إلى مزيد من التشكيك في الولايات المتحدة وتعاونها مع وحدات حماية الشعب".

"الفائز الأكبر في عفرين"

قالت الشبكة الأمريكية، إنه قد يكون أحد اللاعبين الرئيسيين في المنطقة خلف الصراع الجاري، ويرى العديد من الخبراء أن القوة الحقيقية في سوريا هي روسيا الحليف القوي للرئيس السوري بشار الأسد، والمؤيد الأساسي له في المجتمع الدولي، إذ يفوق نفوذ موسكو في المنطقة، نفوذ الولايات المتحدة.

وأضافت "موسكو تسمح باستخدام تركيا للمجال الجوي الذي تسيطر عليه في "غصن الزيتون"، وفي نفس الوقت تتوسط لعقد صفقة مع وحدات حماية الشعب التي قد تؤدي في النهاية إلى توسيع نفوذ بشار الأسد".

وربما لم يكن من قبيل الصدفة؛ أن تسحب موسكو قواتها من عفرين قبل أن تبدأ تركيا عمليتها العسكرية، بحسب الشبكة الإخبارية.

وقال علي رضا "إن روسيا ستحقق مكاسب من التحالف بين القوات الكردية والأسد".

وحاولت موسكو التفاوض على اتفاق مع الأكراد السوريين في يوليو 2017، على أن تقدم حماية لهم إذا سلموا عفرين إلى الأسد، لكن الأكراد رفضوا هذا العرض في ذلك الوقت، قبل أن تصبح أملهم الآن في الخلاص من الهجمات التركية.

ويرى علي رضا، أن موسكو وراء ما يحدث للأكراد في عفرين، بعد أن سمحت لتركيا استخدام المجال الجوي للمنطقة الحدودية التي تسيطر عليه موسكو؛ وذلك من أجل إجبارهم على تسليهم المنطقة للأسد.

"اخماد النيران"

وأكد علي رضا للشبكة الأمريكية، أن المخاوف من أن تنسحب أنقرة وحلفائها من عضوية حلف الناتو، قد تكون سابقة لأوانها في الوضع الحالي.

وأضاف "إنها ليست مسألة تضحية تركيا بعضويتها في الناتو من أجل حربها ضد وحدات حماية الشعب، بل أن تركيا تستخدم الناتو لتذكير الولايات المتحدة بالتزامها كحليف".

وأكدت سلوت، أن البيانات التي تصدرها الولايات المتحدة لطمأنة تركيا، بالإضافة إلى المسؤولين الدبلوماسيين التي ترسلهم الإدارة الامريكية للتفاوض مع نظرائهم الأتراك، يظهران مدى اهتمام أمركيا بعلاقتها مع تركيا.

ولكن أولا، يجب على الإدارة الأمريكية أن تحل خلافاتها الداخلية قبل أن تعمل على حل الأزمة في سوريا، وحين أعلن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة عن خطط لقوات الأمن الحدودية، تراجع تيلرسون عن البيان، قائلاً للصحفيين "إن الوضع برمته قد تم تصويره بشكل خاطئ، ووصفه خطأ، ونحن لا ننشئ قوة أمن حدودية على الإطلاق."

كما قال القادة على الأرض إنهم يريدون مواصلة الشراكة مع وحدات حماية الشعب، ولن يغادروا مدينة منبج شمال سوريا، حتى بعد مطالب تركيا بأن تنسحب الولايات المتحدة.

وقالت سلوت "إن الولايات المتحدة تحتاج إلى خطة داخلية متماسكة لحل خلافاتها ومن ثم التوصل إلى خطة إقليمية لسوريا"، مضيفة أن "استئناف وقف إطلاق النار ومحادثات السلام بين تركيا وحزب العمال الكردستاني مهمة لحل الوضع ".

وأكد علي رضا "لم يتم حل التوترات بين تركيا والولايات المتحدة، ولكن تم تعليقها طالما أن تركيا لا توسع عملياتها إلى منبج .. حتى ذلك الحين، لا توجد مواجهة مباشرة بين حلفاء الناتو، ولا يزال الوضع يدار".

وعلى الرغم من أن وحدات حماية الشعب هي الحلفاء الأمريكيون على الأرض في سوريا، إلا أن الولايات المتحدة غير موجودة في عفرين حيث شهدت الجيوب الكردية اعتداءات تركية خلال الشهر الماضي، غير أن منبج يحمل مئات الجنود الأمريكيين.

وقال "اذا دخلت تركيا منبج فإن الوضع سيصبح أكثر صعوبة".

 

فيديو قد يعجبك: