إعلان

مأساة اليمن: أمريكا تحظر دخول مواطنيه بسبب "إرهاب" يقتلهم

08:38 م الأحد 18 فبراير 2018

مأساة اليمن

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب – محمد الصباغ:

في أحد الصباحات الهادئة في نوفمبر، كان خلدون غالب جالسًا أمام منزله في اليمن. ظهر مسلحان على دراجة نارية وأطلقوا النار على رأسه فأردوه قتيلًا. كان لا يحصل على راتبه بسبب الأزمة المالية في البلد الذي يمزقه الحرب الدائرة منذ سنوات، وبعد مقتله يحاول أخيه الخروج بما تبقى من عائلته من هذا الجحيم لكنه يصطدم بقرارات الإدارة الأمريكية بحظر السفر.

عمل خلدون، الذي بلغ عمره 37 عامًا لحظة مقتله، كحارس سجن حكومي. اشتكى لتوه إلى شقيقه من أنه لا يملك أي أموال حتى لشراء القات. دخل الأخ مأمون إلى منزل العائلة ليحضر بعض الأموال.

حين خرج من المنزل، كان خلدون غارقًا في دمائه. لقطة بحسب وصف مجلة "ذي إنترسبت" الأمريكية، باتت شهيرة بعدما نشرها تنظيم داعش الإرهابي وأعلن مسئوليته عن الهجوم.

حاول مأمون نقل شقيقه إلى المستشفى لكن بلا جدوى. أعلن الأطباء وفاة شقيقه.

وفي تقرير للمجلة الأمريكية، اليوم الأحد، انطلق الكاتب إلى مدينة نيويورك على بعد أكثر من 7 آلاف ميلًا من ميناء عدن اليمني. كان بالمدينة الأمريكية الكبيرة والد الشقيقين محمد غالب لا يصدق الأنباء التي وصلته. المواطن الأمريكي صاحب 73 عامًا هاجر إلى أمريكا في عام 2008، بعدما تزوجت إحدى بناته يمنيا-أمريكيا وانتقلا إلى ولاية ميتشجان.

قدم محمد غالب طلب من أجل إحضار ابنه خلدون إلى الولايات المتحدة في عام 2009. يمتلك الأب خمسة أبناء آخرين في اليمن، لكنه اختار خلدون لأن ابنه الأوسط كان أكثرهم حاجة للعمل.

وقال محمد: "كنت أنتظره وأنتظره لسنوات، حتى اليوم الذي وصلني فيه خبر مقتله". وفي تقرير "ذي إنترسبت"، جاء أن محمد جلس في مطبخه بمنزله في بروكلين، وأظهر على شاشة هاتفه صورة خلدون يحمل طفله الصغير. بكى الجد وقبّل شاشة الهاتف وتمتم: "ابني. ليس من السهل أن أتحدث عن هذا الأمر. يؤلمني ذلك كثيرًا".

يمكن أن يستغرق استخراج التأشيرات لأبناء المواطنين الأمريكيين أكثر من عقد زمني. وبعدما أجرى محمد غالب اختبار الحمض النووي (DNA)، وأجرى مقابلتين من أجل الهجرة، وانتظر لثماني سنوات، خرج الرئيس ترامب ليعلن حظر السفر في يناير 2017.

يمنع هذا الحظر دخول المواطنين من سبع دول ذات أغلبية إسلامية من بينها اليمن. وسمحت المحكمة العليا في الولايات المتحدة بصيغة جديدة من قرار الحظر في ديسمبر، لتوقف كل التأشيرات الصادر للمهاجرين اليمنيين.

بحظر السفر، باتت العائلات مثل أسرة غالب أسيرة للحرب التي قتلت الآلاف من وتسببت في كارثة إنسانية وجوّعت الملايين. ويشهد اليمن صراعًا بين جماعة الحوثي المدعومة من إيران والحكومة اليمنية المدعومة من التحالف بقيادة سعودية منذ بدايات عام 2015.

كما ينشط فرع تنظيم القاعدة في اليمن منذ عام 2009 وتستهدفه الولايات المتحدة بغارات تنفذها طائرات بدون طيار.

ويقول زياد ناجي، الناشط المجتمعي ونائب رئيس مؤسسة يمنية أمريكية في نيويورك: "سبب جزئي لعدم السماح لنا بدخول الولايات المتحدة على حد قولهم، هو أننا على علاقة بالإرهابيين، وهنا نُقتل على يد الإرهابيين".

كما يقول محمد غالب للمجلة الأمريكية: "الإرهابيون في كل مكان. يريدون جعل الناس يشعرون بالخوف، يريدون القتل. هم أُناس يعتقدون أنهم مسلمون. لكن الله لا يقول اقتلوا شعبكم".

وأضاف: "لا نعرف ما يريدون"، متابعًا أنه أيضًا لا يفهم سبب استهدافهم لابنه.

ويأتي مقتل خلدون ضمن سلسلة من الهجمات ضد المدنيين والقوات الأمنية المؤيدة للحكومة اليمنية في عدن منذ نوفمبر 2017. وأعلن فرع تنظيم داعش في اليمن مسئوليته عن هجومين انتحاريين على الأقل، من بينهم هجوم قُتل فيه خلدون.

وتلق قصة عائلة خلدون بالمأساة المُركبّة التي تعيشها عائلات يمنية. فحينما اندلعت الحرب في عام 2014، التحق خلدون بالقوات الحكومية التي تقاتل ضد الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح.

وفي الوقت الذي يرحب فيه محمد غالب بالدعم السعودي الأمريكي في القتال ضد الحوثيين، يحلم أيضًا بدولة مستقلة في الجنوب. واحتفل حينما قام جنود انفصاليين مدعومين من الإمارات بالتمرد ضد رئيس الوزراء في حكومة عدن خلا يناير الماضي. ولايزال القتال مستمرًا في المدينة حتى الآن.

ويرى محمد غالب أن المتطرفين اليمنيين لا يزالون نشطين، ويخشى على أمن أبنائه الموجودين في اليمن. ويقول: "لا أستطيع إبقاءهم هناك لأنهم مستهدفون، ربما مثل أخيهم. ومثلما قتلوه، قد يقتلون الآخرين. أنا خائف على كل الأسرة".

يرغب محمد في إحضار زوجة ابنه وطفلها إلى الولايات المتحدة، لكن حتى ترفع المحكمة العليا حظر السفر، سيظلون هناك في اليمن محاصرين بين الإرهاب والحرب.

فيديو قد يعجبك: