إعلان

الجارديان: داعش يعود لـ"عاصمته الثالثة"

04:13 م الإثنين 17 يوليو 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - علاء المطيري:
تحدثت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن تنظيم "داعش" قادر على النهوض مرة أخرى بعد الإخفاقات الأخيرة التي تعرض له وهزيمته في مدينة الموصل العراقية، ما لم يتم كسر الدائرة التي يتحرك بداخلها.

ولفتت الصحيفة في تقرير لها، السبت، إلى أنه قبل يوم من انطلاق معركة تحرير الموصل في أكتوبر الماضي، قامت فصائل المعارضة السورية المدعومة من أنقرة بطرد التنظيم من مدينة "دابق" شمالي سوريا والتي أعلن فيها البريطاني محمد إموازي الشهير بالجهادي جون، عن قطع رأس أول رهينة أمريكي معلنًا انتظار مقاتلي التنظيم لقدوم الجيوش الأمريكية لقتالها.

وأعلن التنظيم حينها عن انفجار قادم للأوضاع في تلك المدينة، لكن سرعان ما تم نسيانه، وفقًا للصحيفة التي أشارت إلى أن مدينة "دابق" كانت بمثابة المركز الإعلامي لـ"داعش" منذ إعلان خلافته المزعومة عام 2014.

كان التنظيم يعتبر مدينة دابق بمثابة أرض الميعاد التي ستجري فيها المعركة النهاية بين قوى الخير والشر وفقًا لنبوءات إسلامية يرجع تاريخها للقرن السابع الميلادي، وأشارت الصحيفة التي أشارت إلى تسمية التنظيم لمجلته الإعلامية باسم المدينة.

ولكي يظهر التنظيم تماسك رؤيته يحمل غلاف كل عدد من مجلته كلمات مقتبسة من أقوال أبو مصعب الزرقاوي الذي أسس المجموعة عام 2004 في العراق برؤية توسعية تصل بها إلى "دابق" حيث تحرق فيها جيوش من تصفهم بالكفار.

لكن المتمردين السنة الذين تدعمهم تركيا استطاعوا إخراج التنظيم من مدينة "دابق"؛ وكان ذلك بمثابة ضربة مزدوجة للتنظيم الذي زعم أنها أرض المعركة من جهة ومن جهة أخرى أن هزيمته تمت على يد مسلمين سنة يزعم أنه يمثلهم ويقاتل العالم نيابة عنهم.

ولفتت الصحيفة إلى أن "داعش" حاول قلب الحقائق عقب خسارته للمدينة بالترويج إلى أن المعركة القادمة ستكون بها؛ وأن الأمر ليس إلا مجرد وقت لتحقيق نبوءة المعركة بين التنظيم والجيوش الغربية.

وبعد سقوط "دابق" لم يعد الناس يتذكرونها فحاول التنظيم صرف أنظارهم نحو الموصل وتصويرها على أنها أرض المعركة المتلاحمة التي سيخوضها التنظيم، لكن مسؤولا أمريكيا يقول أنها لا تتخطى كونها معركة ضد تنظيم إرهابي رغم ضخامة القوات التي شاركت فيها ودمويتها التي أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى على الجانبين، وفقًا للصحيفة.

وقال اللواء سامي العارضي، قائد القوات الخاصة العراقية، لصحيفة "نيويورك تايمز": "لقد شاركت في كل المعارك في العراق، لكني أشهد مثل المعارك التي كانت تدور في المدينة القديمة، حيث كنا نقاتل قتالًا متشابكًا في مسافات لا يفصل بينها سوي مترًا واحدًا.. وليس هذا مبالغة.. إنه واقع ما شهدناه بالمعني الحرفي".

وأضاف: "لكن المدينة تم تحريرها رغم تفجير التنظيم لجامع النوري الكبير الذي أعلن منه زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي خلافته المزعومة، وفي ذات الوقت تواصل قوات سوريا الديمقراطية هجومها على الرقة، عاصمة التنظيم بفعل الأمر الواقع في سوريا".

وتقول "الجارديان" إن الأسئلة المهمة التي يجب طرحها الآن: "ما هو القادم؟. إلى أين يتجه "داعش" بعد سقوط الموصل والرقة.. ما هو حجم التهديد الذي ستمثله خلافة التنظيم المزعومة على المنطقة والعالم؟".

ويجمع مراقبون وسياسيون على أن "داعش" لم ينته، لكن القليل منهم يتحدث عن مدى الضرر الذي لحق بالتنظيم، وفقًا للصحيفة التي قالت إن فهم مستقبل "داعش" يمكن أن يتضح بدراسة التنظيم من 4 زوايا ترصد ماضيه ويمكن أن تقود للتنبأ بمستقبله بعد سقوط الموصل.

1- مرحلة التحول

قبل سيطرة "داعش" على الموصل وإعلان خلافته المزعومة عام 2014 كان التنظيم محليًا ينصب تركيزه على العراق "القاعدة في العراق".

وينحدر مؤسسو التنظيم من ساحات فكر جهادي متباينة تمددت في سوريا عام 2014 ثم أعلنت الخلافة لاحقًا وبدأت تكوين أفرع وخلايا للتنظيم عبر المنطقة بأكملها منذ ذلك الحين.

وسعى التنظيم لارتداء عباءة الجهاد في العالم وخلافة تنظيم القاعدة في هذا الاتجاه، وفقًا للصحيفة التي ذكرت أنه منذ عام 2014 يشهد العالم خطرًا لم يسبق أن تعرض له قبل ذلك الحين، حيث يعتمد فكر "داعش" في تحديد أهدافه على فكر طائفي باستهداف الشيعة والمسيحيين والأقليات بصورة لم تستخدمها القاعدة في السابق.

2- قوة التنظيم

أصبح "داعش" أكثر قوة من الفترة التي سبقت سيطرته على مدينة الموصل عام 2014 وسيطرته على مناطق في سوريا، حيث تمكن بفضل المناطق والمدن التي سيطر عليها من امتلاك قدر كبير من التمويل والتدريب وتجنيد المقاتلين خلال السنوات الثلاث التي سيطر فيها على تلك ثلث مساحة العراق ونصف سوريا.

ورغم أن التنظيم أصبح أقل قوة من الفترة التي وصل فيها إلى ذروة قوته عقب إعلان الخلافة إلا أنه في الوقت الحالي أكثر قوة منه قبل قيام دولته المزعومة.

ورغم سقوط الموصل سيظل مقاتلو التنظيم يسيطرون على نقاط حصينة في كل من سوريا والعراق ولن يكون بالإمكان التغلب عليهم دون دعم جوي قريب من الولايات المتحدة الأمريكية.

ولفتت الصحيفة إلى وجود مؤشرات تقول أن التنظيم مازال يمتلك قدرات عسكرية تساعده في مواصلة السيطرة على النقاط الحصينة التي يتواجد بها ليدخل عامه الرابع في العراق وهو مازال يسيطر على بعض المناطق التي أعلن سيطرته عليها عام 2014.

ويتوقع مسؤولون أمريكيون أن تستمر معركة الرقة حتى نهاية العام الجاري، إضافة إلى إمكانية أن تستمر معركة طرده من دير الزور السورية وقتًا مماثلاً، بعد انتهاء معركة الرقة، في ذات الوقت الذي تتنافس فيه أمريكا والجيش السوري وحلفائه الإيرانيين والروس في تلك المناطق لتحدي من يجب أن يسيطر عليها.

3 - داعش في الأنبار

يمتلك "داعش" نقاط حصينة في محافظة الأنبار العراقية. ورغم أنه يمكن استعادتها من مسلحي التنظيم إلا أنها يمكن أن تتواري بعيدًا وتعمل على شن هجمات منظمة.

وكانت المناطق الحدودية التي يتواجد بها التنظيم في محافظة الأنبار بمثابة العاصمة الثالثة للتنظيم بعد الموصل والرقة، وكانت تمثل مركز استراتيجية "الضربات الخاطفة" التي يقوم بها مسلحو التنظيم قبل إعلان خلافته عام 2014، إضافة إلى كونها نقطة انطلاق التنظيم إلى المناطق التي سيطر عليها في ذلك الحين.

4- التكلفة

يجب أن يكون من الراسخ في أذهان الجميع أن "داعش" تسبب في تكلفة اقتصادية باهظة لكل من سوريا والعراق.

وبينما تمثل هزيمته فرصة للمجتمعات التي كان يسيطر عليها حتى تعيد البناء وتبدأ صفحة جديدة؛ يظهر حجم الدمار الكبير الذي تسبب فيه التنظيم للبنية التحتية بالعديد من المناطق.

لكن نشوة الانتصار الذي تم تحقيقه على التنظيم ستزيلها مرارة الواقع الذي خلفه الصراع والتي ستظهر ثانية للسطح في كلاهما.

وذكرت "الجارديان" أن التفاؤل بهزيمة "داعش" ربما لا يكون في محله لأن حالة الإجهاد والملل الذي خلفته الحرب يمكن أن يقود ثانية لحسابات خاطئة، مشيرة إلى أن مسببات اللجوء للعنف لم تزل قائمة.

وتابع: "رغم فرح الناس بالتحرر من نيران داعش إلا أن مسببات لجوئهم للعنف مازالت قائمة ويمكن أن تقودهم للعودة إليه ثانية واحتضانه... حدوث ذلك واقع ممكن".

وقالت الصحيفة: "الأمر لا يتعلق باحتواء داعش بصورة كبيرة كما حدث فعليًا، وإنما يجب على العالم أن يبحث عن الأسباب التي تقود للتشدد ويضع حلولًا لعلاجها".

وتمتلك الجماعات المتشدد القدرة والطاقة التي تمكنها من استغلال التغيرات المحلية والتكيف لمواجهة الواقع المتغير بصورة أكبر من قدرة القوات الأمنية، وفقًا للصحيفة التي أوضحت أنه بعد خسارة التنظيم لمدينة "دابق" السورية بدأ الترويج للموصل موقعًا للمعركة، رغم أنها هي الأخرى أصبحت فرصة ضائعة بعدما تم تحريرها وطرد التنظيم منها.

معركة مختلطة

في معركة الموصل قاتلت القوات الكردية لأول مرة جنبًا إلى جنب مع القوات العراقية، بينما تم تنحية الميليشيات الطائفية جانبًا أثناء القتال داخل المدينة، لكن هناك أمر سوف يتضح في المستقبل وهو الدور الذي ستقوم به أمريكا في المحادثات الخاصة بمستقبل المدينتين بعد مساعدتها في تحرير الموصل وفي معركة الرقة في العراق وسوريا على التوالي.

وتتساءل الصحيفة: "هل ستظل قضايا الانقسام الطائفي والفساد التي قادت إلى التطرف في السابق قائمة بذات المستوى الذي ساهم في انشتار داعش في بداية الأمر؟"

فيديو قد يعجبك: