إعلان

ضرب الناقلات السعودية تهديد للمصالح المصرية

ضرب الناقلات السعودية تهديد للمصالح المصرية

د. جمال عبد الجواد
09:01 م الجمعة 27 يوليه 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

اعتداء الحوثيين على ناقلات نفط سعودية في مضيق باب المندب هو اعتداء على مصر أيضا. قررت السعودية وقف تصدير نفطها عبر باب المندب، وصرحت مصادر كويتية رسمية بأن حكومة الكويت قد تتخذ قرارًا مماثلاً. ناقلات النفط تمر من باب المندب في طريقها إلى قناة السويس، ومنها إلى أوروبا. أي تراجع في عدد السفن المارة بالقناة يؤدي مباشرة إلى نقص عائدات القناة شديدة الحيوية لاقتصاد مصر. الاعتداء على ناقلات النفط السعودية هو قطع لأرزاق المصريين، وحسب القول العربي فإن "قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق"، أما عاميتنا البليغة فتقول "عض قلبي ولا تعض رغيفي"؛ لهذا فإن على حكومتنا التحرك لمعاقبة الحوثيين، وردعهم عن تكرار فعلتهم.

ناقلات النفط الخام تمثل 27% من إجمالي السفن التي عبرت القناة خلال الفترة المنقضية من العام الحالي، بالإضافة إلى 4% أخرى من ناقلات الغاز المسال. النفط والغاز القادمان من الخليج يمثلان معا أكثر من 31% من إجمالي السفن العابرة في القناة، أي أن حوالي ثلث إيرادات القناة يأتي من عبور منتجات الطاقة القادمة من الخليج، فإذا واصل الحوثيون اعتداءاتهم على الملاحة العابرة في باب المندب، وإذا اختارت الدول وشركات الملاحة البحث عن طرق أكثر أمنا، فإن دخل مصر من القناة سيتأثر بدرجة كبيرة، وهذه قضية أمن قومي لبلد يجاهد لتحقيق التنمية والخروج من العوز.

الحوثيون يهددون المصالح المصرية، والحكومة المصرية مطالبة بردع المعتدين، وقد تجد مصر نفسها مضطرة لاستخدام القوة العسكرية ضد مواقع الحوثيين التي تهدد الملاحة في مضيق باب المندب. هذا يؤكد سلامة السياسة العسكرية التي تبنتها القيادة المصرية خلال السنوات القليلة الماضية، والتي أتاحت للقوات المسلحة القدرة على العمل بعيدا عن الحدود المصرية. يظهر هذا بشكل واضح في تزويد البحرية المصرية بحاملتي طائرات مروحية، وغواصات وبوارج قادرة على العمل في البحار البعيدة، وفي إنشاء الأسطول الجنوبي المسئول عن تأمين مناطق البحر الأحمر وباب المندب، والمؤكد أن الموقف الناشئ عن الاعتداء الحوثي على الناقلات السعودية هو تهديد صريح يستدعي ردا مصريا.

ليست مصادفة أن يصرح قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بعد الاعتداء على الناقلات السعودية بأن البحر الأحمر لم يعد آمنا للملاحة. التهديد الحوثي للملاحة في باب المندب هو في حقيقته تهديد إيراني، وإن كنا لسنا مضطرين لمواجهة إيران بشكل مباشر؛ فلنركز على الحوثيين، ولنجعلهم يدفعون ثمنا باهظا لتجاهل مصالحنا.
اللعبة في البحر الأحمر معقدة، فإيران تستعمل الحوثيين لخدمة مصالحها؛ والسعودية تشعر بالتهديد بسبب سيطرة قوات تابعة لإيران على اليمن المجاور وعلى باب المندب؛ والأمريكيون يفرضون عقوبات اقتصادية ونفطية ضد إيران؛ وإيران ترد على الضغوط الأمريكية بتهديد مصالح السعودية الحليفة لأمريكا؛ والسعودية توقف تصدير النفط من خلال باب المندب لرفع أسعار النفط كسبيل للضغط على أمريكا وأوربا لدفعهم لممارسة الضغوط على إيران؛ وعلى مصر أن تحمي مصالحها وأمنها وسط هذه التعقيدات. والأفضل لمصر هو أن تعمل ضمن تحالف أوسع يضمن قوة الرد على التهديد، ويوزع التكلفة بين شركاء التحالف.

إعلان