إعلان

حكومة أصدقاء أردوغان

محمد جمعة

حكومة أصدقاء أردوغان

محمد جمعة
09:00 م الأربعاء 25 يوليو 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

في وقت مبكر من الشهر الجاري أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن تشكيل أول حكومة له في ظل النظام الرئاسي، حيث تم إلغاء منصب رئيس الوزراء. وباتت مهمة اختيار وتشكيل مجلس الوزراء من مهام رئيس الجمهورية المنتخب. كما أن الوزراء المختارون سيكونون مسؤولين أمام الرئيس وحسب.

بموجب النظام الجديد بات من صلاحيات الرئيس أيضا تعيين نواب الرئيس والبيروقراطيين رفيعي المستوى، وتنظيم الوزارات وإقالة الموظفين، إصدار المراسيم، وإعداد الميزانية، وأيضا فرض حالة الطوارئ، وكل ذلك من دون اشتراط الحصول على موافقة البرلمان.

أما بالنسبة للنظام القضائي، فسيتم تعيين 12 قاضيا من أصل 15 في المحكمة الدستورية مباشرة من قبل الرئيس، ويعين البرلمان الثلاثة الباقين. أيضا، من بين 13 عضوا في مجلس القضاة والمدعين العامين، سيعين أردوغان أربعة بينما سيعين البرلمان السبعة الآخرين. وستخضع جميع المؤسسات الحيوية مثل مؤسسة الاستخبارات الوطنية، ورئاسة أركان الجيش، ومجلس الأمن القومي، والصناعات الدفاعية، لمظلة مكتب الرئاسة.

ويبدو أن عامل الخوف في عقلية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد عكس نفسه بوضوح في التشكيل الوزاري، إذ دجج أردوغان حكومته بالموالين والإسلاميين، وسمح لأقربائه بالارتقاء إلى مكانة بارزة. ولا يمكن تفسير هذا التشكيل الحكومي إلا كمؤشر إضافي على أن أردوغان يعمل على حصر المناصب العليا والرفيعة على دائرته الداخلية. وسيعتمد بشكل أكبر على الحكومة الجديدة، من أجل محاربة أعداء الرئيس الحقيقيين، أو المتصورين.

ومن بين 16 وزيرا، احتفظ أربعة بمقاعد وزارية، أبرزهم، وزير الداخلية سليمان صويلو ووزير العدل عبدالحميد جول. وتشير بعض التقديرات إلى أن السر في بقاء صويلو وجول في منصبيهما في الحكومة الجديدة هو دورهما السري على صعيد التلاعب في الانتخابات التي جرت في 24 يونيو 2018 بأصوات احتيالية بالكاد حملت أردوغان إلى الحصول على ما يزيد قليلا على 50 في المئة، بما يكفي لإعلانه الفائز بمنصب الرئاسة من الجولة الأولى. وتشير هذه التقديرات إلى أن صويلو، الذي يسيطر على سجل السكان، وقاعدة البيانات الرئيسية التي تغذي نظام تسجيل الناخبين، وعبدالحميد جول، الذي يشرف على نظام الإبلاغ عن التصويت الإلكتروني المسمى SECSIS، تلاعبا بالنظام لضمان فوز أردوغان وحلفائه. لكن لا توجد آلية متاحة للتحقق من مثل هذا الاحتيال في تركيا، ولا تستطيع أحزاب المعارضة الوصول إلى هذه الأنظمة، حتى لو تمكنت من ضمان إجراء التصويت والفرز بشكل صحيح في مراكز الاقتراع.

أما ثالث الوزراء المحتفظين بحقائب وزارية فهو برات البيرق، صهر أردوغان ووزير الطاقة في الحكومة السابقة. إلا أنه تمت ترقيته لتولي وزارة أكبر هى وزارة المالية والخزانة، وهى وزارة جديدة تجمع جميع الهيئات المعنية بالإدارة الاقتصادية والسياسة المالية التركية. ويبدو أن أنباء تعيينه لم يكن لها مردود جيد على الأسواق التركية. ففي ليلة الإعلان عن التشكيل الوزاري الجديد، انخفضت الليرة التركية بنحو 3.5 في المائة إلى 4.71 ليرة مقابل الدولار الأمريكي.

ومن بين خلصاء أردوغان المعينين حديثا في مناصب وزارية يبرُز اسم خلوصي أكار؛ وزير الدفاع حاليا، والذي كان يشغل منصب رئيس أركان الجيش التركي منذ عام 2015. وذُكِرَ أنه تم احتجازه كرهينة في قاعدة أكينشي الجوية في أنقرة أثناء محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا عام 2016. وحاول مساعدوه إجباره على التوقيع على إعلان قانون الأحكام العرفية، وعندما رفض ذلك، شدوا حزامًا حول عنقه، لكنه لم يرضخ، قبل أن تستعيد القوات الموالية للحكومة السيطرة على القاعدة الجوية وإنقاذه في الساعات الأولى من 16 يوليو 2016. ويبدو أن موقفه من عملية الانقلاب ونجاحه في عمليتي "درع الفرات" و"غضن الزيتون" هى الأسباب الأكثر احتمالا لقيام أردوغان بتعيينه وزيرا للدفاع.

وهناك أيضا، فخرالدين كوجا وزير الصحة؛ الذي تشير مصادر إلى عمله بشكل وثيق مع أردوغان في توسيع شبكات مستشفيات "ميديبول" وجامعة ميديبول، التي كان فخرالدين كوجا أحد مؤسسيها. ويقال أنه قدم عمولات لأردوغان بغرض الحصول على مزايا ومنحه عقودا ومناقصات حكومية. وتقول المصادر أيضا أن عائلة أردوغان هى الشريك التجاري السري لميديبول، وتم غسل بعض أموال أسرة أردوغان في مستشفيات ميديبول.

أما مصطفى وارناك وزير الصناعة والتكنولوجيا، فهو أحد أصدقاء أردوغان ويقال إنه لا يمتلك خبرة حقيقية في مجال الصناعة والتكنولوجيا. سوى أنه كان يدير كتائب إلكترونية نيابة عن أردوغان بوصفه أحد مستشاريه، من أجل الانتقاص من سمعة منتقدي الرئيس.

بالطبع، هناك في الوزارة التركية الجديدة شخصيات غير محسوبة على تيار أردوغان وأبرزها نائب الرئيس فؤاد أوكتاي. ولكن على الرغم من أن أوكتاي من الشخصيات المرموقة على الصعيد الأكاديمي والمهني، والمقبولة من جهة الغرب والولايات المتحدة، إلا أنه لن يكون له دور حقيقي على صعيد صناعة القرار في تركيا بحسب ما تشير تقديرات عدة. إذ لا توجد مهمات واضحة وحقيقية لنائب الرئيس وليس له نفوذ في الحكومة. وربما يكون دوره أشبه بسكرتير، ويقتصر على إدارة الإدارة اليومية للحكومة على المستوى الفني، ولن يكون له تأثير يذكر على القرارات السياسية الفعلية.

إعلان