إعلان

رسالة للدكتور مصطفى مدبولي

رسالة للدكتور مصطفى مدبولي

د. جمال عبد الجواد
09:00 م الجمعة 08 يونيو 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

نصيحتان أقدمهما لرئيس الوزراء المكلف: تعيين وزير للتنمية الإدارية، وإلغاء وزارة التنمية المحلية. فإصلاح الجهاز الإداري للدولة بات مسألة حياة أو موت لهذا البلد، أما التنمية المحلية فهي وزارة زائدة عن الحاجة، ليس لها سوى وظيفة غامضة.

ليس من عاداتي تقديم النصيحة لأحد، فقط أقدم تحليلي وفهمي للوضع، ثقة مني في قدرة الأفراد على الاختيار لأنفسهم وبأنفسهم. قد أصيب في فهمي للأمور وقد أخطئ، وأحصد نتيجة ذلك في شكل رضا القراء أو غضبهم؛ ولكنني في كل الأحوال لا أتحمل مسئولية القرارات التي يتم اتخاذها، فهذه في النهاية هي مسئولية من يتخذها. أتخلى عن هذه القاعدة اليوم، وأقدم النصيحة لرئيس الوزراء الجديد لأن بلدنا يمر بمنعطف هام، ولأنني أرى هناك فرصة حقيقية للإصلاح.

أتمنى لو ضمت الحكومة الجديدة وزيرا للتنمية الإدارية، بدلا من أن تكون التنمية الإدارية ملحقة بوزارات أخرى, كما كانت منذ حكومة إبراهيم محلب الثانية في يونيو 2014، عندما تم إلحاق التنمية الإدارية بوزارة التخطيط، وهو عبء ثقيل يصعب على وزير واحد القيام به، فأعباء التخطيط الاقتصادي بمفردها كفيلة باستهلاك وقت الوزير وجهده، ناهيك عن أن الحديث عن معدلات التنمية المرتقبة، ومعدلات البطالة المتراجعة، والصادرات النامية، وعجز الميزان التجاري المنكمش، كلها أمور أخف دما وأكثر إثارة للبهجة من الحديث عن تدريب الموظفين، وتقييم أدائهم، ومعاقبة المقصرين منهم.

عدم وجود وزير مسئول عن الإصلاح الإداري ترك مسار ومصير البيروقراطية المصرية ذات الستة ملايين موظف في يد الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، وهو جهاز بيروقراطي لا يختلف كثيرا عن أجهزة الحكومة الأخرى المطلوب إصلاحها. تحسن أداء جهاز التنظيم والإدارة في ظل الرئاسة الحالية للدكتور صالح الشيخ، وهو ما يمكن ملاحظته من التحسن الذي طرأ على موقع الجهاز على شبكة الإنترنت، رغم أن الموظف المسئول عن الموقع لا يعرف اسم رئيس الجهاز الذي يعمل فيه بالضبط، فمرة يسميه صالح الشيخ، ومرة أخرى يسميه صالح عبد الرحمن.

المطلوب هو وضع قضية الإصلاح الإداري في يد مسئول له من السلطة ما يتيح تسليط الضوء على قضية الإصلاح الإداري ورفع درجة الاهتمام بها. فليتم تعيين رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة الحالي وزيرا للتنمية الإدارية، أو اختيار شخص آخر لهذا المنصب، لكن المهم هو أن يتم رفع درجة المسئولية عن الإصلاح الإداري إلى مستوى الوزارة.

أتمنى أيضا أن يتم إلغاء وزارة التنمية المحلية، التي كانت فيما مضى تسمى وزارة الإدارة المحلية، بعد أن كانت تسمى وزارة الحكم المحلي، وهي تسميات لم يثبت أن لها أي مضمون حقيقي، أما تغير الأسماء وتتابعها فلا يشير سوى إلى حيرتنا في التعامل مع هذه الوزارة غامضة الاختصاص.
لا أحمل سوى كل تقدير للواء أبو بكر الجندي، فقد أثبت الرجل كفاءة نادرة في السنوات التي تولى فيها إدارة الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. لقد نجح اللواء أبو بكر الجندي في الارتقاء بإنتاج وإتاحة المعلومات في مصر، لكنني لا أتوقع له نجاحا مماثلا في وزارة التنمية المحلية، ليس لقصور فيه، ولكن لأن لا أحد ينجح في هذه الوزارة.

هل تذكر اسم وزير ناجح للتنمية المحلية؟ هل تذكر إنجازا يمكن لك أن تنسبه لوزير للتنمية المحلية؟ هذه وزارة "لم ينجح أحد" لأن نظامنا الإداري والسياسي الراهن لا يسمح بنجاحها.
لهذا أقترح إلغاء وزارة التنمية المحلية، وتحويل السلطات القليلة المتاحة لوزيرها للمحافظين، كل في محافظته، فلعل ذلك يساعدهم على أداء أعمالهم بكفاءة أكبر، ولعله يسهل المحاسبة وتحديد المسئولية عن القصور والفساد في المحليات.

إعلان