إعلان

كوبر وإعلاناته ومنتخب 90

كوبر وإعلاناته ومنتخب 90

د. هشام عطية عبد المقصود
09:01 م الجمعة 22 يونيو 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لا جديد فى كرة القدم وفى كأس العالم ومبارياته، وفيما يخص المنتخب المصرى فقد حقق إنجازا مهما بالصعود بعد غياب طويل ثم لاشيء، وفيما يخص المنتخبات الكبرى فقد كسبت وأحرزت مهما سعى المنافس دأبا وهو المنتمى إلى دول الجنوب والتى فى عرف الإقتصاد والأعمال إسمها "نامية"، فاز الشمال الإقتصادى والجغرافى كرة وأهدافا، ربما بحكم الخبرات وفكرة إقتناص الفرص المتاحة بعيدا عن الشعارات غير المؤدية سوى إلى رفع معنويات المشجعين المغلوبين وما أكثرهم فى عالم المستديرة التى لا قيمة لتمريراتها ولا استحواذاتها فى ذاتها بغير أن تسكن شباك المنافس، وهكذا شاء من خطط ملاعبها وحدد مكان شباكها، وهو أمر لو تعلمون على الجنوب عسير.

حتى الهدف يأتى من الذات قبل أن يبادر به الخصم وهكذا نشجع الخصم على المضى نحونا بثبات بعد تردد وبعزم بعد تباطؤ وبقوة بعد استرخاء فيحرز أهدافه بلا رحمة، رغبتنا فى النسيان و"التلصيم" وهى كلمة قل استخدامها وصعب تعويضها دلاليا بمفردة أقوى وتعنى حرصا جما على إظهار الأشياء وكأنها تمضى على نحو صحيح بينما كل تفاصيلها تمضى على عكس ذلك، ليبدو بعد ذلك وكأننا متفاجئين ومندهشين من النتيجة، شاهدنا ذلك فى مباراة الكونغو المؤهلة لكأس العالم فى التصفيات الأفريقية، كانت المباراة الأخيرة وعلى ملعبنا وظهر الفريق تائها حائرا متلعثما كرويا رغم التشجيع الجارف والإستعداد الضخم للإحتفال، حتى جاءت هدية الحظ بهدف من ضربة جزاء فى الوقت بدل الضائع، تستغرب لماذا حزننا هكذا وشكونا الحظ فى مباراة الأورجواى وقد منحنا سعده سابقا؟ وها هو وقد أعاد رمي زهرة نرده على غيرنا، ثم دوارة هى الكرة.

فرحنا بالصعود ولم نناقش كيف أوصلنا المدرب الكبير إلى جدب تهديفي صار ظاهرة تتوالى عبر المباريات ولم نعرفها قط على هذا النحو، ويمكننا أن نقسم فترة تدريب كوبر للمنتخب إلى مرحلتين، وقد مضى الرجل فى النصف الأول من فترة تدريبه للمنتخب صامتا ملتزما قليل التصريحات مركزا ومنشغلا وحقق نتائج جيدة وأعاد تنظيم قدرات الفريق.

ثم أصابته بالإلحاح والمطاردة وبحكم ما يحدث حوله لوثة "مسا التماسى .. واسعى .. وخدلك صوره ستة فى تسعة" فبدأ يظهر إعلانيا بشكل لم نره ولم نعرفه لدى أكبر المدربين فى الكون ولدى الفرق الأقوى كرويا والأشهر عالميا، وحيث سمح وتم استخدام صورة الرجل فى برنامج رمضانى يومي، عبر من يتحدث متقمصا صورته وهيئته فى برنامج كاميرا خفية يتحدث عن المتتخب وينتهى متقمص هيئته "بلاموره فى زوره" والحقيقة أن اللامور جه فى زورنا كلنا، وخاصة بعد أن رأينا مثلا منتخب البيرو يجتهد ويقف بثبات أمام فرنسا ويهاجم ثم يخرج الفريق باكيا شعورا بالتقصير رغم محاصرة الفريق الفرنسى فى الشوط الثانى، ورأينا فريق المغرب يلعب بحماس وإبداع ويهاجم وليس فقط مستوطنا نصف ملعبه مدافعا.

وسؤالى هل استأذن كوبر أحدا فى كل هذه الإعلانات التى قام بها حضورا جسديا فضلا عن حضوره كهيئة وصورة وتقليدا، ونستكمل السؤال باستفسار يخص هل دفع ضرائبه كاملة بشأنها؟، مجرد سؤال ليطمئن قلبى أن الرجل لن يسخر منا فى قادم حكاياته وبعد أن ينتهى تعاقده، وبعد أن قرر فى النصف الثانى من مدة تدريبه أن يساير ويفعل ما يحبه ويفعله أهل روما من البرامج والإعلانات، وبعد أن كنا رأيناه فى النصف الأول لفترة تدريبه جادا يبتعد بالمنتخب عن أجواء تشغله عن مهمته، فتحول ليظهر فى كل محتوى برامجى وإعلانى متاح له وليصطحب معه اللاعبين أحيانا، وتاهت بصمة وحضور المنتخب بين الهواة إدارة وتدريبا ولعبا.

حقا ما أوسع البون بينه وبين محمود الجوهرى فى كأس العالم عام 1990، ذهب الجوهرى ومعه فريق كله من اللاعبين المحليين وبالقليل والمتاح من الإحتكاك ليلعب مدافعا أمام فرق فى مستوى أنجلترا وهولندا وأيرلندا وهى فى قمة حضورها الكروى عالميا، فيتعادل في مبارتين وينهزم فى مباراة واحد صفر ومن إنجلترا وبهدف من خطأ، هكذا فعلها الجوهرى حقا وقدم الأداء المشرف، من غير تكلفة مدرب عالمى مليوني واستعداد مع فرق عالمية وإعلانات وحملات وطائرات، ثم كان مصيره وفريقه الفذ أن يتم "التريقة" عليهم إعلانيا وللأسف شارك فى ذلك نجوم فريقه القدامى وبحضور كوبر ولاعبيه معتقدين جميعهم أن الأخير سيأتى بما لم يستطعه الأوائل وإنه "رايح يجيب الديب من ديله"، وقدموا فى الإعلان ما أظنه عدم تقدير للرجل وطريقته التدريبية بالحديث عن مظاهر أداء رأوها سيئة ولم يفعلوا – حين جاء وقت دورهم- ما يوازى مثلها أو نصفها ولم يحاسبهم أحد.

ستظل كرة القدم لعبة، يتمتع المشاهدون بجمالياتها وحسن الآداء وعدم رهبة الفرق المختلفة الأقل إمكانيات وقدرات أمام ما يظنونه فرقا أقوى، وكل هذا يغفر للمحبين لها الهزيمة والتى تصبح فعلا أداء مشرفا، وإلا لو كان الأمر وغاياته مجرد الفوز وفقط لتوقف الجمهور فى العالم عن التشجيع والدعم لكل الفرق الصغيرة والأقل إمكانيات والتى بطبيعتها تشكل معظم فرق الدوريات فى العالم شرقا وغربا، إنها متعة وقوة الأداء وجماليات الحضور والسعى للهجوم باعتبار أن "الكوره اجوان" هذا السعى النبيل هو غاية اللعبة ولو عز الفوز أو التعادل أيها الناس، مش كده ولا إيه! .

إعلان