إعلان

القادة والأتباع مرة أخرى

القادة والأتباع مرة أخرى

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:13 م الإثنين 18 يونيو 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أثار مقالي الذي نشر الأسبوع الماضي والذي حمل عنوان "القادة والأتباع" ردود أفعال عديدة، ومعظم التعليقات كانت تدور حول المواقف الخمسة المذكورة، والتي تتحدث عن أنماط العلاقات بين القادة والأتباع، خاصة ما يتعلق منها بتحول من هو تابع إلى قائد.

ومن المهم الإشارة إلى أن صفة القائد بمعنى entrepreneur أو التابع follower لا ترتبط بامتلاكه جينات معينة أو بالمنصب الذي يشغله أو بالسلطات التي يتمتع بها، بقدر ارتباطها بما يمتلكه من معارف وقدرات تجعله قادرا على تغيير وضعه الاجتماعي، وكذلك تغيير دوره في الحياة.

وتظل نقطة البداية في عملية تطور أدوار الأفراد وانتقالهم من الأتباع إلى القادة، مرتبطة بالمعايير التي تستند إليها عملية توزيع الأدوار بين القادة والأتباع، وهل هي مرتبطة باعتبارات الكفاءة والقدرة والتكوين العلمي والمهارات القيادية، أم ترتبط باعتبارات أخرى.

ومن خلال المشاهدات اليومية يمكن القول إنه كلما طغت المعايير المهنية، تزايدت فرص بزوغ القادة الحقيقيين، أي من يستطيعون أن يصنعوا النجاح من الفشل، وتراجعت فرص من يدّعون القيادة، أي من يصنعون الفشل من النجاح.

وكلما طغت الاعتبارات الأخرى في عملية توزيع الأدوار، والتي عادة يكون مسكوتا عنها أو تناقش في غرف مغلقة، تصدّر من يدّعون القدرة على القيادة المشهد على حساب القادة الحقيقيين، وهو ما يؤدي في أحيان كثيرة إلى خسائر حقيقية مادية ومعنوية.

إلى جانب ذلك، فإن من يلعب دور القائد من المهم أن تكون لديه القدرة على التفكير كقائد، وقد حددت الدراسات المعنية صفات، منها أن يكون قادرا على توليد أفكار خلاقة، وأن يكون أيضا قادرا على اختيار فريق عمل من أشخاص أقوياء قادرين على المشاركة معه في التخطيط لتحقيق الأهداف في ضوء الموارد المتاحة.

وأيضا أن يتعامل مع نجاحات الأتباع على أنها عنصر قوة، وليست مصدر تهديد، ومع التغيير على أنه يوفر مزيد من الفرص للنجاح، ومع المهام الموكلة إليه كجزء رئيسي من دوره في الحياة وليست مجرد التزام وظيفي، وأن يكون قادرا على تشجيع الأتباع ليؤدوا أفضل ما لديهم.

وكذلك من المهم أن يكون القائد قادرا على إدراك أنه لا يعلم كل شيء، وأن من الأتباع من قد يكون أكثر علما ومعرفة منه، ولذا من الضروري أن يكون القائد قادرا على التعلم من أتباعه.

بالإضافة إلى ذلك، من المهم أن يكون القائد قادرا على تفهم الاختلافات بين الأتباع وعلى خلق حالة من الانسجام بينهم، فتحقيق الانسجام بين فريق مكون من مختلفين مهارة لا يتوافر لدى الكثيرين، ويتطلب القدرة على الإقناع واحتواء أصحاب الآراء المختلفة طالما أنها لا تؤثر في مستوى العمل.

بعبارة أخرى، جزء كبير من مهارات القائد لها علاقة بكيف يتعامل مع الأتباع، فالأتباع قادرون على إنجاح القائد أو دفعه نحو الفشل، فهناك مقولة شهيرة مفادها أن "القادة الناجحون هم من كانوا أتباعا في لحظة ما"، لأن ذلك يجعلهم أكثر قدرة من غيرهم على تفهم عقلية الأتباع وعلى تطوير أساليب مختلفة لإشراكهم في صناعة النجاح.

إعلان