إعلان

الرهان الحقيقي هو على الأكاديمية الوطنية لتدريب الشباب

الرهان الحقيقي هو على الأكاديمية الوطنية لتدريب الشباب

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:00 م الإثنين 09 أبريل 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تثور مناقشات بعد إعلان فوز الرئيس السيسي بولاية ثانية حول طبيعة الدور الذي يمكن أن تلعبه الأكاديمية الوطنية لتدريب الشباب في خلق نخبة شبابية قادرة على المشاركة في إدارة الدولة، وتصدُّر هذه القضية قائمة الاهتمامات مرتبط بصورة أخذت تتشكل خلال فترة الولاية الأولى للرئيس السيسي، وتدور حول أنه يرتكز على قاعدة شبابية.

وهذه الصورة لها عدة أبعاد، أولها أن قضية تمكين الشباب ظلت تحتل أولوية في توجهات الرئيس السيسي خلال فترة الولاية الأولى، وهو ما انعكس في مشاركته ورعايته العديد من المؤتمرات الشبابية، وكذلك في إعطائه الضوء الأخضر لتصعيد الشباب في الجهاز الإداري للدولة، فمثلاً تم خلال حكومة المهندس إبراهيم محلب 2014 تعيين ما يزيد على 30 معاوناً في العديد من وزارات الدولة، وقام وزير التموين بتعيين أصغر مساعدة وزير له، وهو ما عُد سابقة من نوعها.

وثانيها إطلاق الرئيس برنامج إعداد الشباب للقيادةplp ، الذي تخرج فيه حتى الآن دفعتان بواقع 500 شاب دون 30 سنة، وثالثها رعايته للشباب الذي تميز في مجاله، وحرصه على تكريمه في مجالات متعددة مثل الرياضة والبحث العلمي.

ورابعها اعتماده في حملته الانتخابية على تلك القاعدة الشبابية، وهو ما اتضح في تشكيل الحملة منذ بدء السباق الانتخابي، ولعل حرص الرئيس السيسي على أن يكون بين شباب الحملة وقت إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية يمثل امتداداً لدعمه لتلك القاعدة الشبابية.

ورغم إيجابية هذه الصورة بكل ما ضخته من روح مختلفة في الأوساط الشبابية طوال السنوات الماضية، فإن تلك القاعدة الشبابية لاتزال محدودة، ليس من حيث العدد فقط، وإنما أيضاً من حيث الجيل الشبابي الذي تمثله، ومن حيث نوعية الشباب بالنظر إلى تكوينهم المهني والتعليمي، حيث لايزال الشباب ثروة وطنية "مهدرة" ولم توظف بعد بصورة فعالة في إدارة شئون الدولة.

ويظل حرص الرئيس على توسيع تلك القاعدة هو الدافع الرئيسي لإطلاق الأكاديمية الوطنية لتدريب الشباب، بحيث تكون من ناحية المظلة المؤسسية لكل الجهود الخاصة بتفعيل دور الشباب في الحياة العامة، ومن ناحية ثانية النافذة التي يتم من خلالها توفير فرص لجيل الوسط الذي هو فوق 30 سنة الذي لم يستفد من برنامج plp، الذي رغم كونه الأقل عدداً مقارنة بمن هم دون سن الـ30 سنة، إلا أنه يعد الأكثر نشاطاً في الحياة السياسية والأكثر مشاركة في الحياة العامة وهو ما اتضح في ثورتي 2011 و2013، كما أنه الأكثر مشاركة في الانتخابات، أي أنه يمثل العمود الفقري لشرعية النظام السياسي في الشارع، فوفق مسح القيم العالمي في آخر إصدار له، تبلغ نسبة الشباب في مصر الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و49 سنة، ويشاركون باستمرار أو غالباً في الانتخابات القومية (الرئاسية والبرلمانية) 80.2%، وهي النسبة الأكبر مقارنة بالفئات العمرية الأخرى، كما أن نسبة الشباب في هذه الفئة العمرية الذين يشاركون في الانتخابات المحلية تبلغ 84.9%، وهي الأعلى أيضاً مقارنة بالفئات العمرية الأخرى.

وأقترح أن يتم الاهتمام في إطار الإعداد لإطلاق البرامج التدريبية للأكاديمية الوطنية خلال الفترة المقبلة بما يلي:

-الحرص على وضوح وشفافية آلية توسيع الدوائر الشبابية المستفيدة من هذه الأكاديمية، وعدم قصرها على العاملين في الجهاز التنفيذي للدولة حتى لا تمثل امتداداً لمراكز تدريبية أخرى تعنى بهذه الفئة وموجودة منذ زمن.

-تحديد آليات واضحة وشفافة خاصة بكيفية اختيار الشباب من خارج الجهاز التنفيذي للدولة، والذين يمكن أن يستفيدوا من برامج الأكاديمية، حيث يظل الجزء الأكبر من الشباب موجوداً خارج الجهاز البيروقراطي للدولة، أي أنه لا يرتبط اقتصادياً بها رغم تأثره بسياساتها الاقتصادية.

-الاهتمام بخلق فرص تدريب لخريجي الأكاديمية في الجهاز التنفيذي للدولة لفترات محددة تتراوح بين 6 و12 شهراً، كلٌّ في مجال تخصصه، وذلك لضمان حصول الخريجين على الخبرة العملية إلى جانب التأهيل التثقيفي.

-العمل على تطوير خريطة للشباب Mapping of Youth، من حيث تفضيلاتهم السياسية وتوجهاتهم العامة، وتطوير مسح دوري لتوجهات القطاعات المختلفة من الشباب الذين يتم تدريبهم في الأكاديمية، بحيث يكون هذا المسح هو البوصلة التي توجه برامج الأكاديمية وسياسات الدولة في الفترة التالية لكل مسح.

إعلان