إعلان

العملية الشاملة "سيناء 2018"... قراءة أوَّليَّة

محمد جمعة

العملية الشاملة "سيناء 2018"... قراءة أوَّليَّة

09:00 م الأربعاء 18 أبريل 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

على الرغم من صعوبة تقييم عملية عسكرية وأمنية لا تزال تجري حتى هذه اللحظة، لكنه يمكن القول، على ضوء ما أُعلِنَ حتى الآن من نتائج العملية الشاملة "سيناء2018" التي تباشرها قواتنا المسلحة، بدرجة أساسية. ومعها عناصر الشرطة المدنية، إنها حققت نجاحاً ملحوظاً، تجلى ذلك في إحكام السيطرة على الوضع في مصر داخل وخارج شبه جزيرة سيناء أثناء فترة الانتخابات الرئاسية التي جرت في مارس الماضي. حيث لم تقع أية عملية إرهابية في سيناء طوال شهر مارس بأكمله، بينما بلغ عدد العمليات الإرهابية التي وقعت في سيناء منذ الإعلان عن العملية في التاسع من فبراير حتى 16 إبريل الماضيين، عمليتين إرهابيتين فقط.

في سياق محاولة قراءة سير العملية الشاملة "سيناء 2018" وانعكاساتها على الحالة الأمنية في سيناء، ومستوى النشاط الإرهابي هناك، يمكننا أن نسترشد بثلاثة مؤشرات أساسية، هي:

1- رصد العمليات الإرهابية التي شهدتها منطقة شمال سيناء خلال الفترة من الأول من يناير حتى 16 من شهر أبريل الجاري، من خلال قراءة كمية وكيفية لهذه العمليات، تشمل عدد العمليات، والتنظيمات الأساسية التي قامت بتنفيذها، وطبيعة الأدوات المستخدمة، طبيعة الأهداف، وبالمقارنة مع الربع الأول من العام الماضي 2017.

2- رصد أعمال مكافحة الإرهاب في سياق العملية الشاملة "سيناء 2018"، وما حققته من إنجازات، منذ الإعلان عن بدء العملية حتى منتصف أبريل 2018.

3- رصد خريطة التحديات الأمنية في شمال سيناء، من خلال رصد التغير الذي يمكن أن يكون قد طرأ على خريطة التنظيمات الإرهابية في هذه المنطقة، وتمثل العوامل الأساسية لاستمرار حالة عدم الاستقرار الأمني في سيناء.

*أولاً: من خلال رصدنا للعمليات الإرهابية، تبين أن 12 عملية إرهابية وقعت في شمال ووسط سيناء خلال الفترة من أول يناير 2018 حتى 16 أبريل 2018، كلها منسوبة لإرهابيي تنظيم ما يسمى بـ"ولاية سيناء". ويمثل هذا تراجعاً حاداً في النشاط الإرهابي، مقارنة بالربع الأول من العام 2017، الذي شهد وقوع 132 عملية إرهابية في شمال ووسط سيناء، أعلن تنظيم "ولاية سيناء" مسؤوليته رسمياً عن 60 عملية منها.

ومن بين العمليات الـ12، استهدفت 6 عمليات منها مدنيين مصريين، بينما استهدفت 5 عمليات عناصر من الجيش والشرطة المصرية، وعملية واحدة استهدفت أحد العناصر الفلسطينية التابعة لحركة حماس.

ويُلاحَظ هنا تزايد نسبة العمليات التي تستهدف مدنيين في سيناء، ويعود هذا إلى سببين في رأينا:

الأول؛ تراجع العمليات الإرهابية بشكل عام في شمال ووسط سيناء.

والثاني: تراجع قدرة التنظيمات الإرهابية على استهداف التمركزات الأمنية والعسكرية الثابتة والمتحركة، ولجوئها إلى استهداف أهداف أسهل.

وقد أسفرت العمليات الإرهابية خلال الفترة محل الرصد عن استشهاد عشرة مدنيين، في حين كان عدد الشهداء من المدنيين خلال الربع الأول من عام 2017 نحو 72 مدنياً. بينما وصل عدد الشهداء من عناصر الجيش والشرطة المصرية إلى 15 شهيداً، في حين كان عدد الشهداء قد وصل إلى 102 شهيد خلال الفترة من أول يناير حتى آخر مارس 2017.

أما من جهة الأسلحة المستخدمة، فيُلاحَظ تراجع قدرة التنظيم على استخدام العبوات الناسفة، إذ لم تشتمل سوى ثلاث عمليات فقط على "تفجير بعبوة ناسفة"، بنسبة 25%، بينما بلغ عدد العمليات الإرهابية التي اشتملت على عبوات ناسفة خلال الربع الأول من عام 2017، 42 عملية، بنسبة 31.1% من إجمالي عدد العمليات. ولم يستخدم تنظيم "ولاية سيناء" تكتيك العمليات الانتحارية سوى مرة واحدة فقط في الهجوم الذي وقع في 14 أبريل 2018.

*ثانياً: وعلى صعيد المؤشر الثاني يمكننا أن نشير إلى ما يلي، من خلال تحليل مضمون 19 بياناً صادراً– حتى الآن- عن القيادة العامة للقوات المسلحة:

- أسفرت العمليات عن مقتل 193 عنصراً إرهابياً، والقبض على 3828 ما بين مشتبه في دعمهم للعناصر التكفيرية، وعناصر إجرامية، ومطلوبين جنائياً، وتم الإفراج عن عدد كبير منهم بعد اتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم وثبوت عدم تورطهم في أي قضايا.

- تم إبطال مفعول 941 عبوة ناسفة، والاستيلاء على 76 قنبلة يدوية، 8 دانات هاون، 4 دانات آر بي جي، 34 صاروخاً (جراد وكورنيت وأهرام)، 33 سلاحاً من أنواع آر بي جي، وبندقية قناصة ورشاش برتة، وبنادق آلية، ومسدس 9 م.

-تدمير نحو ألفي مخبأ ومخزن للعناصر الإرهابية، ومركزين إعلاميين، و4 مراكز إرسال.

-ويُلاحَظ أن جميع البيانات الرسمية تضمنت إشارات تفيد بالعثور على فتحات أنفاق وتدميرها، منها أنفاق داخلية تُستخدَم كمخازن، وخنادق للإعاشة، وأنفاق رئيسية طويلة بلغ طول أحدها 1400 متر. ما يعني أن العناصر الإرهابية في شبه جزيرة سيناء تستخدم تقنية الأنفاق ليس فقط للانتقال عبر الحدود من وإلى قطاع غزة كما كان في السابق، بل تستخدمها كمخازن وأوكار آمنة وربما للتنقل من مكان لآخر داخل شمال سيناء نفسها، لكي تتفادى الضربات الأمنية والعسكرية.

*ثالثاً: أما بشأن التغيرات التى يمكن أن تكون قد طرأت على خريطة التنظيمات الإرهابية النشطة في شمال سيناء، فيمكننا هنا أن نشير إلى أن تنظيم "ولاية سيناء" التابع لداعش لا يزال هو الفاعل الإرهابي الأعنف والأنشط في شمال سيناء خلال ما مضى من عام 2018.

وعلى الرغم من عودة بعض الفواعل الإرهابية الأخرى إلى النشاط مثل تنظيم "جند الإسلام"، التابع لتنظيم القاعدة، فإنه لم ينشط بشكل معروف في شمال سيناء خلال الفترة محل الرصد. ولم يعلن مسؤوليته عن أي عمل إرهابي في شمال سيناء خلال الأشهر الأربعة الماضية.

ومع ذلك، فإن عودة تنظيم "جند الإسلام" للنشاط في سيناء بعد فترة طويلة من الكمون تشير إلى ضعف وتراجع تنظيم "ولاية سيناء"، الذي كان قد فرض على "جند الإسلام" ما يمكن وصفه بـ"البيات الشتوي" لسنوات. كما يشير إلى انقسامات داخل تنظيم "ولاية سيناء" ولصالح تنظيمات أخرى، وهو ما تبين من الفيديو الذي بثته جماعة "جند الإسلام" في يناير الماضي.

وكانت جماعة "جند الإسلام" قد بثت تسجيلاً صوتياً في 11 نوفمبر 2017 بعنوان "تبني عملية أمنية لدفع صيال خوارج البغدادي بسيناء"، معلنة استهداف عناصر من تنظيم "ولاية سيناء". ثم في 25 يناير 2018 بثت فيديو بعنوان "معذرة إلى ربكم" وردت فيه شهادة لما قالت إنه منشق على تنظيم "ولاية سيناء" يتحدث فيه عن بعض المعلومات المتعلقة بالتنظيم ونشاطه وكيفية عمله، ووضعه الحالي في سيناء. وقد أكد الشاهد تراجع قدرات التنظيم بشكل كبير، وتزايد حالات هروب عناصره. وهو الشيء الذي أكده الرصد المقارن للعمليات الإرهابية ونشاط تنظيم ولاية سيناء في الفترة المشار إليها، على نحو ما ورد سابقاً.

إعلان