إعلان

هتنتخب ولا هتقعد على "الكنبة"؟

هتنتخب ولا هتقعد على "الكنبة"؟

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:04 م الإثنين 26 مارس 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

"حزب الكنبة" تعبير استُخدم لوصف من لم يشاركوا في التحرك من أجل التغيير في ثورة 2011، وقرروا مراقبة المشهد من بعيد. وكان سبب شيوع هذا الوصف في العديد من الأوساط السياسية والإعلامية والشبابية هو حالة "اللامبالاة" التي كانت تسيطر على كثيرين وقتها، وعدم توافر إرادة لديهم لفتح صفحة جديدة في حياة الوطن، وقرروا كما صور ذلك بعض الكتاب المؤثرين حينها أن يشاهدوا ويتابعوا من خلال شاشات التليفزيون ما يجري و"يقزقزوا لب".

اليوم تبدأ عملية الاقتراع في انتخابات الرئاسة التي تعد الثالثة منذ ثورة 2011 والثانية منذ ثورة 2013، وأصبح الناس حيارى بين اختيارين، هما المشاركة أو الجلوس على "الكنبة" أي المقاطعة، والحديث عن المقاطعة خلال هذه الانتخابات لم يأخذ شكلا منظما كما كان الأمر من قبل لأسباب متعددة، ولكنها "حالة" منتشرة بين قطاعات شبابية أكثر من غيرها، وتشبه تماماً حالة حزب "الكنبة" التي سادت في أيام ثورة 2011. ويردد المقاطعون مجموعة من المقولات من قبيل "هو كسبان كسبان" و"صوتي مش هيفرق حاجة" و "ولو ما انتخابناهوش هيكسب برده".

أنا مؤمنة بضرورة ممارسة الحق في المشاركة في الانتخابات، وهذا يعني الذهاب لصناديق الاقتراع، وهناك الخيارات كثيرة، منها اختيار أي من المرشحين أو إبطال الصوت، وهذا عمليًا- بما في ذلك إبطال الصوت- يعني وجود رغبة في التغيير السياسي وقدرة على الممارسة المنصوص عليها في القانون والدستور لتحقيق تلك الرغبة حتى لو لم تكن كل الخيارات المتاحة مثالية.

ويفيدنا التاريخ، بأن عدم ممارسة هذا الحق من الأساس فتح الباب في فترات سابقة أمام ميول سلطوية كثيرة، ولكن نجح الشعب المصري في التخلص منها بثورتين، ولا أظن أن أي مواطن مصري، خاصة الشباب من جيل الوسط ، يريد أن تعود به الأيام مرة أخرى كما كان الوضع في أيام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، حين كانت الجداول الانتخابية غير محدثة ولا يتم استبعاد من توفوا منها، وكأن الموتى كان لهم حق التصويت في الانتخابات والأحياء حينها الذين تنطبق عليهم شروط ممارسة الحق الانتخابي مسلوبون من ذلك الحق، وكما أن اشتراط استخراج بطاقة انتخابية بكل إجراءاتها المعقدة حينها حال دون ممارسة هذا الحق من قبل كثيرين.

من المهم ممارسة الحق في الانتخاب، فسهولة الإدلاء بالصوت في الانتخابات من خلال بطاقة الرقم القومي فقط، والتي تحققت منذ ثورة 2011 واستمرت بعد ثورة 2013، هي مكسب إيجابي يتعين على كل مواطن مصري، خاصة الشباب، أن يمارسوه ليحافظوا من خلاله على مكانهم في عملية إعادة بناء الدولة التي تمر بها مصر، وليفتحوا صفحات جديدة في مستقبل الوطن.

ولا ننسى أن ارتفاع نسبة المشاركة في الانتخابات هي قيد "دائم" على الرئيس المنتخب، حيث سيظل ملتزماً بأن يكون أكثر استجابة لمطالب الناس والاستماع لهم، وسيكون الناس أكثر رغبة في محاسبته بطرق مختلفة وعلى الحفاظ على نشاطهم السياسي. كما أن تدني نسبة المشاركة لها تأثير عكسي، خاصة إذا ما تم تفعيل المادة الخاصة بالحد الأدنى للفوز في الانتخابات وهي 5% ممن لحق الحق في الانتخاب.

والحديث عن نسب المشاركة وأهميتها مهم جداً خلال المرحلة الحالية، لاسيما أن هناك تضخماً في حجم الجداول الانتخابية بعد أن تم تحديثها أوتوماتيكيا بالاعتماد على الرقم القومي، حيث بلغ عدد المدرجين فيها 59 مليوناً و78 ألفا و138 صوتاً، وفق ما أعلنته الهيئة الوطنية للانتخابات في يناير الماضي، أي أن حوالي ثلثي الشعب المصري لهم حق التصويت وهو عدد ضخم مقارنة بعدد 32 مليون مواطن لهم حق التصويت في انتخابات الرئاسة التي عقدت في 2005.

ممارسة الحق في الانتخاب هي الطريق لكتابة حكاية مختلفة عن الوطن.

إعلان