إعلان

مركز الأهرام للدراسات في سباق "صناعة الأفكار" في العالم

د.إيمان رجب

مركز الأهرام للدراسات في سباق "صناعة الأفكار" في العالم

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:01 م الإثنين 19 فبراير 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

قد يبدو عنوان هذا المقال أشبه بخبر صحفي، ولكنه يعكس حقيقة الجهد الكبير الذي يبذله مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية من أجل الحفاظ على وجود "صوت مصري" بين مراكز الفكر والأبحاث في العالم وفي إقليم الشرق الأوسط، وذلك في عصر أصبحت فيه صناعة الفكرة وصناعة التحليل أحد أبعاد قوة الدولة في الخارج، وأحد مصادر قدرتها على ممارسة التأثير والنفوذ في دوائر متعددة.

بعبارة أخرى، قدرة الدول على التأثير وممارسة النفوذ في هذا العصر ليست في الإعلام الذي أصبح يذكر في كل جملة يقولها الساسة، وإنما في تخليق الأفكار التي بطبيعة الحال تجد طريقها للإعلام الذي هو إحدى الأدوات التي تبث من خلالها المراكز البحثية أفكارها وتقديراتها.

وهذا الكلام بمناسبة صدور التقرير الخاص بجامعة بنسلفانيا، والمعني بتصنيف مراكز الفكر والأبحاث على مستوى العالم للعام 2017، الذي يهتم بتنصيف عدد 6480 مركزاً بحثياً وفق معايير متعددة تركز بصورة رئيسية على جودة منتجها البحثي، في 14 مجالاً بحثياً، وفي 24 مجالاً للتميز الخاص، سواء فيما يتعلق بالاستقلالية، أو القدرة على التشبيك، أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

وقد تصدر مركز الأهرام للسنة الـ11 على التوالي قائمة الخمسة مراكز بحثية الأكثر تأثيراً على مستوى الشرق الأوسط من إجمالي عدد 479 مركزاً في الشرق الأوسط، وقد جاء هذا العام في الترتيب الرابع، ومن سبقه في هذا الترتيب ثلاثة مراكز هي مركز الدراسات الاستراتيجية في الأردن ومعهد دراسات الأمن القومي في إسرائيل ومعهد كارنيجي الشرق الأوسط في بيروت.

ورغم أن هذا الترتيب متأخر لمركز الأهرام مقارنة بترتيبه في سنوات سابقة، حيث كان يحتل المركز الثاني في الشرق الأوسط، إلا أن نجاحه في الاحتفاظ بمكانه في قائمة المراكز الخمسة الأكثر تأثيرًا أمر يستدعي تقدير كل العاملين فيه، لاسيما أنه ينافس مراكز تتمتع بميزانيات ضخمة لا تتوافر لمركز الأهرام الذي يظل تابعاً في ميزانيته لميزانية مؤسسة الأهرام، التي تمر بظروف تقشفية شأنها شأن الكثير من المؤسسات في مصر.

كذلك من المهم لفت الانتباه إلى مسألة مهمة جداً، وهي أنه رغم محدودية الموارد المالية للمركز، والتي تفسر عدم وجود كثيف له على الإنترنت ناهيك عن محدودية ما يوفره من محتوى باللغة الإنجليزية بسبب عدم وجود ميزانية للترجمة على نحو أثّر على تصنيفه الكلي في تقرير بنسلفانيا للعام 2017، إلا أنه لايزال يحتفظ بوجود في مجال الدراسات المحكمة، والتحليلات الآنية، وفي دوائر صنع قرار متعددة محلياً ودولياً من خلال تقديرات مواقف وأوراق سياسات وبدائل وسيناريوهات للتعامل مع الأزمات، فضلاً عن استمراره في تنظيم الأنشطة والبرامج التدريبية الخاصة بالتواصل مع الرأي العام، ومع طلبة الجامعات.

وإذا كان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد أثنى وقدر دور مراكز البحث في دعم عملية صنع القرار بعد توليه السلطة، ومن ذلك كلمته في عيد العلم في ديسمبر 2014 التي وجه فيها بالاستفادة من مراكز الأبحاث والمساهمة في تطوير وتمويل البحث العلمي، فإن اللافت للانتباه عدم اهتمام جهات أخرى بتنفيذ توجيهات السيد الرئيس في هذا الصدد، خاصة فيما يتعلق بالمراكز البحثية العاملة في مجال العلوم الاجتماعية بمعناها الواسع.

إن قدرة مركز الأهرام على الاحتفاظ بترتيب في قائمة المراكز الخمسة الأكثر تأثيراً في الشرق الأوسط في تقرير العام 2017، ليكون بذلك المركز المصري الوحيد في هذه القائمة، رغم التحديات التي يواجهها، تستدعي من المؤسسات المعنية في الدولة ضرورة التحرك على ثلاثة مسارات رئيسية، هي تقنين أوضاع مراكز الأبحاث والعاملين فيها، خاصة التي تعمل في مجال العلوم الاجتماعية، وذلك من خلال إصدار تشريع خاص بها أسوة بالعديد من دول العالم، وتخصيص تمويل وطني لدعم ميزانيات هذه المراكز، فضلاً عن تحديد إطار مؤسسي لعلاقة هذه المراكز مع دوائر صنع القرار المختلفة.

إعلان