إعلان

ما الذي تحقَّق في عام المرأة المصرية؟

ما الذي تحقَّق في عام المرأة المصرية؟

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:01 م الإثنين 04 سبتمبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

كان إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي عن عام 2017 عامًا للمرأة المصرية، بادرةً إيجابيةً تكْشِفُ عن تقديره الكبير للمرأة، والذي دأب على تأكيده أثناء حملته الانتخابية وبعد توليه منصب رئيس الجمهورية.

ومع اقتراب عام المرأة على الانتهاء حاولْتُ أن أعرف كيف تراه الفتياتُ والنِّساءُ، وكان من بين ردود الفعل التي تلقَّيْتُها عدم معرفة معظم من سألْتُ بأنَّ هذا هو عام المرأة، وأن أنشطة المجلس القومي للمرأة لا تهتم بـ"الناس العادية"، وأنه منغلقٌ على من يتعامل معهنَّ منذ سنوات.

وهذا النوع من ردود الفعل ليس بجديدٍ، وسَمِعْناه بصورةٍ مختلفةٍ طُوال السنوات الماضية، ولكنَّ تكراره في عام المرأة يتطلَّب مناقشة موضوعية لما أُنْجِزَ خلال هذا العام.

إن أَحَدَ أنشطة المجلس القومي للمرأة والتي يُنفِّذها بالتزامن مع إعلان كون 2017 هو عام للمرأة، هي حملة "التاء المربوطة"، وقد أعلنَتْ رئيسة المجلس الدكتورة مايا مرسي منذ أيام، عن إطْلاق المرحلة الثالثة لها باسم "منتجة"، وهدف هذه المرحلة وِفْقَ تصريحات رئيسة المجلس هو تحْفيز المرأة المصرية على العمل والإنتاج.

ومن واقع المناقشات مع كثيرٍ من الفتيات، فإنَّ هناك وعيًا محدودًا بأنشطة هذه الحملة، وهو ما يتطلب إعادة تقييم حجم انتشارها، كما تُشير الكثير من المناقشات الخاصَّة بهذه الحملة إلى وجود انطباع بأنها ذات طبيعة نخبوية، أي أنَّها تتعامل مع النُّخبة وليس مع الناس العادية في المجتمع، خاصَّةً وأنَّ من تمَّ تكريمُهم من رموز نسوية لما حققوه من نجاحات في إطار هذه الحملة هي رموز معروفة للجميع.

فمن ناحية، كان مُتوقَّعًا من المجلس أن يبحث عن رموزٍ ناجحةٍ من النساء في قطاعاتٍ مغمورةٍ وغير معروفةٍ للإعلام، وهو ما سيُضفي مِصْداقيِّة أكبر لدى قطاعات عريضة من الفتيات والنساء المصريات، ولنتذكر تأثير استقبال الرئيس السيسي لِمُنى المعروفة إعلاميًّا بفتاة “عربة البضائع بالإسكندرية” وتكريمه لها بحضورها مؤتمرَ الشباب وجلوسها بجواره، وكيف استطاع الرئيس أن يبعث رسالة لكل الفتيات العاملات في أعمال بسيطة أنه مهتم بِهنَّ وأنَّ من حقِّهنَّ أن يتم تكريمُهُنَّ.

ومن ناحيةٍ ثانيةٍ، تظلُّ الحملة الإعلامية التي تُمثل جوهر حملة "التاء المربوطة" تُركز على مخاطبة المرأة بصورة رئيسية، بما في ذلك المرحلة الثالثة من الحملة، في حين أن المشكلة في بلدنا هي في الأطر القانونية الموجودة التي لا تَحمي حقوقَ المرأة بصورةٍ كاملةٍ، وكذلك في نظرة الرجل للمرأة والتي لها انعكاسات اجتماعية تتخَطَّى المناقشات المتعلقة بالمساواة، إلى عدم الوفاء بحقوقهِنَّ المشروعة مثل الحصول على الميراث خاصَّةً في الصعيد، وعدم احترام حقِّهِنَّ في العمل والتفوُّق والتميُّز، وعدم احترام قُدرَتِهِنَّ على الإنجاز في مجالات مختلفة.

في رأيي، يحتاج المجلس القومي للمرأة خلال الأشهر المتبقية من عام المرأة إلى أن يتبنَّى أفكارًا غير تقليدية يتمُّ من خلالها تغيير استراتيجية حملة "التاء المربوطة"، لتنتقِلَ من كوْنِها حملة "إعلامية" لا تَشْعُر نساءُ وفتياتُ مِصرَ أنَّها تُعبِّر عن كلِّ واحدةٍ فيهنَّ فِعْلًا، إلى حملة تُؤثر في الحياة اليومية للمرأة المصرية.

ومن الأفكار التي أقْترحُها في هذا السياق أن يُعلن المجلس عن تخصيص "شارة التميُّز" تُمنح لكلِّ فتاةٍ وامرأةٍ تُقدِّمُ عَملًا متميزًا في مجالها، مع فتح باب التسجيل للحصول على هذه الشارة من خلال صفحة على موقع المجلس على الإنترنت، يتمُّ فيها تسجيل بيانات كل من ترغب في التقدم مع توثيق بالفيديو أو الصور لنجاحاتها. ويكون عدد شارات التميُّز المستهدف منحها خلال الربع الأخير من هذا العام مثلًا مليون شارة ويُخَصَّص لكل محافظة عددٌ ثابتٌ يُحَدَّد استنادًا لعدد السكان فيها.

بعبارة أخرى، على المجلس أن يُطلق حملة تستهدف المرأة والفتاة في كل ربوع مصر، على نحوٍ يجعلها فخورةً بأنَّ الرئيس السيسي قد خَصَّصَ هذا العام احتفالًا بها وتكريمًا لها، فَوَراء كلِّ فتاةٍ وامرأةٍ مصريةٍ قِصَّةُ نجاح.

إعلان