إعلان

عن الطبقة المهلهلة (المتوسطة سابقاً)

عن الطبقة المهلهلة (المتوسطة سابقاً)

أمينة خيري
07:51 م الإثنين 03 يوليو 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

على سبيل فش الغل أشكو. ومن باب الكمد أكتب. وكنوع من أنواع التنفيس أطلق العنان للحلة البريستو لتنفس عن الضغوط الزائدة والأحمال الهائلة. مع كامل تعاطفي وترافقي مع الطبقات الفقيرة، سواء تلك الرازحة عند خط الفقر أو القابعة أسفله أو التي تحوم فوقه، ومع كل مودتي ومحبتي وألفتي لأولئك الأثرياء المهيمنين على قمة الهرم الاقتصادي، فإنني أصول وأجول هذه الآونة في دوائر أخرى. 

دوائري هي تلك الطبقة المهلهلة (الوسطى سابقاً) التي يصعب حالها على الغلبان (صمام الأمان سابقاً) والتي لا سبيل أمامها في هذه الآونة إلا أن تداوي صداعها بضرب رأسها في الحائط، وتضمد جراحها بالشرب من البحر، وإن لم يجد هذا أو يفيد ذاك فإنها تركب أعلى ما في خيلها. 

خيلي وبيدائي وليلي وراتبي الثابت الجامد الرافض للتحريك الخانع للتعويم الرافض للبنزين الفازع لما هو قادم يعرفني. وأنا لا أعرف ما ينتظرني مع انقشاع الصيف وقدوم نسائم الخريف، ما يعني سنة دراسية جديدة ومطالب أسرية عتيدة وتنويهات بإزالات لما تبقى من دعم دون طوق نجاة لطبقتي المندثرة. طبقتي التي لا بطاقة تموين لها، أو وزيرة لشأنها الاجتماعي المتدهور، أو طبيب يداوي أوجاعها النفسية وأثقالها العصبية الناجمة عن تخلي الجميع عنها، وتوجيه كل الاهتمام وجل الاعتناء إلى سكان خط الفقر. 

هؤلاء السكان سيجدون من يزاحمهم على خطهم قريباً. وما كتبه صديق على صفحته على "فيسبوك" على سبيل الدعابة اتضح إنه جد الجد: "الله يكرمكم ياجماعة إللي واقفين عند خط الفقر، وسعوا شوية! مش عارفين ننزل"، لكن أغلب الظن إننا نازلون لا محالة. 

تذكرت عبارة في فيلم الأطفال الشهير "قصة لعبة" ((Toy Story، وهي "السقوط بشياكة" التي جاءت على لسان البطل "باظ لايتيير" بينما كان يسقط في الهواء ومتوقعاً الارتطام. كان يفكر في "برستيجه" فآثر أن يسقط بشياكة طالما هو ساقط ساقط. 

سقوط الطبقة المتوسطة الحادث لا محالة يمكنه أن يحدث بفجاجة أو بوضاعة أو أناقة وشياكة أو ببشاعة ودمامة. بمعنى آخر، فإن رفع الدعم عن المحروقات وما يتبعها من غلاء في أسعار كل شيء وأي شيء أصبح واقعاً مراً علينا مواجهته. وإذا كانت إجراءات الحماية الاجتماعية تدعم الفقراء والأقل حظاً إلى حد ما، فإن متوسطي الحال والذين كانوا أوفر حظاً حتى وقت قريب معلقون بين السماء والأرض. 

فمن جهة، هم على درجة من الوعي والثقافة تتيح لهم فهم ضرورة المرحلة وصعوبة الأوضاع إلخ، لكنهم من الجهة الأخرى واقعين في حيص بيص. فالغالبية المطلقة من الرواتب محلك سر منذ سنوات ست، بل إن بعضها تقلص والبعض الآخر توقف تماماً. والمنظومة المصرية القائمة برعاية الدولة والقائمة على فكر "مد إيدك في جيب إللي جنبك" محظورة في منطقة منتصف الهرم. فالقابعون في القمة يطبقونها عبر زيادة أسعار السلع والمنتجات كما يحلو لهم. والمحتلون للقاعدة يطبقونها كل في مجاله بدءاً بعاملة المنزل التي تضاعف يوميتها، مروراً بسائق التوك توك والسوزوكي "الثُمن" الأجرة المرخصة ملاكي، وانتهاء بمقدمي الخدمات العشوائية من سايس محتل لأماكن إيقاف السيارات لسائق أجرة يقرر تعطيل العداد إلخ. 

ولا ننس في هذا الصدد أصحاب المدارس والجامعات والمعاهد الخاصة الذين لا تردعهم قرارات وزارية أو تغلبهم أرقام هواتف للشكوى، ومحلات الملابس الجاهزة والأحذية، وعيادات الأطباء، إلخ من غير الخاضعين لمساءلة أو مراقبة أو محاسبة. 

أتمنى أن نبقى في مرحلة فش الغل بعض الوقت، وألا يكون المقال القادم مرثية لطبقة أوشكت أن تكون في مكان أفضل جداً عن قريب.

إعلان