إعلان

كيف تؤثر الأزمة القطرية على مستقبل المنطقة؟

د.إيمان رجب

كيف تؤثر الأزمة القطرية على مستقبل المنطقة؟

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

10:03 م الإثنين 17 يوليو 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

د.إيمان رجب

تشير التطورات الخاصة بالأزمة القطرية إلى أنها ستستمر لفترة ما إلى حين تمكن أحد أطرافها من تغيير مسار الأزمة لصالحه، وهو ما تسعى قطر لتحقيقه بصورة كبيرة، وإلى حين تحقق ذلك من المفيد تحليل كيف ستؤثر هذه الأزمة على مستقبل المنطقة العربية.

يمكن تحديد ثلاث ظواهر رئيسية كشفت عنها الأزمة الحالية مع قطر، ومن المتوقع أن تؤثر على مستقبل المنطقة خلال الفترة المقبلة. تتمثل الظاهرة الأولى في أن تأثير الدول الصغيرة مثل قطر في تفاعلات المنطقة ومستقبلها لم يعد مرتبط بامتلاكها المال فقط، حيث نجحت خلال السنوات الماضية في نسج شبكة علاقات واسعة مع دوائر صنع القرار في الغرب ومع مراكز الفكر ووسائل الإعلام الغربية، ومع مجتمعات رجال الأعمال هناك، على نحو خلق لها أدوات تأثير متعددة في توجهات الدول الغربية. ولعل هذا يفسر إعلان وزير الخارجية الفرنسي منذ أيام عن استعداد بلاده للوساطة في الأزمة استنادا إلى "احترام السيادة والقانون الدولي"، وهو ذات الخطاب الذي تبنته قطر منذ بدء الأزمة.

وبالتالي ستستمر أهمية الدول الصغيرة في تشكيل ميزان القوى في المنطقة لفترة، كما أن تحجيم تأثير هذه الدول أصبح يتطلب ليس التأثير عليها مباشرة من خلال إجراءات عقابية اقتصادية وسياسية وأمنية، وإنما أيضًا التأثير على الدوائر الداعمة لها في الغرب.

كما يعني ذلك أيضًا، استمرار أهمية السياسات الأمريكية والغربية بصفة عامة في تحديد مستقبل المنطقة، وهو ما يستدعي التعامل بموضوعية مع ما يذهب إليه البعض من تراجع الانخراط الأمريكي في المنطقة.

وتتعلق الظاهرة الثانية باستمرار الصراع بين القوى الداعية لمكافحة الإرهاب وتلك المعارضة لها وعلى رأسها قطر، وهذا الصراع يعد سببًا في الأزمة الحالية، ففي الوقت الذي ترى فيه الدول الأربع المعارضة لقطر أن جماعة الأخوان وتنظيمي داعش وجبهة النصرة جماعات إرهابية، ترى قطر أنها "قوى تعبر عن الإسلام السياسي وأن لجوؤها للعنف ناتج عن عدم مشاركتها في الحياة السياسية". وربما هذا يفسر الدعم الذي تحظى به قطر خلال الأزمة الحالية من كل من تركيا وإيران واللتان تتفقان مع هذا التوجه، فضلًا عن عدم تأييد الدول الغربية للسياسات التصعيدية التي اتبعها الرباعي العربي ضد قطر، فهذه الدول تظل تؤمن بضرورة الإصلاح السياسي في المنطقة سواء قادته القوى الليبرالية او الثورية أو أي من قوى الإسلام السياسي.

واستمرار الصراع بين هذه القوى، سيكون سببًا في تأخر التوصل لتسوية سلمية للصراعات في سوريا وليبيا واليمن والتي من الممكن أن تستمر لفترة على نحو يؤثر على مستقبل الدولة المركزية باعتبارها المرتكز الرئيسي لأي ترتيب للأمن الإقليمي في المنطقة.

وتنصرف الظاهرة الثالثة إلى أن حدوث أي تحول في ميزان القوى في المنطقة لن يتحقق بدون وجود مصر، بما في ذلك إعادة تشكيل ميزان القوى في الخليج وإنهاء الحالة الاستثنائية التي تمثلها قطر في تفاعلات المنطقة. ولعل هذا يفسر حرص الدول الغربية في تعاملها مع الأزمة القطرية على تحييد الدور المصري من خلال التأكيد بصورة مستمرة على أن حل هذه الأزمة يكون من خلال الحوار في إطار مجلس التعاون، وهو ما يعني عمليًا استبعاد مصر. وهذا الخطاب تكرر في تصريحات وزير الخارجية الفرنسي أثناء زيارته للسعودية بالأمس حيث تحدث عن أن "حل الأزمة يجب أن يكون من خلال دول الخليج أنفسهم"، كما نجد له صدى في خطاب دول خليجية أخرى والذي يؤكد على أن " يكون حل الأزمة مع قطر داخل البيت الخليجي".

وفي حال تهدئة الأزمة من خلال تأكيد طابعها الخليجي، وربطها باتفاق الرياض واتفاق الآلية التنفيذية له والاتفاق التكميلي له، فإنه لن يحدث تغير في سياسات قطر الخاصة بدعم الإرهاب. حيث تنص هذه الاتفاقيات على إلزام الدول الموقعة عليها بعدد من الالتزامات وهي (وقف بث أي مواد تسيء لدول الخليج في وسائل الإعلام، وعدم دعم المعارضة وعدم التدخل في شئون دول الخليج الداخلية، وعدم دعم الأخوان المسلمين وخروج الأخوان غير المواطنين من دول الخليج)، وذلك دون أن يرد فيها أي ذكر لوقف قطر دعمها للجماعات الإرهابية التي تعد متغيرًا مهمًا في بيئة الأمن الإقليمي في المنطقة.

إعلان