إعلان

الدروس المستفادة من حادث رفح الإرهابي

2018_11_1_18_49_16_355

الدروس المستفادة من حادث رفح الإرهابي

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:00 م الإثنين 10 يوليه 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تمر عادة أخبار العمليات الإرهابية علي بحكم عملي على قضية الإرهاب منذ سنوات مرورًا عابرًا لكونها تكرار لعمليات إرهابية كثيرة تخطى عددها استنادًا لما ورد في البيانات المجمعة للمتحدث العسكري ألف عمل إرهابي منذ ثورة 2013. ولكن خبر تفجير كمين رفح منذ أيام استرعى انتباهًا شخصيًا مني بتفاصيله. فإلى جانب الانفعال العاطفي والتأثر بخبر استشهاد أبطال الكتيبة 103 صاعقة خاصة بعد مشاهدة ردود أفعال أقاربهم وأهلهم، حيث أضيف لقائمة شهداء الوطن شهداء جدد، فإن كيفية تداول المعلومات حول هذا الحادث في تصوري جعلته من الأحداث غير العادية، والتي توفر دروس متعددة لكل من يتابع تطور العمليات الإرهابية في مصر.

حيث ترجع الطبيعة غير العادية لهذا الحادث من ناحية إلى أنه من حيث عدد من سقطوا شهداء وجرحى من قبل قوات انفاذ القانون، فإن هذا الحادث يعد الأول من نوعه منذ حادث كرم القواديس أكتوبر 2014 ثم معركة الشيخ زويد (عملية كمين الرفاعي) يوليو 2015. ووقوعه يكشف عن أن الإجراءات المتخذة من قبل الرباعي العربي (الإمارات والسعودية ومصر والبحرين) ضد قطر بسبب دعمها للإرهاب غير كافية للقضاء على خطر الإرهاب في شمال سيناء كما روج لذلك بعض الإعلاميين من خلال شعارات فضفاضة، فمسألة الدعم الخارجي للعناصر الإرهابية مسألة معقدة وبحاجة لمقاربة أكثر شمولية وواقعية.

ومن ناحية ثانية، أصبحت تكتيكات الإرهابيين ذات طبيعة مركبة، فعمليات التفجير أو الاغتيال التي تخلف شهداء ومصابين هي جزء من العمل الإرهابي ولاتعبر عن الصورة الكاملة، وهذا ما يكشف عنه التسجيل الصوتي الذي تناقله عدد كبير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي وأدعي كونه خاص بالشهيد أحمد المنسي، والذي كان يحكي فيه صاحب الصوت عن الخسائر التي نجحت ما أسماه جماعة "الدواعش التكفيريين" في إلحاقها بالمنطقة التي يتمركز فيها هو وجنوده، وطلب صاحب الصوت ممن يسمعه أن "يبلغ العمليات حتى تضرب المدفعية" (وبالمناسبة سرعان ما نفى أصدقاء المنسي صحة هذا التسجيل الصوتي، وكذلك المتحدث العسكري).

حيث يعد هذا التسجيل أحد تكتيكات العناصر الإرهابية التي تهدف إلى إضعاف الروح المعنوية لقوات انفاذ القانون من خلال إظهار عجز تلك القوات عن مواصلة القتال، إما بسبب نفاذ الذخيرة أو انقطاع الاتصال مع القيادة وهو ما ورد في التسجيل الصوتي المذكور. أو من خلال نشر صور من سقط من جنودنا شهداءًا أو مصابين بعد الاستشهاد أو الإصابة بكل ما لتلك الصور من تأثير نفسي.

وهذا تكتيك مستخدم من قبل الارهابيين في العديد من الدول، ويهدف عادة إلى توصيل رسالة محددة لقوات انفاذ القانون وللشعب الذي يساندها بأن "هذه القوات مهما حاربت فإن ذخيرتها ستنفذ وسيقتل عناصرها ولن تلحق هزيمة كاملة بالإرهابيين". وهو ما يستدعي رفع وعي المواطنين بخطورة تداول مثل هذا النوع من التسجيلات الصوتية أو الصور المفبركة، حتى لا يتحولوا إلى أدوات يتم استخدامها من العناصر الإرهابية لإفشال جهود مكافحة الإرهاب.

ومن ناحية ثالثة، لاتزال هناك مشكلة في المعلومات التي تتداولها وسائل الإعلام الغربية حول العمليات الإرهابية التي نتعرض لها، بما في ذلك تفجير رفح الأخير، فرغم ردود الفعل الإيجابية التي صدرت عن العديد من الدول الصديقة وعن مجلس الأمن الدولي، إلا أن صحيفة الإندبندنت البريطانية مثلًا شأنها شأن الإعلام الغربي عامة لا تزال تستخدم لفظ "المسلحين" و "المتمردين" بدل الإرهابيين،وهناك فارق بين كل من هذه الألفاظ. كما أن موقع البي بي سي عربي في نقله تفاصيل هذا العمل تحدث عن سقوط 51 قتيل وجريح من صفوف الجيش والشرطة في حين أن بيان المتحدث العسكري تحدث عن سقوط 26 شهيد ومصاب من قوات انفاذ القانون. وهذا يؤكد الحاجة الملحة للتواصل مع وسائل الإعلام الغربية فور وقوع العمل الإرهابي بلغات متعددة حرصًا على الاستخدام الدقيق لمسميات وألفاظ تتفق والقوانين الوطنية المنظمة لعملية مكافحة الإرهاب وعلى نحو لايجعل الدولة بأي شكل مدانة في محاربتها للعناصر الإرهابية.

إعلان