إعلان

عركة قطر المنصوبة

عركة قطر المنصوبة

أمينة خيري
07:26 م الإثنين 05 يونيو 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

صخب هادر، استيقظ العالم على "عالم عربي" مختلف. واستيقظ المصريون – وعلى الأرجح بعضهم لم ينم أصلاً- على أجواء بالغة الإثارة، إنها إثارة شبيهة بتلك التي طغت على الأجواء المصرية قبل عام إلا شهر، وقتها التصق المصريون بالشاشات، وانغمسوا في التحليلات، ولم يأووا إلى فراشهم إلا بعد إعلان تركيا عن فشل محاولة الانقلاب.

المشاعر مستعرة، والتنهيدات خارجة من الأعماق، الجانب الأكبر منها يحمل قدراً هائلاً من الراحة والانبساط، إنها راحة شفاء الغليل، وانبساط انتقام المظلوم. لكن جانباً آخر – ربما ضئيلاً وحتماً ساكناً قاعداً على جنب تماماً كالست التي اندلق طبيخها- لا يٌسمع له صوت، صحيح أن الصوت قد يأتي لاحقاً عبر "بٌمبة" هنا أو تفخيخة هناك، إلا أن صمت الساكتين في خضم مفاجأة قطع دول عدة – وبينها مصر- علاقاتها مع قطر مؤشر مهم، فقد علمتنا العوارض الجانبية لثورة يناير أن "صاحبك تعرفه من رد فعله"، فإن دبدب على الأرض وصرخ كما تفعل فهو حبيبك وكفاءة، وإن انكفأ في زاوية ورسم ابتسامة باهتة، فهو لا صاحبك ولا يحزنون.

قطر التي دوخت العالم السبع دوخات، وأذاقت مصر مرارة علقم كما لم تذق من قبل تجد نفسها في حيص بيص اليوم، ردود فعل الدول كذلك كاشف وعاكس، تونس مثلاً تدعو إلى التهدئة لحل الخلاف! بريطانيا تتعامل مع الموقف من منطلق المهنية الإنكليزية التي كانت تصنف "داعش" باعتبارها جماعة أصولية أو جهادية، والمهنية تحتم أن تضع عبارة "دعم الإرهاب" بين علامات تنصيص لأن الاتهام الموجه لقطر لم يثبت صحته بعد!! وهلم جرا.

وقد جرى العرف أيضاً أن تكون الكلمات مهما كانت غارقة في نشا الديبلوماسية كاشفة للنبرة، بيان الخارجية القطرية نبرته مهزوزة "اختلاق أسباب لاتخاذ إجراءات ضد دولة شقيقة في مجلس التعاون دليل ساطع على عدم وجود مبررات شرعية لهذه الإجراءات التي اتخذت بالتنسيق مع مصر"، لكن كل الكلمات كاشفة ومعبرة.

وهذه الكلمات أيضاً معبرة، "المواجهة الشاملة مع الإرهاب تعني بالضرورة مواجهة كافة أبعاد ظاهرة الإرهاب فيما يتصل بالتمويل والتسليح والدعم السياسي والأيديولوجي. فالإرهابي ليس فقط من يحمل السلاح، وإنما أيضاً من يدربه ويموله ويسلحه ويوفر له الغطاء السياسي والأيديولوجي ... فهناك دولا تورطت في دعم وتمويل المنظمات الإرهابية وتوفير الملاذات الآمنة لهم. كما أن هناك دولاً تأبى أن تقدم ما لديها من معلومات وقواعد بيانات عن المقاتلين الإرهابيين الأجانب". ما قاله الرئيس السيسي في قمة الرياض أيضاً كان كاشفاً جداً ومحركاً لما يشهده العالم العربي من تحول جذري اليوم، وعودة إلى الشعب.

بصراحة شديدة وبعيداً عن كتب العلوم السياسية ومبادئ القواعد الديبلوماسية، وحيث أن هذا الشعب لم يجد من يحنو عليه منذ زمن، فإن سعادته مستحقة، وبهجته مستوجبة. لكن الحرص أيضاً واجب، والنظر إلى ما بعد فورة رد الصاع صاعين فرض. فالعلاقات –حلوها ومرها- لا تبقى على حال، والسياسة بفوراتها وثوراتها لا تلتزم خطوطاً مستقيمة، وما دائم إلا وجه الله.

أسئلة عدة علينا أن نذكر أنفسنا بطرحها بعد هدوء الزخم وسكون الفرح، ما موقف المصريين العاملين في قطر؟ (وإن كنت أظن أن قطر ستكسب بنطاً بالإبقاء عليهم) وما هي الخطوة التالية بعد قطع العلاقات؟ ما مصير الجماعة في هذا الطور الجديد؟ وما موقف تركيا وهي الحاضن الأم؟ وحماس وغزة؟ وماذا عن السودان وهل ينتهي شهر العسل مع قطر وهو العسل الذي تم بثه سماً على مصر؟ لدينا الكثير من العمل ولا وقت لاستمرار العمل بمبدأ "طوبة على طوبة خلي العركة منصوبة".

إعلان