إعلان

غزوة أطفيح الكبرى

غزوة أطفيح الكبرى

عادل نعمان
09:00 م الإثنين 25 ديسمبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

ضاقت المساجد بالمسلمين على عمّارها في أطفيح، فجاءهم ملك ليخرجوا للجهاد واللحاق بصلاة العصر بكنيسة الأمير تادرس، هدية مهداة إلى إخوانهم المسيحيين في عيدهم في قرية الواصلين. خرجوا من صلاة الجمعة قاصدين كنيسة الأمير للأقباط الأرثوذكس في القرية الصغيرة الواقعة في مركز أطفيح محافظة الجيزة، يكبرون ويهللون ويلوّحون بعلامة النصر المبين، يحاصرون الكنيسة، وكأنهم يتسلقون أسوار خيبر، ويعلنون نهاية الكفر في قريتهم الصغيرة، وكان لهم النصر المؤزر على الضالين والواصلين والمسالمين، هكذا علموهم في مدارسهم أن المغصوب عليهم هم اليهود، وأن الضالين هم النصارى، فوجب محاربة الضلال والمضللين. هل أخطأت الدهماء فيما أقدمت عليه من اقتحام الكنيسة وتخريبها؟ بلى لقد كانوا على العهد والميثاق ملتزمين.

وكانت الغزوة التي زحفت من المسجد بيت الله، إلى الكنيسة بيت الله أيضا، بسبب إشاعة عن تركيب جرس للكنيسة يعلن عن الصلاة، كما يعلن في المسجد عن صلواتهم بالأذان، وهو حق الله للاثنين معًا.

وهذا يا سادة ما قاله المشايخ والأئمة عن الرموز الدينية كالصلبان والأجراس، وما كان لهؤلاء الغوغاء من نصير ومعين إلا هؤلاء، ولو كان الأمر بيدي لحاكمت الغزاة في التاريخ كله، ومن حرّضوا عليه وأباحوه وأجازوه على الآمنين في بلادهم.

هذا ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية: في مجموعة الفتاوى (فإن كل ما عظم بالباطل من مكان أو زمان أو حجر أو شجر يجب قصد إهانته)، والشرح: يجب إهانة مقدسات الآخرين، سواء كانت أمكنة كالكنائس والمعابد والأنهار وغيرها، أو أزمنة كعيد الكريسماس أو رأس السنة أو الشعانين، أو الأحجار كالصلبان والأجراس، أو المجسمات أو الآثار، أو شجر كأشجار أعياد الميلاد.

ويقول أيضا شيخ الإسلام في موضع آخر: من مجموعة الفتاوى (وجوب قصد إهانة الكافر ومقدساته لأنه عدو الله، ومقدساته باطلة)، ويقول في موضع آخر أيضا: عن ولي الأمر الذى يترك لهم حرية العبادة، أو حرية ممارسة شعائرهم الدينية (بما فيه إظهار شعائرهم في بلاد المسلمين أو تقوية أمرهم، إلا وكان رجل منافق، يظهر الإسلام وهو منهم في الباطن، أو رجل له غرض فاسد مثل أن يكون برطلوه، ودخلوا عليه برغبة أو رهبة، أو رجل جاهل في غاية الجهل لا يعرف السياسة الشرعية الإلهية) ثم نترك شيخ الإسلام إلى تلميذه ابن القيم الجوزية، والاثنان دليلا السلفية والوهابية في الحكم على غير المسلم لا ينازعهما منازع، ولا يرتقي مكانتها مرتقٍ، ولا يرتفع مقامهما مرتفع، خذ ما جاء في كتابه "أحكام أهل الذمة"، فصل "ولا نضرب نواقيسنا إلا ضرباً خفيفًا في جوف كنائسنا، نقلاً عن العهدة العمرية " (لما كان الضرب بالناقوس هو شعار الكفر فلقد اشترط عليهم تركه، وقال في هذا ابن عباس: أيما مصر "بلد" مصّرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه بيعة، ولا يضربوا فيه ناقوسًا) واستند فيما استند إليه، كتاب عمر بن الخطاب إلى أحد الولاة جاء فيه: "إن أحق الأصوات أن تخفض، أصوات اليهود والنصارى في معابدهم وكنائسهم" واستند أيضا إلى عمر بن عبد العزيز في كتابه إلى أحد عماله "أن لا يضرب بالناقوس خارجا من الكنيسة". وجاء في نفس المرجع "أحكام اهل الذمة" أن أبو زرعة قد سمع مالك بن أنس يقول "إذا نقس بالناقوس، اشتد غضب الرحمن عز وجل، فتنزل الملائكة فتأخذ بأقطار الأرض، فلاتزال تقول قل هو الله أحد حتى يسكن غضب الرب"!!. ونتساءل: هل خرج هؤلاء المجاهدون عن الخط المعوج؟ أو غيروا محطة النزول؟ أو ركبوا مركبة غير ما ركبها وامتطاها السلف؟ هل فكر أحد من هؤلاء أن كل ما قاله المشايخ قول بشر، وليس قولاً من الله، هل جاءونا بالآية (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز) قولوا لنا أفادكم الله: نتبع القرآن أم نتبع ابن تيمية؟ نهتدي بالقرآن أم نهتدى بابن القيم؟ نسترشد بالقرآن أم نسترشد بالحويني؟ نستدل بالقرآن أم نستدل ببرهامي؟ وأخيراً: نأخذ بالناسخ أم نأخذ بالمنسوخ؟ هذه زراعتكم، وهذا نتاج صناعتكم، وهذا بيعكم وبضاعتكم، وهذه تربيتكم وتعليمكم، فذوقوا وبال أمركم.

أيا أيها الغازي المغتصب، هل رأيت الذعر والرعب على وجوه الكبار والصغار؟ هل رأيت دموعًا في عيون الأطفال والنساء؟، هل رأيت الدموع يومًا في عيون أطفالك؟ بأشد منها كان خوف هؤلاء يوم انتصارك في غزوة صلاة العصر في قرية الواصلين، واعلم أن (تلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعداً) لكم الله يا رفاق الوطن والدرب والمسير.

 

إعلان