إعلان

تداعيات قرار ترامب

تداعيات قرار ترامب

محمد جمعة
09:00 م الثلاثاء 12 ديسمبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

الحقيقة الماثلة أمام الجميع أنه (ورغم الضعف الشديد الذي يعانيه العالم العربي في هذه الآونة، وهشاشة الوضع في المنطقة ككل) لن يكون من السهل التنبؤ بكل التداعيات المرتبطة باعتراف ترامب بالقدس كعاصمة لإسرائيل. وستكون لخسارتها الرمزية أصداء عبر العالم الإسلامي.

صحيح أن المخاوف من عنف واسع الانتشار (يتبع هذا الاعتراف البائس) هي بالضرورة مبالغ فيها. لكن مع ذلك لن تخلو هذه الخطوة من تبعات.

وخلافًا للتأثيرات الأمنية متعددة الجوانب التي ستتلو هذه الخطوة، سيفرز القرار اضطرابات غير مرحب بها بالنسبة للكثيرين، وأيضًا فرصًا لبعض الأطراف الإقليمية، مثل إيران وتركيا. 

وحتى بعد أن تتفرق جميع التظاهرات، سيُبقي النشطاء النيران حية عبر وسائل التواصل الاجتماعي. 

الأكثر من ذلك، أن قرار ترامب سيعزز من فرص التجنيد لصالح جماعات متطرفة. وسيقدم تغيير وضع القدس (بكل رمزيتها) لفصائل إرهابية عديدة، ومن بينها "ولاية سيناء" (كانت من قبل تُسمى بأنصار بيت المقدس)، فرصة دعائية وصيحة استنفار لحشد البسطاء من العرب والمسلمين. 

من ناحية أخرى، إذا كانت عملية السلام تحتضر منذ وقت طويل، قبل إعلان ترامب عن نواياه بخصوص القدس، فإن قراره الأخير يجسّد أو يعكس الانهيار الحتمي لعملية السلام. 

الآن، وفى أفضل الأحوال، ربما يبدأ الفلسطينيون في الدفع تجاه حل الدولة الواحدة، بعد أن تم تقويض حل الدولتين.

بل، إن إسرائيل نفسها تتحرك الآن في ذات الاتجاه، حتى وإن كانت لا ترغب في ذلك.

ذلك أن الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، كان لعقود، ورقة مساومة (لها أهميتها الكبرى) بين يدي الولايات المتحدة.

الآن، منحت واشنطن ذلك المطلب من دون أن تطلب بالمقابل ثمن ذلك من تل أبيب.

وعليه ستشعر إسرائيل أنه لا يوجد سوى ضغط قليل للتعامل مع القضية الفلسطينية، ولذلك ستمضي عملية الاستيطان على قدم وساق، لتجلب إسرائيل إلى نقطة أقرب (ولو من دون قصد) من نموذج الدولة الواحدة. 

وستكون لهذا النموذج تداعياته على إسرائيل، حيث ستخسر وضعها كدولة ذات أغلبية يهودية، مع إضافة الملايين من الفلسطينيين إلى قوائم الانتخاب.

وفي حالة حرمانهم من الاقتراع سيقوّض هذا مزاعم "تل أبيب" بشأن ديمقراطيتها.

لذا على الرغم من أن الوضع الحالي ربما يبدو كانتصار سياسي لإسرائيل اليوم، إلا أنه سيجلب معه في المستقبل قرارات صعبة، وتداعيات أصعب... ليس على العرب والفلسطينيين فقط، وإنما على مستقبل إسرائيل أيضًا.

إعلان