إعلان

القائد والسياسي

القائد والسياسي

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:00 م الإثنين 06 نوفمبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

ليس كل السياسيين قادة وليس كل القادة سياسيين، هكذا تعلمنا في العلوم السياسية، فقد يكون هناك سياسي بارع قادر على بناء تحالفات معقدة من أجل تعزيز شرعيته أو على الدخول في مفاوضات صعبة من أجل تحقيق غاياته وأهدافه، ولكنه لا يمتلك أي خصائص أو صفات قيادية، بل على العكس قد يمتلك صفات معاكسة لفكرة القيادة على نحو يجعل المقولة الشهيرة "ربنا ما يوليك على حد" لها معنى في محله.

وهناك في المقابل من يمتلك صفات قيادية ولكنه لا يمتلك أي مهارات سياسية، حيث يكون قادرا على تحديد المشاكل ووضع حلول لها في ظل الامكانات المتاحة، وتشكيل فريق عمل لتنفيذ تلك الحلول، ولكنه يفتقد مهارات التواصل السياسي مع الآخرين، وبالتالي تكون حظوظ هذا القائد في عالم السياسة محدودة.

القائد السياسي أو السياسي القائد عملة نادرة في هذا الزمان لأسباب خاصة بطبيعة العملية التعليمية والتدريبية لدينا، ولكن هناك أشخاص استثنائيين استطاعوا أن يتغلبوا على القصور في هذه العملية ونجحوا في بناء قدراتهم الذاتية ليجمعوا بين صفات السياسي المؤثر، والقائد القادر على تحقيق أهدافه، وهو ما يجعل منهم أشخاصا متميزين، ليس في أدائهم الشخصي فقط، ولكن في قدرتهم على إتاحة الفرص لآخرين حتى يكونوا قادة سياسيين.

مفتاح السر في ذلك هو قدرة هذه الشخصيات المتميزة على تمكين الناجحين وليس تهميشهم أو إقصائهم أو تحطيم روحهم المعنوية، وكذلك تمتعهم بمهارة تكوين فرق عمل تتألف من عناصر ناجحة وترغب في مزيد من النجاح، وتأهيل تلك الفرق وتطوير قدراتها على نحو يخلق جيل ثاني من القادة السياسيين.

الدول التي فيها أشخاص يجمعون بين صفات القائد وصفات السياسي هي بالطبع أفضل حالا من دول لا تملك هذا النوع من الأشخاص، والدول التي لديها استراتيجية لاكتشاف القائد السياسي أو السياسي القائد خاصة بين الشباب، وتمكينه من أن يبدع ومن تغيير الأوضاع نحو الأفضل هي بطبيعة الحال أفضل من دول أخرى امتهنت حرفة تهميش هذا النوع من الأشخاص، وبالطبع تستطيع أن تكون في وضع أفضل بكثير في المستقبل.

إعلان