إعلان

مصر ماركة مسجلة

مصر ماركة مسجلة

د. جمال عبد الجواد
07:01 م الجمعة 03 نوفمبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

قليلة هي دول العالم التي تستطيع أن تتعرف عليها بمجرد أن ترى صورة لأحد معالمها. برج إيفل، يدل على باريس وعلى فرنسا كلها. جسر لندن، يدل على المدينة التي يحمل اسمها، وعلى بريطانيا كلها. بوابة براندينبرج تدل على برلين وعلى كل ألمانيا. الأكروبوليس يدل على أثينا واليونان، والكولوسيوم يدل على روما وإيطاليا، والسور العظيم يدل على الصين.

بعض بلاد العالم لديه من الحظ الكثير، فنجد له أكثر من معلم يشير إلى حضارته وتاريخه واسمه. فبالإضافة إلى إيفل، يدل قوس النصر على فرنسا. الولايات المتحدة تمتلك أكثر من معلم يمثلها، فهناك تمثال الحرية، وناطحة السحاب الشهيرة "إمباير ستيت". حتى شلالات نياجرا تعتبر من معالم الولايات المتحدة، فمع أن الشلالات تقع على الحدود بين الولايات المتحدة وكندا، إلا أن قليلين فقط يلاحظون أن الشلالات كندية بقدر ما هي أمريكية.

المعالم الدالة على بعض بلاد العالم قديمة جدًا، يزيد عمرها على آلاف السنين، مثل الكولوسيوم والأكروبوليس. بعض هذه المعالم يشير إلى نهضة تحققت في العصور الحديثة بدءا من القرن السابع عشر، مثلما هو الحال بالنسبة لبرج إيفل وجسر لندن وبوابة براندينبرج. بالإضافة إلى ذلك فهناك بعض المعالم التي تعبر عن إنجاز اقتصادي وهندسي وتجاري معاصر، مثل ناطحات السحاب الأمريكية، وماركات السيارات اليابانية، وماركات الأجهزة المنزلية والتليفونات المحمولة الكورية.

لقد أصبحت هذه المعالم رموزًا تدل على بلاد وحضارات وثقافات، وتستدعي في الذهن بمجرد رؤيتها مشاعر وآراء وتقييمات تتعلق بأمم بأكملها، وهي في هذا مثل الشعارات التي تمثل ماركات تجارية لها احترام ومصداقية. كلما كان للبلد شعار يمثله، كلما كانت لديه ماركة لها احترامها ومصداقية، وكلما كان له أكثر من شعار يمثله، زادت حظوظه في الرواج والسمعة.

مصر من بين بلاد العالم القليلة التي لديها شعار- بل أكثر من شعار  يميزها. يصعب تخيل وجود أحد في هذا العالم لا يستطيع التعرف على الأهرام بمجرد مشاهدة صورة لها، أو يفشل في الربط بين الأهرام ومصر. المعابد الثلاثة الرائعة: الكرنك والأقصر وأبو سمبل، كلها معالم أصبحت شعارات لماركة عالمية مسجلة اسمها مصر.

إلى جانب الشعارات المصرية المعروفة عالميا، فهناك أيضا شعارات لها شهرة إقليمية فقط. برج القاهرة، ومشهد نهر النيل في القاهرة أو أسوان، كلها رموز يتعرف عليها إخواننا العرب وجيراننا الشرق أوسطيون بسهولة. أغلب جيراننا في الإقليم محرومون من علامات ومعالم تدل على بلادهم. الكعبة بالتأكيد تدل على السعودية، وربما دل برج الكويت عليها، ولكن هل تذكر العلامات التي تدل على ما عدا ذلك من بلاد المنطقة؟ هل تستطيع التمييز بين مجموعات ناطحات السحاب الرائعة التي نراها في الصور القادمة من الخليج، وما إذا كانت تقع في دبي أو أبوظبي أو الدوحة؟

مصر محظوظة بالمعالم التي تجعل منها ماركة مسجلة معروفة عالميا. الماركة المصرية المسجلة تمنح بلدنا مركزا ومكانة وهيبة، وتعود علينا بمنافع اقتصادية هائلة، فعلينا صيانة ماركة مصر التجارية وتطويرها. الربط بين مصر والتحرش الجنسي والقمامة الملقاة في الشوارع يقوض ماركتنا المسجلة. وقوع بلدنا في ذيل الترتيب العالمي في بعض التصنيفات الدولية مثل التعليم، يشوه ماركتنا، ويجعل المعالم الدالة علينا رموزاً للفشل. المعالم الدالة على الماركة المصرية أغلبها قديم قدم التاريخ، والحديث منها غير معروف خارج نطاق الإقليم والجيران.

بقدر ما علينا صيانة المعالم والرموز القديمة، فإن علينا تطوير معالم ورموز جديدة تدل على أن هذا الوطن بلغ الذروة في الماضي، ويشق طريقه نحو الذروة في الحاضر أيضًا.

إعلان

إعلان

إعلان