إعلان

نقاط في مرمى الصراعات الإقليمية

نقاط في مرمى الصراعات الإقليمية

د. ياسر ثابت
09:00 م الثلاثاء 21 نوفمبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

زيارة رئيس الوزراء اللبناني المستقيل، سعد الحريري، لمصر لها أهمية ودلالات كبيرة.

الزيارة تؤكد أن مصر دولة محورية ومهمة في معادلة الأمن والاستقرار في لبنان والمنطقة، وأن طريق حل الأزمة اللبنانية لا بد أن يمر بالقاهرة، التي تعمل مع باقي الأطراف اللبنانية والإقليمية لنزع فتيل الأزمة في لبنان.

الشاهد أنه خلال الأسابيع القليلة الماضية، شهد العالم مشاركة المخابرات العامة المصرية في إنهاء العديد من الخصومات والخلافات الإقليمية، لتستعيد مصر دورها ومكانتها كمحور أساسي لأمن المنطقة واستقرارها.

ولعل من بين هذه الجهود ما جرى على صعيد التوقيع على إعلان القاهرة، لتوحيد الحركة الشعبية لتحرير السودان بمقر المخابرات العامة المصرية، ويعد توقيع وثيقة القاهرة مدخلًا أساسيًا لعودة اللاجئين إلى مناطقهم بجنوب السودان.

المحطة الأهم في مساعي مصر الإقليمية في الفترة الأخيرة، تمثلت في رعاية المصالحة الوطنية الفلسطينية. فعلى مدار أكثر من عشر سنوات، شهدنا حالة من الانقسام والصراع بين حركتي فتح وحماس الفلسطينيتين، ورغم المحاولات العربية والدولية لإنهاء الخلاف والانقسام السياسي، وفشل جميع جهود المصالحة الوطنية طوال تلك السنوات العجاف، لم ينجح أكبر فصيلين فلسطينيين في تجاوز الخلافات التي بدأت في عام 2006.

إلا أن مصر رعت -بدبلوماسية ذكية، وعبر اتصالاتها ونفوذها- اتفاق المصالحة الوطنية بين حماس وفتح، وإعادة تسليم المعابر لحركة فتح، وكل هذا هو ثمرة جهد المخابرات المصرية لتحقيق المصالحة الفلسطينية.

في خطٍ موازٍ، تبذل مصر جهودًا ضخمة لحل الأزمة السورية، وحقن دماء الشعب السوري، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية.

ونتيجة للجهود التي تقوم بها المخابرات المصرية منذ عدة أشهر، تم التوصل لوقف إطلاق النار في ريف حمص الشمالي والغوطة والمنطقة الجنوبية وإدلب، وأخيرًا أعلنت القاهرة توصل 3 فصائل سورية إلى اتفاق مبدئي لوقف إطلاق النار جنوبي دمشق.

ووفق بيان لجهاز المخابرات العامة المصرية، فإن اجتماعًا عُقِد، بين ثلاثة فصائل سورية، بمقر الجهاز، للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

 

دعونا هنا نتحدّث قليلًا عن الموقف المصري من الأزمة السورية، والذي بدأ يتغير تدريجيًا مع تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الحُكم، بعد أن قامت مصر خلال حكم محمد مرسي بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق وأعلنت صراحة تأييدها للمعارضة المسلحة في سوريا، بل ووجّه مرسي الدعوة إلى المصريين للجهاد هناك.

في النصف الثاني من عام 2013 تغيّر الخطاب الرسمي المصري تجاه الأزمة السورية، لجهة المطالبة بحل سياسي لها، تمثل في استقبال وفد من المعارضة السورية بهدف التوصّل لصياغة رؤية موحدة بشأن حل سياسي لهذه الأزمة. وسرعان ما بدا واضحًا أن مصر تملك علاقات جيدة مع مختلف الأطراف السورية، بحكم عدم تورُّطها في الصراع الدامي الدائر هناك، مما يجعلها وسيطًا مثاليًا ومقبولًا لدى هذه الأطراف المتنازعة.

ربما جاز القول إن هناك دبلوماسية مصرية جديدة تنظر بعين الاعتبار إلى مصالح الأمن القومي المصري، وسوريا تقع في عمق هذه المصالح، إن لم تكن في قلبها، فالهدف الاستراتيجي المصري هو الحفاظ على وحدة وسلامة التراب السوري وشعبه، فالتدخل الخارجي، بالإضافة إلى أنه فشل فشلًا كبيرًا، فهو لم يعد صالحًا، لذلك لا بد من الحل السياسي، وهذا الحل يتطلب إقناع كافة الأطراف السورية بضرورة الاحتكام إلى لغة الحوار للحل السياسي.

يحدث ذلك، بينما تستمر مصر في عملها المكثف، وتعقد اجتماعاتها المتتالية مع الفصائل الليبية المتنازعة، في القاهرة، للتوصل إلى حلول تحقق طموحات الشعب الليبي، والمصالحة بين الفصائل المختلفة، وتقضي على الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم داعش.

وليس خافيًا أن مصر تدعم جهود تعديل اتفاق الصخيرات بين الفصائل والقوى الليبية، لضمان توحيد الصف الليبي في مواجهة جماعات الإرهاب التي تعمل هناك.

هذه النقاط التي تسجّلها مصر في مرمى الإرهاب، وعدم الاستقرار على المستوى الإقليمي، تُحسب لها، وإن كان ضروريًا التوصية بزيادة الاهتمام بالقارة الإفريقية، لاعتبارات كثيرة، أبرزها أننا على أبواب صراع مائي حول حصة مصر من مياه نهر النيل، وبالتالي هناك حاجة إلى كسب حلفاء جدد في إفريقيا، لدعم موقف القاهرة في هذا الملف الشائك.

إعلان