إعلان

تفلْسَفوا لوجه الله والوطن

تفلْسَفوا لوجه الله والوطن

د. أحمد عبدالعال عمر
09:00 م الأحد 19 نوفمبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

في السادس عشر من هذا الشهر احتفلت منظمة اليونسكو باليوم العالمي للفلسفة، وفيه وجهت السيدة "أودري أزولاي" مديرة المنظمة رسالة للعالم أكدت فيها دور الفلسفة الإيجابي في تغيير المجتمعات، وتحفيز الحوار بين الثقافات، ونشر القيم الإنسانية وثقافة التسامح في العالم.

وتأسيسًا على تلك الرسالة نقول: تفلسفوا لوجه الله والوطن؛ فالفلسفة هي رؤية للوجود، وأسلوب حياة وممارسة يومية. وهي صرخة العقل الذي يرفض أن يكون ألعوبة في يد المستبدين الذين يحجرون على الإنسان قائلين: لا تفكر نحن نفكر لك.

والفلسفة هي روح العصر، وحوار العقول الكبيرة، وميراث الأسئلة والأفكار التي دارت بعقل الإنسان منذ وضع قدمه على الأرض وتطلع إلى السماء، وسأل نفسه: من أنا؟ ولماذا الآن هنا؟ وكيف سأحيا؟ وإلى أين المصير؟

ثم بعد أن استقر في بيئته وسياقه الجغرافي والاجتماعي تساءل من جديد عن الحق والخير والجمال، وحاول تحديد معاييرها وكيفية تحقيقها. كما أخذ يفكر في المجتمع والدولة ونظام الحكم، وفي علاقة الإنسان بالإله والسلطة الزمنية، وعلاقة الإله والسلطة الزمنية بالبشر، وفي علاقة البشر فيما بينهم داخل المجتمع.

ومع تقدم الحياة الإنسانية والاجتماعية وتعقدها، ازدادت الحاجة للفلسفة، خاصة في أزمنة المحنة التي تفقد فيها الحياة الاجتماعية والسياسية والدينية قبول ورضا الشعب. والفلسفة تظهر في ذلك التوقيت – كما قال الفيلسوف الألماني هيجل (1770 — 1831)- لكي تُصلح بالفكر الفساد الناتج عن تردي الأوضاع السياسية والاجتماعية وصراعات رجال الدين.

ولهذا صار ظهور الفلسفة ضرورة في زمن المحنة لكي تمارس دورها التاريخي في النقد وكشف الزيف، كما قال الفيلسوف الألماني تيودور فون أدرنو (1903 – 1969).

والفلسفة هي "فن تكوين وصنع المفاهيم" كما قال الفيلسوف الفرنسي جيل دولوز ( 1925 – 1995م )، بما تحمله هذه المفاهيم من مضامين ودلالات تترابط فيما بينها أو تتعارض. وهي آلية عقلية لتشريح وفهم وتفكيك الإشكاليات الملحة التي يفرضها الواقع على الإنسان.

ولهذا فإن خروج الفلسفة اليوم من أسوار الجامعة إلى فضاء الشارع والحياة عبر أجهزة الإعلام والقنوات الفضائية وبوابات ومواقع الصحافة هو أمر حتمي من أجل نقد الفكر السائد، وإعادة صياغة مضامين ودلالات المفاهيم التي تتردد في المجال العام، ويتصارع حولها السياسيون والمثقفون والإعلاميون.

ومن المؤكد أن إعادة صياغة المفاهيم، وتحديد مضامينها ودلالاتها بدقة، سوف يكشف لنا وجود اختلاط مذهل لها في أذهان مستخدميها، وبخاصة مفاهيم مثل: الوطنية، والولاء، والانتماء، والخيانة، والإيمان، والكفر، والتدين، والنزاهة، والتجرد، والفساد، والأمانة، والفضيلة، والعهر، والوطن، والدولة، وهيبة الدولة، ونظام الحكم، والسلطة، والمواطنة، والصالح العام، ورجل الدولة، والمعارض السياسي، ورجل الدين، والإصلاح، والتجديد، والمفكر، والصحفي، والإعلامي، والكفاءة، والاستحقاق، والجدارة.

أما الإشكاليات الفكرية والسياسية التي تحتاج للفلسفة كآلية لتشريحها وفهمها وتفكيكها، فهي الإشكاليات التي أظهرتها متغيرات الواقع بعد ثورات الربيع العربي؛ مثل إشكالية العلاقة بين الدين والدولة، وعلاقة رأس المال ورجال الأعمال بالسياسة والسلطة، وعلاقة مركز القوى السياسية والمالية في الداخل بمصالح قوى إقليمية ودولية في الخارج. وكذلك علاقة المثقف والسلطة، وعلاقة أجهزة الأمن السياسي بالمجتمع والنخبة، ودورها في إدارة الدولة. ومنها أيضاً إشكالية الحضور الطاغي في المجتمع لأجهزة الإعلام والفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي، ودورها في تنوير الشعب أو تجهيله، وتشكيل الوعي أو تزييفه.

في النهاية، فإن الفلسفة التي ندرس من خلالها تاريخ الأفكار والمذاهب والتيارات الفكرية والدينية، والتي تحثنا على إعمال العقل، ومناقشة كافة الآراء ووجهات النظر بعقلانية على قاعدة عدم وجود مُلاك يحتكرون الحقيقة المطلقة، هي وسيلة مهمة لنشر ثقافة التسامح وقبول الآخر، وحتمية العيش المشترك في ظل الدولة المدنية الحديثة. وهي سلاح لا غنى عنه لمقاومة التعصب والكراهية وضيق عقل الأصوليين والمتزمتين الذين لا يخلو منهم أي مجتمع أو دين.

ولهذا كنت أتمنى من واضعي المادة رقم (24) من الباب الثاني بالدستور المصري، المعني بالمقومات الأساسية للمجتمع، والتي جاء في نصها: "... وتعمل الجامعات على تدريس حقوق الإنسان والقيم، والأخلاق المهنية في التخصصات العلمية المختلفة"، لو جعلوا من تدريس الفلسفة وتاريخ التيارات الفكرية المختلفة، مادة تثقيفية لكل طلاب الجامعات المصرية، وبخاصة الكليات العملية، حتى نرتقي بالحس الإنساني والمستوى الثقافي والوعي الفكري للطلاب، فلا يخرج الطالب من الجامعة للحياة العامة والمجتمع محدود الثقافة، أحادي التكوين والفكر، يرى الواقع وأحداثه، والمحيطين به والمتعاملين معه من منظور واحد فقط.

في السادس عشر من هذا الشهر احتفلت منظمة اليونسكو باليوم العالمي للفلسفة، وفيه وجهت السيدة "أودري أزولاي"، مديرة المنظمة، رسالة للعالم أكدت فيها دور الفلسفة الإيجابي في تغيير المجتمعات، وتحفيز الحوار بين الثقافات، ونشر القيم الإنسانية وثقافة التسامح في العالم.
وتأسيسًا على تلك الرسالة نقول: تفلسفوا لوجه الله والوطن؛ فالفلسفة هي رؤية للوجود، وأسلوب حياة وممارسة يومية. وهي صرخة العقل الذي يرفض أن يكون ألعوبة في يد المستبدين الذين يحجرون على الإنسان قائلين: لا تفكر، نحن نفكر لك.
والفلسفة هي روح العصر، وحوار العقول الكبيرة، وميراث الأسئلة والأفكار التي دارت بعقل الإنسان منذ وضع قدمه على الأرض وتطلع إلى السماء، وسأل نفسه: من أنا؟ ولماذا الآن هنا؟ وكيف سأحيا؟ وإلى أين المصير؟ 
ثم بعد أن استقر في بيئته وسياقه الجغرافي والاجتماعي تساءل من جديد عن الحق والخير والجمال، وحاول تحديد معاييرها وكيفية تحقيقها. كما أخذ يفكر في المجتمع والدولة ونظام الحكم، وفي علاقة الإنسان بالإله والسلطة الزمنية، وعلاقة الإله والسلطة الزمنية بالبشر، وعلاقة البشر فيما بينهم داخل المجتمع. 
ومع تقدم الحياة الإنسانية والاجتماعية وتعقدها، ازدادت الحاجة للفلسفة، وبخاصة في أزمنة المحنة التي تفقد فيها الحياة الاجتماعية والسياسية والدينية قبول ورضا الشعب. والفلسفة تظهر في ذلك التوقيت- كما قال الفيلسوف الألماني هيجل (1770 – 1831)- لكي تُصلح بالفكر الفساد الناتج عن تردي الأوضاع السياسية والاجتماعية وصراعات رجال الدين.
ولهذا صار ظهور الفلسفة ضرورة في زمن المحنة لكي تمارس دورها التاريخي في النقد وكشف الزيف، كما قال الفيلسوف الألماني  تيودور فون أدرنو (1903 – 1969).
والفلسفة هي "فن تكوين وصنع المفاهيم" كما قال الفيلسوف الفرنسي جيل دولوز (1925 – 1995م)، بما تحمله هذه المفاهيم من مضامين ودلالات تترابط فيما بينها أو تتعارض. وهي آلية عقلية لتشريح وفهم وتفكيك الإشكاليات الملحة التي يفرضها الواقع على الإنسان.
ولهذا فإن خروج الفلسفة اليوم من أسوار الجامعة إلى فضاء الشارع والحياة عبر أجهزة الإعلام والقنوات الفضائية وبوابات ومواقع الصحافة هو أمر حتمي من أجل نقد الفكر السائد، وإعادة صياغة مضامين ودلالات المفاهيم التي تتردد في المجال العام، ويتصارع حولها السياسيون والمثقفون والإعلاميون.
ومن المؤكد أن إعادة صياغة المفاهيم، وتحديد مضامينها ودلالاتها بدقة، سوف يكشف لنا وجود اختلاط مذهل لها في أذهان مستخدميها، وبخاصة مفاهيم مثل: الوطنية، والولاء، والانتماء، والخيانة، والإيمان، والكفر، والتدين، والنزاهة، والتجرد، والفساد، والأمانة، والفضيلة، والعهر، والوطن، والدولة، وهيبة الدولة، ونظام الحكم، والسلطة، والمواطنة، والصالح العام، ورجل الدولة، والمعارض السياسي، ورجل الدين، والإصلاح، والتجديد، والمفكر، والصحفي، والإعلامي، والكفاءة، والاستحقاق، والجدارة.
أما الإشكاليات الفكرية والسياسية التي تحتاج للفلسفة كآلية لتشريحها وفهمها وتفكيكها، فهي الإشكاليات التي أظهرتها متغيرات الواقع بعد ثورات الربيع العربي؛ مثل إشكالية العلاقة بين الدين والدولة، وعلاقة رأس المال ورجال الأعمال بالسياسة والسلطة، وعلاقة مراكز القوى السياسية والمالية في الداخل بمصالح قوى إقليمية ودولية في الخارج. وكذلك علاقة المثقف والسلطة، وعلاقة أجهزة الأمن السياسي بالمجتمع والنخبة، ودورها في إدارة الدولة. ومنها أيضاً إشكالية الحضور الطاغي في المجتمع لأجهزة الإعلام والفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي، ودورها في تنوير الشعب أو تجهيله، وتشكيل الوعي أو تزييفه.
في النهاية، فإن الفلسفة التي ندرس من خلالها تاريخ الأفكار والمذاهب والتيارات الفكرية والدينية، والتي تحثّـنا على إعمال العقل، ومناقشة كافة الآراء ووجهات النظر بعقلانية على قاعدة عدم وجود مُلاك يحتكرون الحقيقة المطلقة، هي وسيلة مهمة لنشر ثقافة التسامح وقبول الآخر، وحتمية العيش المشترك في ظل الدولة المدنية الحديثة. وهي سلاح لا غنى عنه لمقاومة التعصب والكراهية وضيق عقل الأصوليين والمتزمتين الذين لا يخلو منهم أي مجتمع أو دين.
ولهذا كنت أتمنى من واضعي المادة رقم (24) من الباب الثاني بالدستور المصري، المعني بالمقومات الأساسية للمجتمع، والتي جاء في نصها: "... وتعمل الجامعات على تدريس حقوق الإنسان والقيم، والأخلاق المهنية في التخصصات العلمية المختلفة"، لو جعلوا من تدريس الفلسفة وتاريخ التيارات الفكرية المختلفة مادة تثقيفية لكل طلاب الجامعات المصرية، وبخاصة الكليات العملية، حتى نرتقي بالحس الإنساني والمستوى الثقافي والوعي الفكري للطلاب، فلا يخرج الطالب من الجامعة للحياة العامة والمجتمع محدود الثقافة، أحادي التكوين والفكر، ويرى الواقع وأحداثه، والمحيطين به والمتعاملين معه من منظور واحد فقط.

 

إعلان