إعلان

هل نحن بلد فقير حقاً؟ (12) عناصر التكاليف للمنتجات البترولية

هل نحن بلد فقير حقاً؟ (12) عناصر التكاليف للمنتجات البترولية

د. عبد الخالق فاروق
09:37 م الخميس 16 نوفمبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

وفقاً للمنظور الحكومي المصري الذي ساد منذ يوليو عام 2005، أثناء حكومة الثنائي (أحمد نظيف– يوسف بطرس غالي)، فإن معادلة تكاليف المنتجات البترولية تتحدد كالتالي:

• تكاليف استخراج برميل النفط الخام، سواء كانت مصاريف رأسمالية Capital Costs الطويلة المدي التي تشتمل على تكاليف البحث والتنقيب والمعدات والآلات، أو مصاريف تشغيلية Operational Costs التي يقصد بها تكلفة رفع برميل البترول من باطن الأرض، والتي تضم مصاريف العمالة والأجور والمرتبات والمصاريف الإدارية الأخرى.

• مصاريف عمليات النقل للمادة الخام، سواء عبر الأنابيب أو الناقلات أو السيارات.

• مصاريف التكرير في معامل يفترض أنها تحظى بالصيانة والجودة والطاقة الفنية المناسبة.

• مصاريف النقل والتوزيع سواء لمحطات الوقود للمستهلكين، أو لمحطات الكهرباء والمصانع.

• يضاف إلي ذلك ربح عملية الاستخراج، وربح عملية التكرير، ثم ربح عملية التوزيع بواقع 5% لكل منها من تكلفة استخراج البرميل.

• ونظراً إلى سوء إدارة هذا القطاع وانتشار الفساد فيه منذ عقود طويلة، فإن إنتاجنا المحلي قد انخفض من 950 ألف برميل يومياً من النفط في أواخر الثمانينيات، إلى أقل من 700 ألف برميل يومياً في الوقت الراهن (2017)، ونضطر إلى استيراد ما يعادل 35% إلى 40% من احتياجاتنا من الخارج أو من حصة الشريك الأجنبي، ومن هنا أضافت هذه الحكومة منذ يوليو عام 2005 عنصراً جديداً وغير مسبوق للتكاليف هو ما يسمى نفقة الفرصة البديلة Opportunity Cost، أي الفارق بين سعر بيع المنتجات البترولية المباعة محلياً، وبين سعر بيع مثيلاتها في الأسواق الغربية، وتحديداً الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية، وهو كما يتبين مجرد عنصر افتراضي أو حسابي، لا تتحمله فعلاً الخزانة العامة للدولة، وهنا مناط التلاعب المحاسبي.

فنحن ننتج محلياً حوالى 63% من احتياجاتنا من مادة السولار، وكذلك 50% من مادة البنزين بجميع أنواعه، و30% من أنبوبة البوتاجاز، وحوالى 50% من مادة المازوت، بينما نستورد بقية النسب من الخارج، خصوصاً من الدول العربية الشقيقة، التي تمنحنا بعضها في صورة منح، أو في صورة تعاقدات وفقاً لتسهيلات في الدفع ولمدد طويلة (كما اعترف الوزير طارق الملا في تصريحاته المشار إليها).

وحتى نقترب أكثر من الحقيقة تعالوا نتأمل الحقائق التالية:

• إن تكاليف استخراج البرميل من النفط الخام تتفاوت من دولة إلى أخري، فهي في بريطانيا من أعلى التكاليف حيث تبلغ 52.3 دولار للبرميل، بينما في الكويت تتدنى إلى أدنى مستوى، حيث تصل إلى 8.3 دولار للبرميل الخام.

• إن متوسط إنتاج البرميل من النفط بعد تكريره– وبصرف النظر عن نوعه أو كثفاته– يصل إلى 159 لتراً، طبقاً للدراسات المتخصصة التي قامت بها الوكالة الدولية للطاقة، ويتوزع على النحو التالي: 

( المعادلة رقم 1) :

- 70.6 لترا من البنزين بنسبة 43.4% من إجمالى إنتاج البرميل .

- 43.2 لترا من الديزل بنسبة 23.5% .

- 15.08 لترا من وقود المحركات النفاثة بنسبة 9.2% .

- 7.79 لترا من فحم الكوك بنسبة 4.9% .

- 7.54 لترا من الغاز النفطى المسال وغازات أخرى LPG بنسبة 7.3% .

- 3.77 لترا من زيت الوقود الثقيل بنسبة 3.8% .

- 4.93 لترا من الأسفلت وزيت القار ( البيتومين ) بنسبة 3.1% .

- بتروكيماويات بنسبة 2.4% .

- نواتج أخرى بنسبة 2.2% .

المجموع 159 لترا بنسبة 100%

وفي مصر تقترب مخرجات البرميل من النفط الخام من تلك النسب والكميات، حيث نستخلص 70.0 لتراً من البنزين، و32 لتراً من السولار، و15 لتراً من الكيروسين، و42 لتراً من المواد الأخرى.

ومن هنا يتفاوت سعر بيع لتر البنزين من دولة إلى أخرى، طبقاً لنمط الإدارة السياسية والتحيزات الاجتماعية للحكم من ناحية، ووفقاً لمستويات المعيشة السائدة لدى غالبية السكان من ناحية أخرى. فبلد مثل فنزويلا تبيع لتر البنزين بسنت أمريكي واحد، بينما يباع في السعودية بما يعادل 24 سنتاً أمريكياً ( أقل من 2 جنيه مصري قبل تغريق الجنيه المصري في نوفمبر عام 2016)، بينما يباع في الولايات المتحدة بـ68 سنتاً، أي بأقل من من 5.44 جنيهاً قبل تغريق الجنيه المصري، وفي روسيا يباع لتر البنزين بـ 70 سنتاً، وفي الجزائر 32 سنتاً، وفي ألمانيا بـ 1.42 دولاراً للتر، وفي السويد بـ 1.54 دولاراً للتر، وفي قطر بـ 45 سنتاً، وفي البحرين 42 سنتاً، وفي ماليزيا 44 سنتاً، وهكذا . 

وطبقاً للمفهوم الحكومي فإن تكاليف إنتاج لتر من المنتجات البترولية تكون وفقاً للمعادلة رقم (2) التالية :

المعادلة رقم( 2 )

تكاليف إنتاح لتر من المنتجات البترولية = (مصروفات الاستخراج + مصروفات النقل + مصروفات التكرير + مصروفات التوزيع على مستودعات المستهلكين والمصانع + ربح الاستخراج + ربح عملية التكرير + ربح عملية التوزيع) ÷ (حجم الإنتاج) مضافاً إليها ما يسمى نفقة الفرصة البديلة أي الفارق بين سعر المثيل في السوق الغربية وسعر البيع المحلي.

وهنا مناط الاختلاف بيننا وبين الحكومة المصرية، بسبب إضافة نفقة الفرصة البديلة إلي طرف المعادلة، بحيث تتساوى تكاليف المنتجات المستوردة مع تلك المنتجة محلياً، وهي مخاتلة ومخادعة محاسبية، لا تقوم بها حكومة تحترم شعبها، وتراعي مستويات المعيشة والأجور المتدنية السائدة في مصر مقارنة بنظرائهم في الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية، حتي لو قارنا أسعار بيع لتر البنزين في أوروبا والولايات المتحدة نجدها تتفاوت تفاوتاً كبيراً، كما سبق وأشرنا، فهي في الولايات المتحدة 68 سنتاً، بينما في إيطاليا 1.62 دولاراً، أما فرنسا فهي 1.45 دولاراً، وفي المملكة السعودية 24 سنتاً، وفي إيران المحاصرة 34 سنتاً... وهكذا دواليك .

فلنبدأ إذن في بناء المعادلة الحسابية الصحيحة لتكاليف إنتاج لتر من البنزين، أو السولار، أو غيرها من المنتجات البترولية وفقاً للتكاليف المحلية، وباستبعاد المنتجات المستوردة، وفقاً للحقائق والعناصر التالية:

 

• لدينا ثمانية معامل لتكرير المنتجات البترولية تنتج عام 2013 – التي تتوافر لدينا بيانات مناسبة بشأنها – حوالى 445 ألف برميل يوميا، برغم أن طاقتها القصوي تبلغ 704 آلاف برميل / يوميا، ولكن...

• نظراً لسوء الصيانة وتقادم تكنولوجيتها انخفضت طاقتها الإنتاجية.

• إنتاج مصر من البترول الخام بلغ عام 2013 حوالى 700 ألف برميل / يومياً. وبافتراض أن حصة الحكومة المصرية من هذا الإنتاج تعادل 50%، شاملة نسبة الإتاوة (10%)، فإن حصتنا لم تزد علي 350 ألف برميل يومياً.

• لدينا منافذ للتوزيع (محطات الوقود للمستهلكين) يصل عددها إلى 2529 منفذاً.

• إن متوسط مخرجات برميل البترول الخام – وبصرف النظر عن الكثافة – يتم طبقاً للمعادلة رقم (1).

• وبافتراض أن تكاليف استخراج برميل البترول المصري من باطن الأرض يعادل 15 دولاراً / برميل.

• وأن متوسط تكاليف النقل لمعامل التكرير تعادل 50 سنتاً / للبرميل .

• وأن تكاليف التكرير تعادل 5 دولارات / للبرميل الواحد .

• وأن متوسط تكاليف التوزيع لهذه المنتجات سواء لمحطات الوقود أو المصانع تعادل دولاراً واحداً / للبرميل.

• وأن ربح عملية الاستخراج بواقع 5% أي ما يعادل 0.75 دولار للبرميل.

• وأن ربح مرحلة التكرير بواقع 5%، أي ما يعادل 0.75 دولار للبرميل.

• وأن ربح مرحلة التوزيع بواقع 5%، أي ما يعادل 0.75 دولار للبرميل.

أي أنه مقابل وجود عجز في إنتاجنا من بعض تلك المنتجات البترولية، مثل البوتاجاز والسولار والمنتجات الخاصة الأخرى، فإن لدينا فائضاً ملموساً من إنتاج البنزين والمازوت والكيروسين، لكن تسيطر عليه الشركات الاستثمارية لرجال المال والأعمال المصريين والعرب والأجانب. 

وبالتطبيق في المعادلتين رقمي (1) و (2) نستخلص النتائج التالية:

أولا : إنتاج مصر من المنتجات البترولية على النحو التالي:

• حصة الحكومة المصرية من الخام × متوسط إنتاج البرميل الواحد

(350 ألف برميل × 159 لتراً ) = 55650000 لتر يومياً ( أي 55.65 مليون لتر يومياً) .

• ويتوزع هذا الإنتاج على المنتجات العشرة التالية:

• البنزين (55.65 مليون لتر يوميا × 43.5% ) = 24207750 لتراً / يومياً.

• السولار ( 55.65 مليون لتر يوميا × 23.5% ) = 13077750 لتراً / يومياً.

• وقود محركات نفاثة (55.65 مليون لتر يوميا ×9.2% ) = 5119800 لتر / يومياً.

• فحم الكوك (55.65 مليون لتر يوميا ×4.9% ) = 2726850 لتر / يومياً.

• غاز نفطي مسال وغازات أخري (55.65 مليون لتر يوميا ×7.3% )= 4062450 لتر / يومياً.

• وقود ثقيل (55.65 مليون لتر يوميا × 3.8% ) = 2114700 لتر / يومياً.

• اسفلت وقار (55.65 مليون لتر يوميا × 3.1% ) = 1725150 لتراً / يومياً.

• بتروكيماويات (55.65 مليون لتر يوميا × 2.4% ) = 1335600 لتر / يومياً.

• نواتج أخرى (55.65 مليون لتر يوميا × 2.2% ) = 1224300 لتر / يومياً.

هذا هو إنتاجنا من المواد البترولية.. فأين جوهر الخلل إذن؟

إعلان