إعلان

نوبل والعرب

نوبل والعرب

محمد شعير
09:00 م الخميس 05 أكتوبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

في العام 1930 طرحت مجلة "اللطائف المصورة" سؤالًا على قرائها: مَن الأديب المصري الأحق بجائزة نوبل في الأدب؟ وخصصتْ المجلة مكافأة 10 جنيهات للإجابة الصحيحة.. ولكن أيًا من القراء لم يرسل أية إجابات. وقتها كانت كتابة القصة مثل "شم الكوكايين" - والتعبير لمحمود تيمور- و"كان شيوخ الأزهر يقولون إن القصة خيال من صنع الشيطان". يضيف تيمور: "الكاتب الجريء الذي يملك قلب أسد هو الذي يكتب قصة ويضع في نهايتها اسمه. لذا عندما عاد محمد حسين هيكل من باريس استقبله الأدباء استقبال الغزاة.. لقد كان أول من تسلل عبر الأسلاك الشائكة ووضع في الحقل الجدب بذرة القصة".. هيكل نفسه تردد طويلًا في نشر روايته الأولى "زينب"، وعندما نشرها لم يضع اسمه عليها سواء لحساسية مركزه السياسي والاجتماعي، أو ترفعًا عن أن يعتبره أدباء عصره "راوية حواديت وفكاهات" كما يقول محمود تيمور، أو خوفًا "من أن يعبر عن نفسه في سياق قصة حب" كما يقول يحيى حقي. واختار أن يوقع الرواية باسم "مصري فلاح". في تلك الأيام كان الأديب الشاب نجيب محفوظ يكتب قصصًا قصيرة ولا يجد مكانًا لنشرها، فاكتفى بتقديم عروض لكتب الفلسفة والفن التي تقبل عليها المجلات.

هكذا كان مدهشًا أن تطرح المجلة سؤال نوبل في وقت مبكر جدًّا.

كان عميد الأدب العربي طه حسين أول من طرح رسميًّا للجائزة، وحسب وثائق الجائزة التي تظل سرية لمدة 50 عامًا، فإن العميد ترشح للجائزة عام 1949، وقد رشحه أحمد لطفي السيد، وفي عام 1950 رشحه مجلس جامعة فؤاد الأول، ورشحته مؤسسات أجنبية عامي 1951، 1952.. ولكن اختفى اسمه من الترشيحات بعد ثورة يوليو ليظهر مرة أخرى عام 1961 بترشيح ثلاث جهات من بينهم محمد أحمد خلف الله (كان وقتها عضو مجمع اللغة العربية، ونائبًا لرئيس جامعة عين شمس)، وظل العميد مرشحًا حتى عام 1964 بترشيح أمريكي (دي وايت والاس صاحب وناشر مجلات الريدرز دايجست الأمريكية الشهيرة وقتها).

في عام 1966 تقاسم الجائزة الأديب الإسرائيلي شموئيل يوسف عجنون، بعد ضغوط من مؤسسات صهيونية كثيرة في الغرب، مع السويدية نيلي زاكس الحاصلة على الجنسية الإسرائيلية أيضًا وصاحبة كتاب اليهود والتاريخ اليهودي. في ذلك العام كان خيار لجنة الجائزة أن يتم تقاسمها مع أديب عربي، ولكن –حسب تصريحات نشرت وقتها في مجلة روزاليوسف لمراسل الجريدة من جنيف- أن المؤسسة لم تجد مرشحًا عربيًّا للجائزة، إذ لم ترسل أي مؤسسة عربية اسم طه حسين الذي وصل من قبل إلى القوائم النهائية. وأن المجلس الأعلى للآداب والفنون وقتها أرسل اسمي توفيق الحكيم ونجيب محفوظ، ولكن أيًّا منهما لم يكن مدعومًا ومعروفًا بقوة في الغرب، فلم يصلا إلى القوائم النهائية، وبالتالي تم تقاسم الجائزة بين أديبين "صهيونين"!

في تلك الأيام كان عبدالناصر يحلم بجائزة نوبل عربية، وكان أكبر داعم لحصول توفيق الحكيم لها، بل أرسله لباريس، حتى يكون قريبًا من دوائر الترشيحات، ولكن كما قيل وقتها إن بخل الحكيم منعه من التواصل في أي مؤسسة، حلم عبد الناصر حققه نجيب محفوظ (الهارب من المؤسسة الرسمية) بعد أن ظل ما يقرب من ربع قرن على قوائم الترشيحات!

بعد محفوظ غاب العرب عن نوبل، أو غابت نوبل عنهم.. وهو ما يجعلنا نسأل مع الصديق نبيل عبد الفتاح: يبدو أن العالم أدخل الإبداع العربي في دائرة النسيان أم أن هناك خللًا ما في تجاربنا السردية وفي شعرنا الحديث والمعاصر؟

إعلان