إعلان

ما وراء محاولة اغتيال المسئول الأمنى لحماس

ما وراء محاولة اغتيال المسئول الأمنى لحماس

محمد جمعة
09:01 م الثلاثاء 31 أكتوبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بعد ظهر يوم الجمعة الماضي جرت محاولة اغتيال توفيق أبونعيم مسئول الأمن الداخلي فى قطاع غزة. حيث تم تفجير عبوة ناسفة فى طريق موكبه أثناء مروره داخل مخيم النصيرات وسط غزة.

صحيح أن الحادث لم يترك سوى آثار إصابات بسيطة، لكن هذا لا يقلل على الإطلاق من خطورة ما حدث، خاصة وأن محاولة الاغتيال جاءت قبل أيام معدودة فقط من وصول الوفد الأمنى للسلطة الفلسطينية إلى غزة، قادما من رام الله !!

هذا الوفد سيحمل معه تفصيلات الخطة المقترحة بإعادة دمج الأجهزة الأمنية فى غزة، لتكون فى النهاية تحت إمرة سلطة واحدة، ومن ثم تخضع إداريا للمسئولين الأمنيين فى حكومة التوافق الوطني.

وعليه ربما من يقف وراء تلك المحاولة الفاشلة أراد بها تدعيم بعض الأصوات- المناوئة للمصالحة - فى داخل حماس، من خلال التأكيد على رسالة مفادها: أننا " كقادة فى حماس" مستهدفين .... وها نحن نتعرض لمحاولة القتل، ونحن لم نسلم بعد ما بأيدينا من سلطة ومصادر قوة وسيطرة ... فما بالنا إذا سلمنا ما بيدنا وعدنا إلى الوراء خطوة أو خطوتين كى تتسلم حكومة التوافق كافة المهام فى غزة ... والأمنية قبل المدنية ؟!!

نعم ليس بمستبعد أن تكون هذه الرسالة هى المقصودة . وعليه فإن من دبر ونفذ ربما أراد – ولو بشكل غير مباشر – أن يدعم هؤلاء الذين يرغبون فى فرملة هذا الحراك قبل أن يصل محطته النهائية....

معضلة التفاهمات الأخيرة بين فتح وحماس أنها تحاول معالجة آثار وتداعيات انقسام لم يعد انقساما سياسيا وفقط، وإنما مؤسساتيا أيضا !!
استمر طيلة عقد كامل ... ونتج عنه تشكل جماعات مصالح تعتاش على الانقسام، ومن ثم ترى فى أية محاولة لتغيير المعادلة الراهنة بأنها تهديد مباشر لمصالحهم التى نشأت وترسخت فى ظل هكذا أوضاع.

والأنكى من ذلك أن هناك بعض الأطراف فى داخل حركة فتح ذاتها من لا يرغب فى العودة إلى غزة، فى هذه الآونة التى تشهد تقاربا بين حماس وتيار محمد دحلان فى داخل حركة فتح. وأيضا تقاربا فى العلاقة بين مصر وحركة حماس. ناهيك عن معطيات أخرى تتعلق بعدم حسم بعض الملفات المرتبطة بمستقبل قيادة السلطة، ودور محمد دحلان المتصور فى هذا السياق.

أيضا ربما هناك بعض القادة الأمنيين فى فتح الذين ينتابهم قلق كبير جراء المهام الموكلة إليهم بموجب التفاهمات الجديدة.... هؤلاء ستصبح -عما قريب- قدرتهم على الإدارة والسيطرة الأمنية محل اختبار من قبل أطراف إقليمية ودولية.

ولا أتصور أن تلك الأجواء ترضيهم أو تشجعهم على خوض غمار تلك المغامرة التى لن تكون سهلة على الإطلاق، خاصة فى بيئة أمنية غاية فى التعقيد.

وهناك بالتأكيد صقور داخل غزة ( سواء فى حماس أو غيرها) سيتمنعون عن التعاون... بل ولعلهم لن يتورعون عن زرع الفخاخ فى طريق الوافد الجديد، بغرض الإفشال أو فرض المعادلة التى تتراءى لهم وتتوافق مع مصالحهم ... أو لكى يستمر النظر إليهم بوصفهم العنوان لاستقرار غزة وأمانها.

وفوق هذا وذاك، هناك طرف ثالث فى غزة يتزايد غضبه أكثر فأكثر كلما تصاعدت مؤشرات التعاون الأمنى بين مصر وحماس.... هذا الطرف يتمثل فى عناصر وتنظيمات السلفية الجهادية فى غزة، التى لم يتردد " توفيق أبو نعيم" فى ملاحقتهم ولجم قدرتهم على التخريب...

هؤلاء يشعرون اليوم بأن لهم ثأرا لدى جهاز الأمن التابع لحركة حماس... ولعلهم أرادوا أن ينالوا من رأس هذا الجهاز – أي أبو نعيم – كجزء من فاتورة الحساب التى يتعين ( من وجهة نظرهم ) على حماس أن تدفعها، طالما أنها ارتضت المضي على طريق المواجهة المكشوفة معهم .

يبقى هناك من يشير إلى أصابع داخلية تابعة لأطراف إقليمية تفضل الاستمرار فى الصراع على حيازة " الورقة الفلسطينية" ... هذه الاطراف لا ترغب بالتأكيد أن تتزايد مساحات التأثير المصري فى داخل حركة حماس، وليس فى داخل القطاع وفقط. ولعلهم قد لا حظوا أن " توفيق أبو نعيم" كان القاسم المشترك تقريبا - فى كل لقاءات قيادة حماس بالمسئولين فى داخل الإدارة المصرية ... يشاركه فى ذلك كل من يحيى السنوار وروحي مشتهى . فضلا عن أن الرجل يُعول عليه كثيرا فى ملف "التعاون الأمني" مع مصر.

إذن السيناريوهات المتعلقة بالحادث تتعدد، وثمة تفصيلات أكثر وأكثر ... إلخ

لكن وبغض النظر عن أيها نرجح على تلك الأقل احتمالا ... فالثابت هنا أن الألغام على طريق "حراك المصالحة" تبدو كثيرة جدًا.

إعلان