إعلان

حريق في مصنع الكيماويات خلف المستشفى بجوار المدرسة وسط البيوت

حريق في مصنع الكيماويات خلف المستشفى بجوار المدرسة وسط البيوت

د. جمال عبد الجواد
09:01 م الجمعة 27 أكتوبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

هكذا جاءت الأخبار في الصباح: حريق شب في مجمع للمدارس في العجمي. مر وقت غير قصير قبل أن نعرف أن الحريق كبير جدًا، وأنه لم يقع في مجمع المدارس لكن في مصنع الكيماويات الملاصق للمدارس. المصنع يقع خلف مستشفى العجمي العام، أما المدارس فتقع هي أيضا خلف المستشفى بجوار المصنع. تم إخلاء المدارس خوفا على حياة الطلاب، وتم إخلاء مرضى من المستشفى. بعد قليل نقلت لنا الأخبار أن الحريق امتد لمنازل قريبة، فتم إخلاء بعض المساكن أيضا.

هل هناك فوضى أكثر من ذلك؟ مصنع الكيماويات خلف المستشفى بجوار المدارس التي تحيط بها المنازل. تصور أن كل هذا يحدث في محيط منطقة العجمي التي كانت في زمن غير بعيد قبلة للمصطافين الأثرياء. في البداية تم بناء مصنع الكيماويات في منطقة تم اعتبارها صناعية. طبعا لم يكن من المفروض السماح بإقامة مصانع، خاصة مصانع كيماويات، بالقرب من منطقة سياحية. لكن العجمي كف عن أن يكون مقصدًا سياحيًا منذ سنوات طويلة، فلماذا لا نبني فيه المصانع أيضا؟.

ضاقت الإسكندرية بأهلها، ولم توفر البيروقراطية المتحكمة مناطق آمنة وإنسانية للتوسع العمراني. لم يكن هناك بد من التوسع باتجاه العجمي، ذلك المقصد السياحي القريب. تم تقسيم شواطئ العجمي، ذات الرمال البيضاء الناعمة رائعة الجمال، وتحويلها إلى أراضي بناء. شيدت الأبراج السكنية الشاهقة، وتم بيعها للباحثين عن سكن من أهل الإسكندرية، ولأهل المحافظات الأخرى الملتحقين حديثًا بالطبقة الوسطى، والمتطلعين لامتلاك شقة صغيرة بالقرب من البحر.

تحول العجمي إلى مستوطنة سكن عشوائي كبرى، بأسماء أجنبية "شيك" توحي بعكس الحقيقة. مصنع الكيماويات المحترق يقع عبر الطريق في مواجهة منطقة الهانوفيل. لم يدخل الصرف الصحي إلى العجمي إلا قبل سنوات قليلة، أما قبل ذلك فقد كانت كل هذه الأبراج الشاهقة "تتصرف" بمعرفتها. عندما يكون الوضع بهذا السوء فإن إقامة مصنع للكيماويات عبر الطريق في منطقة صناعية مزعومة ليس بمشكلة.

منطقة صناعية بجوار العجمي التي لم تعد مقصدًا سياحيًا. لا بأس. لكن ما الذي أتي بالمستشفى والمدارس والمنازل إلى المنطقة الصناعية بجوار المصنع؟ رئيس حي العجمي يقول إن المصنع صادر له ترخيص منذ عام 2005، وتم تجديد الترخيص في العام الماضي. ولكن ماذا عن تراخيص المستشفى والمدارس والمساكن؟ من هو الفاسد معدوم الضمير الذي سمح لكل هذه المتناقضات القاتلة بالاجتماع في مساحة ضيقة؟ لا إجابة لدي سوى أنه مزيج الفساد والجهل والكسل الذي يعشش في أروقة البيروقراطية المصرية، فهل لنا من منقذ قبل أن نموت احتراقا في كارثة مصنع الكيماويات المرخص التالي؟.

إعلان

إعلان

إعلان