إعلان

حتى غرف النوم والبول ومضاجعة الشيطان

حتى غرف النوم والبول ومضاجعة الشيطان

عادل نعمان
09:00 م الإثنين 02 أكتوبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

كلما غالى الناس في تدينهم، وبالغوا فيه، وسلطوه على رقابهم، وأسكنوه جنباتهم ومتونهم وحواشيهم، وسيطر رجال الدين باسم الدين على عقول ومقدرات الناس وأعمالهم، وأخضعوا علاقات الناس وتصرفاتهم الحياتية كبيرها وصغيرها إلى حكمهم وأفكارهم، واقتحموا خصوصيات البشر حتى غرف نومهم بفتاواهم، كلَّما وقفت حياة الناس وتعطلت، وتكاسل الناس وتقاعسوا وخاب الرجاء فيهم وانقطع الأمل منهم، واستطاب الناس واستمرأوا هذا النوع من الانكفاء والرضوخ، ووجدوا في التدين مبررًا للتأجيل والإرجاء والعجز والفشل، وسار الناس بإرادتهم ورغباتهم خلف دراويش التديّن والمغالين فيه، فهو ملجأهم وملاذهم من تعب الحياة وجدّها واجتهادها، وعاصمهم وحاميهم من الحساب والعقاب واللوم والتقريع في الدنيا.

فلا لوم على من كانت خيبته شرعية، ولا عتاب على من فشل اتقاءً لله ورضاه . هكذا صنعوه، وأقاموا صرحًا عاتيًا، يحبسون الناس فيه بإرادتهم ورغباتهم، يفتحون أبوابًا لدخول الناس بلا عودة ولا قرار، ويُسطّرون كتابًا مسطورًا لا يقرأون سواه، ويقضون أمرًا ليس لأحد من الناس الخيرة من بعده، لا يقرأون ولا يسمعون ولا يتكلمون إلا بها، وأصبح الفرار منها إليها، والخروج كالدخول منها، والبكاء كالضحك عليها، ويقرأها من شمالها كما يقرأها غيره من يمينها، وأصبح غطاؤها وسترها كالمكشوف والمفضوح منها. وكان هذا المقصد والهدف، حائرًا مدفوعًا إلى الانخراط في الدين، وتائها يبحث عن طريق يضل به الهدف أكثر مما ضلَّ وتاه، ومظلوما ينتظر ظالمًا أوسع في ظلمه ممن ظلمه، وجاهلًا وجهته إلى الأجهل يسلبه بعضًا مما تعلم وقرأ وفهم، وسائل لا يجد لحيرته من دليل اومعين، يظن في ضالته الهدى حتى إذا وصلها وجدها سرابا بقيعة يحسبه الظمآن ماء . فلا يجد من يلوذ بهم سواهم، ولا يحتمى بغطاء غير غطائهم، وإذا فر من قضائهم فر الى قدرهم ، وإذا استعان بالشيطان وجدهم عنده، فلا مهرب منهم إلا إليهم، ولا نجاة من النار إلا بالرمضاء، ولا بيت يأويه سوى بيت العنكبوت، فيسألهم عن كل شيء وكأنَّهم يملكون مفاتيح الغيب، عن عمله ومأكله ومشربه، ومتى يسافر ويهاجر، ومن يتزوج وكيف يعاشر ويتاجر، وكيف يختار مهنته وحرفته ودراسته، وعن مرضه كيف يتداوى، ومن أي خشاش من نبات الأرض دواؤه وطيبه وشفاؤه، ومن أي بول يشرب ويرتوي ويشفى، وكيف يذهب إلى الغائط، يقبل فيها ويدبر، وكيف يشرب جالسًا وعند الضرورة واقفًا، وكيف يبول ويقول، وكيف يتطهر من النجاسة والبلادة، وماذا يسمع ومتى يتكلم، ومن يُغلق عينيه عنه، ومن يفتح له قلبه، ومن يُحب وفي أي شيء يكره، وكيف ينام ويحلم، وكيف يضحك وإلا مات عليه دينه، وكيف ينوح ويبكي على ميته حتى لا يُعذَّب ببكائه عليه. فليس لهذا تبعث الأديان، وليس لذلك يرسل الرسل، فما جاءت رسالات السماء لتعلمنا كيف نبول، ولا كانت القبور عذابًا للبوالين “إن عامة عذاب أهل القبر من البول“، ما قالها الرسول وما مر على قبرين وما قال: ”لا يعذبان في كبير ولكنه كبير، أما أحدهما يمشى بين الناس بالنميمة، وأما الثاني فكان لا يستبرئ من البول”، ألم يكن للراوي أو هذا الوضاع أن يرحمنا بالقليل في روايته، بأن يجاور هذا السائر بين الناس بالنميمة برجل من التقاة الصالحين، يضحك من سعة القبر عليه، فيكون بكاءً يجاوره ضحاكًا!!، بدلا أن يكون البكائون متجاورين، هذا من نميمته وهذا من بوله، فمن بال واقفا طرطش بوله على ملابسه فنجست وهلك وهلكت، وكأننا لا نبول بل ننضح من البحر، أو نمشي بين الناس نرش بولنا على الناس في طريقهم!!

وما جاءت رسالة السماء لتعلمنا كيف نعاشر زوجاتنا، وكيف نضاجع نساءنا في الفراش، وكيف لا نترك سبيلًا للشيطان أن يشاركنا مضاجعتهن، فنلتحف الخيش سويًا، أو نقتتى رداءً أو إزدالًا مفتوحًا عند الفرجين دون غيرهما، فتنجو النساء من مضاجعة الشياطين، وألا نترك متنفسا لنسائنا، أو تظهر من جسدها لحمًا من تحت غطائها، مخافة أن يقتنصها الشيطان ويضاجعها. وما جاءت رسالات السماء لتعلمنا كيف نأكل، حتى لا يشاركنا الشيطان طعامنا، فهلا لو أكلنا باليمين شاركتنا الملائكة طعامنا، وزادته بركة أو طبقا من الفاكهة؟

نحن الذين أمسكناهم مفاتيح الكرار، وسجنَّا أنفسنا بإرادتنا، فارتفعت الأسوار، وعلت النواقض من حاد أو مال عنه كفر، وسحبوا المسكين بجوار تارك الصلاة المقتول، ومانع الزكاة الضحية الذبيح، وتارك الجهاد الميت ميتة الجاهلية الأولى، حتى يُجاور هذا المسكين المعذب الذي يبول واقفًا.

إعلان