إعلان

في أي اتجاه يتحرك قطار المصالحة الفلسطينية؟

في أي اتجاه يتحرك قطار المصالحة الفلسطينية؟

محمد جمعة
09:00 م الثلاثاء 10 أكتوبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

المصالحة بين الفصيلين الأكبر في الساحة الفلسطينية، فتح وحماس، كانت ولا تزال من الملفات المرهقة في السياسات الشرق أوسطية.

لقد وصل الفصيلان إلى مرحلة الانسداد الكامل في يونيو 2007 حول كيفية حكم الأراضي الفلسطينية. ومنذ ذلك الحين كثيرًا ما التقيا في القاهرة (وأحيانا في عواصم أخرى) للتعاطي مع الخلافات بينهما. ومع ذلك، نادرًا ما توصلا إلى نتائج حاسمة ونهائية.

وربما لهذا السبب يفضل البعض عدم المبالغة في تقدير نتائج الحراك الذي تشهده القاهرة هذه الأيام.. انطلاقًا من أن الهوّة بين فتح وحماس ما تزال عميقة.. فكلتاهما أصرتا طوال العقد الماضي على إدارة المعابر الحدودية لقطاع غزة. بالإضافة إلى هذا، لم تتراجع أيٌّ من الحركتين عن التباينات الجوهرية بينهما.

لذا، حتى لو تمكنت فتح وحماس من تسوية بعض الخلافات بينهما هذا الأسبوع وفي الأسابيع القادمة، لا تزال الحركتان أبعد عن التوصل إلى موقف موحد تجاه ملف التسوية والعلاقة مع إسرائيل.

وعليه فإن خلاصة وجهة النظر هذه، أن التوصل إلى نتائج حقيقية سيكون بطيئًا وأيضًا سيصعب تعزيزها وإدامتها.

لكن بالمقابل أن أختلف جزئيًّا مع وجهة النظر هذه.. وأتصور أن المفاوضات هذه المرة تبدو مختلفة.. وهناك مؤشرات بالفعل على أن المفاوضات بين الجانبين ستبدأ بقوة.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن مشهد الأسبوع الماضي الذي تضمن لقاء مجلس الوزراء الفلسطيني (الأول في غزة منذ ثلاث سنوات) تطلب الإعداد له جهود تنظيمية كبيرة من كلا الجانبين.

والأكثر من ذلك، أن زيارة مدير المخابرات المصري اللواء خالد فوزي للقطاع، على رأس وفد أمني رفيع، ولقاءه بقيادة حماس في مقر قيادة الحركة، يشير إلى رفع مستوى الإشراف المصري (في إطار الاتفاق الأمني الوليد) مقابل تنازلات لقيادة حماس، مثل عبور معبر رفح بشكل أكثر انتظامًا.
أيضًا، أتصور أن الضغط الذي يدفع كلا الطرفين إلى طاولة المفاوضات، أقوى اليوم مما كان في الماضي.

أولًا: حماس الآن واقعة تحت ضغط أكبر من ذي قبل كي تصمد داخليا، وتفي بمطالب رعاتها في الخارج.

داخليًّا، وصل التراجع الاقتصادي داخل القطاع إلى نقطة يخشى معها مسئولو حماس فقدان السيطرة على الشارع.

على الصعيد الإقليمي، تأتي مئات الملايين من الدولارات لإعادة الإعمار بعد الحروب المدمرة في 2008، و2012 و2014 من البلدان الأغنى في الشرق الأوسط بما في ذلك تركيا (التي وصل بعض المسئولين فيها إلى غزة الأسبوع الماضي، لطمأنة حماس على رواتب موظفيها في حال تنازلت وأبدت مرونة في ملف المصالحة)، وتواجه هذه البلدان ضغطًا دوليًّا كي تجلب الأطراف الفلسطينية إلى مائدة المفاوضات. ولهذا تشعر حماس أنها مجبرة على تعزيز علاقات صحية مع مانحيها.

وفوق كل ذلك، صعد مؤخرًا، في داخل حماس جيل جديد من القيادة يرغب في ضمان بقاء الحركة على المدى الطويل، حتى ولو على حساب طبيعة الدور الذي تلعبه حماس منذ عشر سنوات في قطاع غزة. هذه القيادة الجديدة ترغب في التفاوض مع فتح أكثر من ذي قبل.

ثانيًا: تشعر فتح، الفصيل المسيطر في السلطة الفلسطينية، بالضعف والانكشاف بسبب الدعم الكثيف لإسرائيل من جهة واشنطن.

وحتى في داخل الحركة نفسها، هناك بعض الاضطراب.. إذ تدفع تيارات في داخل فتح بخطط انتقال سياسي قد تكون على حساب الحرس القديم الحاكم حاليًا.

ولهذا، وفي مواجهة خطر احتمال فقدان السلطة، ربّما يرغب قادة الحركة (من الحرس القديم) حاليًا في التقدم على صعيد علاقات الحركة، كوسيلة للبرهنة على أنها كيان حاكم وقادر.

باختصار، يُشير التواجد المصري – والاهتمام الدولي التالي – في غزة، على النحو الذي شهدناه في الأسبوع الماضي، إلى أن فتح وحماس ملتزمتان بشكل أعمق بالتقدم على صعيد المصالحة أكثر من ذي قبل.

وأنهما ربّما تكونان على شفا اتفاق تقاسم سلطة مؤقت ولكن فاعل.

إعلان