إعلان

"حلب".. هويتها عربية لو أنكم لا تدرون

"حلب".. هويتها عربية لو أنكم لا تدرون

"حلب".. هويتها عربية لو أنكم لا تدرون

10:49 م الجمعة 29 أبريل 2016

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم/ محمود الطباخ

منازل مهدمة سويت بالأرض.. أطفال يصرخون ونساء يبكين.. رجال يحملون الجثث من هنا وهناك، دماء لطخت الوجوه، وطائرات في السماء تلقي القذائف لا تأبه على من تهوي أو من تقتل نساء أم أطفال أم شيوخ.. مساجد مغلقة ومدينة لا يرفع فيها الأذان لأول مرة في تاريخها.. تسلسل متسارع من الأحداث ربما أشبه بلقطة من فيلم سينمائي عالمي أو مشهد تمنيت أن يكون من وحي خيالي الشخصي، لكنه ليس هذا وذاك إنما الحقيقة في "حلب".

"قد بعنا لله وما بخلنا.. بسم الله كبرنا وخضنا بحار الموت وما وجلنا.. فقولوا للعالم أجمع نحن لغير الله لن نركع.. قولوا للعالم أن يسمع أيدينا لغير الله لن تُرفع.. سنظل فيها صامدين نسف التراب ولا نهلع ولا نجزع ولغير الله لن نرَكع".

كلمات شيخ تجاوز الستين من عمره، وقف وسط تلك البيوت المسواة بالأرض، فأراد توصيل رسالة واضحة، إلى حشد من الشباب دعاهم لأن يصبروا على ما هم فيه من أذى وابتلاء وأن يواجهوا القاذفات بصدور عارية بدلًا من أن يركعوا لنظام فاشي اتخذ من سياسة "هيتلر" منهاجًا لقتل الأطفال والنساء للبقاء في السلطة.

أكثر من خمس سنوات مرت على بداية الأزمة السورية، تجرع فيها الشعب مرارة الألم والتشرد والدمار، وسقط فيها ما يقرب من نصف مليون قتيل ومليوني مصاب، وشُرد 4.6 مليون آخرين - حسبما كشف المركز السوري لبحوث السياسات نهاية شهر فبراير الماضي - كل ذلك وسط صمت الدول العربية وجامعتها التي اكتفت بترديد "نشجب وندين"، في كل جلساتها، ما جعل مصير الشعب المكلوم على طاولة بشار وحلفائه "روسيا - إيران"، تباركهم أمريكا التي ترتدي قناع حل الأزمة سياسيًا بتداول السلطة، جلسوا جميعًا عليها كي يتبادلوا الأدوار.

ولم تكن تصريحات المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي مستورا، الذي فشل في مهمته، بأن "مواطنًا سوريًا يموت كل خمس وعشرين دقيقة بسبب القصف أو المعارك"، غريبة بعد كل ذلك، فأرض الواقع تشير إلى أكثر، وأشلاء الأطفال تغطى مسار المفاوضات التي رأسها السياسي السويدي في جنيف، فلن تُحل الأزمة سياسيًا ولن تنجح المفاوضات طالما يرقص الجميع على جثث الضحايا والأبرياء.

ولا أتخيل شكل المأساة التي سيتعرض لها السوريون أكثر من ذلك، فما كشفه المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات، رياض حجاب، بأن هناك نوايا "مبيتة" لتصعيد الأعمال العدائية في حلب، بحشد المزيد من الميلشيات الطائفية وقطعان المرتزقة، لدعم قوات النظام تكشف نوايا الجميع، وتُظهر عورة النظام العالمي الاستبدادي الذي يرتدي ثياب الديمقراطية، وكأنهم يريدونها إبادة جماعية، ولما لا فالحكام العرب صامتون وبصمتهم يباركون مزيدًا من الدماء.

إرفعِ طفلتي يدك علياً.. ربما يراها كل قاصِ كل دانِ

إرفعِ صغيرتي رمز الشهادة .. ضعِ أصبعك في عين أبيه

إكشفِ كل متواطئ تخاذل.. في قتالك يا سوريا هنيا

إرفعِ صغيرتي كي يراكِ.. حاكم عنوانه نفس الهوية

مكث في مبنى كبير.. تحت اسم الجامعة العربية

كل ما فعلوه نَشجب.. وقرارهم كان نُدين ثم صمتٌ

إنظرِ طفلتي دومًا أمامك.. ففي الأعلى جبارًا عليا

يا طفلتي المولى يراكِ .. عنده الكل سويا

في عرشه يعلوا نداكم.. هذا مجرمٌ سرق البرية

تلك الكلمات أو حتى تلك الأبيات الصغيرة عن طفلة من أطفال سوريا ليست كافية لتعبر عن مأساة ذلك الشعب الذي يُعاني من كارثة إنسانية بكل المقاييس.. فهل يسترد العالم ضميره الضائع؟!.

 

إعلان

إعلان

إعلان