إعلان

يا شيخنا الطيب.. هل أصبحنا في أزهر الشهادات صحيح؟!

يا شيخنا الطيب.. هل أصبحنا في أزهر الشهادات صحيح؟!

11:04 ص الأحد 12 يناير 2014

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم – هاني ضوَّه :

''بلد شهادات صحيح'' .. لم أكن أتخيل أن تصل هذه المقولة إلى أروقة الجامع الأزهر الشريف التي كان يهرب إليها طلبة العلوم الشرعية من مصر وأكثر من مائة دولة أخرى ممن يدرسون في جامعة الأزهر، ليتعلموا كتب التراث على أيدي ورثة الأنبياء بحق، بعد أن يأسوا من غالبية الأساتذة من ''أصحاب الشهادات'' الذين يدَّرِسون لهم في الجامعة.

قبل أيام صُعِقَّ طلبة العلم الشريف من مصر ومختلف البلدان بقرار منع مشايخهم ممن لا يحملون ''شهادة'' الأستاذية من جامعة الأزهر -رغم علمهم الذي يفوق علم حاملي الدرجة من الأكاديميين – من التدريس في أروقة الجامع الأزهر الشريف، وقصرها فقط على أساتذة الجامعة الذين فر منهم الطلبة، فأبوا إلا أن يلاحقوهم إلى أروقة الجامع.

ما علمته أن وراء صدور القرار شخص له من اسمه نصيب، وهو أستاذ بجامعة الأزهر، ولكن لديه عداوات شخصية نابعة من غيرة وحقد مع عدد من العلماء الذين يُدَّرِسون في الأروقة فحداه حقده إلى أن يشوه حقائق ويثير شكوك حولهم فتم إصدار هذا القرار، ولعله نسى أو تناسى قوله تعالى: ''ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم''.

أتوجه بنداء إلى فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وأنا أعلم غيرته على الأزهر وطلبته، وأنه لا يألُ جهدًا أو فكرًا لإيصال الخير إليهم، أن يراجع هذا القرار الذي سيحرم الكثير من طلبة العلم الشريف من مصر وخارجها من مشايخهم الذين ضحوا بوقتهم وجهدهم لكي ينشروا المنهج الوسطي وتبيين صحيح الفكر من سقيمه، وتقويم المعوج، دون مقابل، فهم لا يلطبون لا منصب ولا مال، ولكن يبغون رضى الله سبحانه وتعالى.

يا فضيلة شيخ الأزهر .. لو وجد طلبة العلم الشريف ما يروي ظمأ العلم لديهم عند أساتذة جامعة الأزهر ما هربوا منهم، وما لجأوا إلى مشايخ الأروقة الذين حملوا هم الأزهر، دون مقابل، وسعوا في تدريس كتب العلم بالسند المتصل شيخًا عن شيخ لينقلوا العلم الشريف محملًا ببركات سلسلة سند مشايخهم ممن تلقوا العلم عنهم.

يا شيخنا الطيب .. لا تسمح لعاصٍ يصطاد في الماء العكر، أن يمنع العلم عن طلبته لمجرد شهادة أغلب من يحملها في الجامعة ليس له ولاءًا للمنهج الأزهري، بل يعمل على هدمه .. فليس كل من حصل على الأستاذية من الجامعة يصلح لنقل العلم، فقد انشغلوا باللهث وراء المناصب والمال بالمكائد والحروب مثلما يفعلون الآن.. فلا تسمح لهم بذلك.

لقد رأى أساتذة جامعة الأزهر –ممن يحملون الدكتوراه- بأعينهم تمدد العقائد الوهابية الفاسدة داخل الجامعة، ولم نسمع أن أحدهم -إلا من رحم الله- حركَ ساكنًا أو كتب مقالًا أو سجل شريطًا يستنكر فيه أو يحذر من استيلاء هذه التيارات الفاسدة على الجامعة؟ .. أبدًا لم يحدث لخوفهم على مناصبهم ومصالحهم، وخوفهم على إعاراتهم بدول الخليج، وخوفهم على دنيا فانية لن تغني عنهم من الله تعالى شيئًا يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

يا فضيلة الإمام الأكبر .. أُذَّكِر فضيلتكم أنه منذ أعوام كنتم قد قررتم بعض الكتب الدراسية التراثية على طلاب الجامعة بغرض تدريب الطلاب على التعامل مع الكتب التراثية وفهم اصطلاحات أهل العلم، وكان من ضمنها كتاب: ''غاية المرام في شرح تهذيب الكلام''، وكانت المفاجأة والصدمة أن أساتذة أصول الدين قسم العقيدة قد اعتذروا عن تدريس الكتاب لعدم استطاعتهم التعامل معه وشرحه للطلاب نظرًا لعدم تعودهم على شرح كتب التراث، وفك اصطلاحاته ورموزه.

وحلًا للأزمة تقرر أن تعقد دورات تدريبية لشرح الكتاب للأساتذة حتى يتمكن الأساتذة من شرحه للطلاب، وعقد بأروقة الأزهر مجلس مشهور لهذه الغاية وكان شيخ المجلس الذي تصدى لشرح الكتاب وحل رموزه للدكاترة هو مولانا الدكتور حسن الشافعي حفظه الله –وهو ليس أستاذًا بجامعة الأزهر وينطبق عليه قرار المنع-.

وكانت الصدمة الثانية أنه لم يأت أستاذ واحد من الجامعة لحضور دروس سيدي الدكتور حسن الشافعي إذ كيف يحضر وهو ''أستاذ'' ؟!!..

في حين حضر الطلاب -الذين تضرروا الآن بالقرار الأخير - عبر أكثر من عامين دروس شرح ''التهذيب'' ثم ''المواقف'' ثم دروس الدكتور مصطفى عمران في ''الاقتصاد في الاعتقاد'' وشرح ''تهذيب المنطق'' و''حاشية الخبيصي على شرح الدسوقي''.

يا شيخنا الإمام .. هل يكون المنع والإبعاد جزاء هؤلاء المشايخ الذين هجروا الدراسات العليا والماجستير والدكتوراة لأجل التفرغ للعلم بمعناه الشامل والتلقي بالسند المتصل، ورتق ما جناه حملة الدكتوراة على الأزهر؟!!!، هل يجازون اليوم بهذه الطريقة لا لشيء إلا لأنهم لا يريدون الدنيا ومتاعها الفاني فحق عليهم الحرب، وحق عليهم النقل ؟!!! وهل هكذا يُعامل القائمين على الأزهر خيرة أبنائه المحتسبين لوجه الله تعالى؟!!!.

لو كانت النوايا متجهة للإصلاح وتمييز من يصلح ومن لا يصلح فهذا ما نبغيه جميعًا، وهناك آلاف من الحلول والمقترحات التي تساعد على هذا الإصلاح غير منع مشايخ الأروقة من التدريس.

فلتشكل فضيلتكم لجنة منصفة محايدة غير موجهة ولا مدفوعة ولا متربصة تستمع إلى تسجيلات المشايخ الأفاضل -وهي موجودة صوتًا وصورة- ثم تكتب تقاريرًا علمية نزيهة عن شروح هؤلاء المشايخ، والمعيار العلمي معروف منذ القدم من عصر السلف الصالح وإلى يومنا هذا، وهو أن من غلب صوابه على خطئه وخيره على شره وضبطه على عدم ضبطه فهو صالح للتدريس، وينبه على ما بدر منه من خطأ وليس المدرس الصالح من لا يخطئ قط فمن ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط؟.

يا شيخ أزهرنا نحن مع الرقابة الدائمة على عمل مشايخ الأروقة والضبط المستمر للعملية التعليمية فيها بما يليق بمكانة الجامع الأزهر الشريف .. أما أن تُلغى جميع الدروس دفعة واحدة وتغلق الأروقة ويعمها السكون والظلام بعد أن كانت عامرة تشع بنور العلم، ويضرب عرض الحائط بمصير الطلاب المساكين الذين لم يجدوا مكانًا يشبعهم من حيث المنهج الأزهري وقراءة كتب التراث إلا هذه الأروقة التي تعمل لوجه الله تعالى، والتي لا يكلف مدروسها الأزهر الشريف مليمًا واحدًا، فلا أظن فضيلتكم ترضون بهذا لمجرد أن بعض المشايخ لم يسلك سبيل الدراسات العليا إما لزهد فيها أو لعدم استطاعة على التوفيق بين طلب العلم وبين ما تطلبه الدراسات العليا من تفرغ أو لعدم مقدرة مادية على مواصلة الدراسات العليا؟.

يا شيخنا الطيب .. هل أصبحنا في أزهر الشهادات صحيح؟!!! .. لا أظنك ترضى بهذا لأبناءك .. وأرجو أن تراجع القرار، وإن وصلك شئ عن مشايخ الأروقة فتحرى عنه واستمع إليهم فهم أبنائك، وأنت خير والد.. يا شيخنا الطيب .. هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟.

المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

للتواصل مع الكاتب:

hani_dawah@hotmail.com

 

دلوقتي تقدر تعبر عن رأيك في مواد الدستور الجديد من خلال استفتاء مصراوي..شارك برأيك الآن

إعلان

إعلان

إعلان