إعلان

الإخوان.. جماعة بين سبيلين

الإخوان.. جماعة بين سبيلين

02:21 م الجمعة 05 يوليه 2013

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - سامي مجدي:

منذ تأسيسها على يد حسن البنا في سنة 1928، تمكنت جماعة الإخوان المسلمين من بناء قاعدة جماهيرية كبيرة، وكان حضورها قويا في الشارع المصري، وكان هذا ما يميزها طوال أكثر من 80 عاما؛ إلا أنه يبدو أنها فقدت هذه الميزة في غضون عام من توليها السلطة بعد ثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك، ليأتي بعده محمد مرسي كأول رئيس مصر منتخب انتخابا حرا.

إلا أن مرسي لم يمض على حكمه عاما واحدا حتى خرج ملايين المصريين إلى الشوارع معلنين انهيار شعبية الجماعة التي تعيش في أزمة حقيقة بالتزامن من إنهاء حكم مرسي ''شعبيا'' قبل أن تعزله القوات المسلحة بمساندة القوى السياسية والثورية والمؤسسة الدينية ممثلة في الأزهر الشريف والكنيسة المصرية.

الجماعة التي عاشت عقودا طويلة محرومة من العمل السياسي ومحرومة من الاعتراف القانوني بها وإن اعترف بها المواطن العادي كفصيل سياسي موجود على الأرض يمارس نشاطاته رغم الملاحقات الأمنية خاصة في عهد مبارك، تمر بمرحلة فاصلة في تاريخها، وستحدد تصرفات قادتها مستقبلها بشكل كبير؛ فهي أمام طريقين إما أن تقبل بما جرى وتتعاون مع بقية القوى والفصائل السياسية وأيضا القوات المسلحة، أو تبقى على موقفها الحالي، وهو ما سيطيل أمد الأزمة السياسية والمجتمعية التي كانت سببا رئيسا في خروج تلك الحشود التي رآها العالم من أقصاه إلى أقصاه يوم 30 يونيو.

الجماعة إن سلكت طريق التعاون مع الفصائل السياسية الأخرى تكون بذلك برهنت وأثبت على ما تغنت به منذ نشأتها بأنها لا تبغي سلطة ولا حكما، إنما غايتها مصلحة الوطن التي أجمع قطاع عريض من الشعب المصري على أن وجود الدكتور مرسي في الحكم واستئثار الجماعة بالسلطة كل السلطة ضد المصلحة العليا للوطن. وقد بان هذا جليا في الشهر المنصرم من خلال القرارات والمواقف التي اتخذها مرسي من قطع العلاقات كاملة مع سوريا وتأجيج الطائفية المذهبية (سنة وشيعة) وكذلك التهديد بالعنف المباشر وغير المباشر من الرئيس وقيادات من الإخوان وجماعات إسلامية موالية للإخوان حال اتخاذ أي إجراء ضد ما وصفوه بـ''الشرعية الدستورية''.

لو اختارت الجماعة هذا المسلك تكون بذلك قد استمعت لصوت الحكمة والعقل ولبت نداء القوى السياسية والثورية الأخرى، من أجل العمل معا خلال المرحلة الانتقالية التي أُعلن عنها وبدأت بعزل مرسي وتكليف المستشار عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا بإدارة شؤون البلاد مؤقتا، على أن تشكل لجنة لتعديل الدستور الذي عُطل، وأخرى لعمل مصالحة وطنية والمقصود بها بالطبع مصالحة بين معارضي مرسي ومؤيديه، وكذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية من التكنوقراط.

الخيار الثاني أمام الجماعة هو الإصرار على موقفها الحالي الرافض لعزل مرسي وعدم التعاون في المرحلة المقبلة، رغم أن كثير من الإخوان خاصة الشباب يعترفون بفشل مرسي في إدارة البلاد ومعالجة المشاكل التي كان المواطن يئن منها. يصر الإخوان على أن ما جرى يوم 30 يونيو يأتي ضمن ''مؤامرة'' قام بها ''فلول'' النظام السابق وبعض الرافضين أو الكارهين للجماعة، و''أعداء الشريعة والمشروع الإسلامي''، بحسب رأيهم. هم بذلك يتجاهلون الملايين التي خرجت للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة في مشهد حضاري، قابله مرسي بخطاب تحريضي كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير وكان دليلا قاطعا أضيف إلى أدلة أخرى كثيرة على فشل الرئيس السابق محمد مرسي وجماعة الإخوان في إدارة الدولة.

يعتمد الإخوان في هذا المسلك على مساندة دولية غربية قد تأتيهم، خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعم الجماعة ومرسي لأنهم أظهروا وأثبتوا التزاما بالخط الأمريكي، والأهم من ذلك الحفاظ على أمن إسرائيل، كذلك مساندة بعض الدول الغربية الأخرى التي قد تكون غير مطلعة بشكل كاف على ما جرى في مصر خلال عام من حكم مرسي والإخوان.

السؤال الذي ربما يكون يشغل بال الكثيرين في مصر وخارجها في الوقت الراهن هو أيا من السبيلين سوف تسلك الجماعة؟

إعلان

إعلان

إعلان