إعلان

المتحف المصري يحتفل بذكرى مرور 12 عامًا على رحيل نجيب محفوظ

07:41 م الخميس 30 أغسطس 2018

نجيب محفوظ

القاهرة- أ ش أ:

احتفل المتحف المصري بالتحرير مساء اليوم بذكرى مرور 12 عاما على رحيل الأديب المصري العالمي نجيب محفوظ من خلال تنظيم برنامج بعنوان (الأدب المصري قديما وحديثا) بهدف إلقاء الضوء على أهمية الأدب المصري القديم وعرض نماذج الأدب المصري الحديث والمعاصر.

تضمنت الفعاليات جولة ارشادية مجانية تعرف الجمهور من خلالها على القطع الأثرية المتميزة الموجودة بالمتحف ، وتلقي الضوء على الأدب المصري القديم ، حيث ترك المصريون الكثير من الروائع في مجال الأدب وأدب القصة والرواية والأسطورة.

وأكد الدكتور الحسين عبدالبصير مدير متحف آثار مكتبة الإسكندرية، في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط ، أن الأديب العالمي نجيب محفوظ يعد من أوائل وأفضل الأدباء المصريين الذين كتبوا عن مصر الفرعونية ، حيث كتب عددا لا بأس به من أعماله عن تاريخ وآثار تلك الحضارة العريقة وقامت أعماله على الدقة الأدبية والصياغة الفنية الفائقة وصدق المعلومة التاريخية وبعث الأجواء القديمة باقتدار.

وقال إنه يبدو غريبا لدى البعض اهتمام نجيب محفوظ الكبير بمصر الفرعونية، غير أن هذا الاهتمام له ما يبرره من أسباب عديدة، فقد بدأ حبه لمصر الفرعونية مبكرا حين كان طفلا صغيرا يعيش في منطقة حي سيدنا الحسين، ثم في حي العباسية الشرقية العريق بعد ذلك؛ إذ كانت أمه، المرأة المصرية البسيطة ذات الحس الحضاري العفوي والعميق، تأخذ ابنها الصغير لزيارة الأماكن الأثرية، خاصة المتحف المصري بالتحرير.

واضاف أن نجيب محفوظ بدأ خطوات عملية في تأصيل وعي المصريين بتراثهم الحضاري العريق، فقام في الصيف، في نهاية مرحلة دراسته الثانوية، بترجمة كتاب "مصر القديمة" للمؤلف جيمس بيكي؛ وذلك كي يحسن من لغته الإنجليزية، ثم أرسله بعد ذلك إلى الأستاذ سلامة موسى الذي أصدره في دار النشر الخاصة به، وأرسل منه نسخة بالبريد للطالب نجيب محفوظ.

وأشار الى أنه تم نشر هذا الكتاب عام 1932 ، وكانت ترجمة هذا الكتاب خير مران ومقدمة لمحفوظ للتعرف على مفردات الحضارة المصرية القديمة، فضلا عن فنية وأدبية وأسلوبية الكتابة عنها، وترك هذا الكاتب الصغير أثرا عميقا في نفس محفوظ سوف يؤتي ثماره الأدبية لاحقا في صور إبداعية عديدة عبر مسيرة أديبنا الطويلة.

وأوضح عبد البصير أنه كان من بين مجموعته القصصية الأولى (همس الجنون) الصادرة عام ١٩٣٨ ، قصتان الأولى تسمى "يقظة المومياء"، والأخرى "صوت من العالم الآخر" ، والتى تدور أحداثها فى مصر القديمة ، مشيرا إلى نجيب محفوظ كان قد خطط لكتابة 40 رواية عن تاريخ مصر، غير أنه لم يكتب منها إلا ثلاث روايات هي "عبث الأقدار" (عام 1939) ، "رادوبيس" (عام 1943) و"كفاح طيبة" (عام 1944)، وماتت الروايات السبع والثلاثون الباقية بالسكتة كما قال نجيب محفوظ نفسه ، وذلك بسبب الأحداث السياسية لمصر آنذاك التى جذبته بشدة.

وأضاف أنه على الرغم من انشغال محفوظ بالواقع المصري المعيشي، ابتداء من روايته الشهيرة "القاهرة الجديدة" (عام 1945)، فإنه لم ينس غرامه القديم بفاتنته ، مصر الفرعونية ، فكتب واحدة من أهم رواياته في عقد الثمانينات من القرن العشرين، وهى رواية "العائش في الحقيقة" (عام 1985)، والتي كتبها من وجهة نظره المصرية البحتة عن فرعون التوحيد، الملك المصرى الفليسوف، "أخناتون"، وأغلب الظن أن فكرة هذه الرواية ظلت تطارد عقل ومخيلة نجيب محفوظ زمنا طويلا منذ أن خطط أن يكتب تاريخ مصر بشكل روائي في بداياته الأدبية؛ إذ لا يمكن تخيل كتابة تاريخ مصر دون الحديث عن الفرعون الشهير أخناتون ودعوته الدينية المثيرة.

ولفت الى أنه عقب اغتيال الرئيس أنور السادات، أجرى محفوظ محاكمة ومواجهة روائية بين حكام مصر منذ البداية، وتحديدا من عهد الملك مينا موحد القطرين وأول ملك لمصر الموحدة، إلى عهد الرئيس محمد أنور السادات في عمل أدبي جديد من نوعه يصعب تصنيفه يدعى "أمام العرش" (حوار بين الحكام) عام 1983، ويوضح هذا العمل القصير الفذ تشعب وعمق وتنوع ثقافة نجيب محفوظ وإلمامه بتاريخ مصر وأبرز معالمه ورجاله عبر العصور ووجهة نظره الشخصية في ما مر بمصر من أحداث طيبة كانت أو غير طيبة في قالب أدبي فريد.

وأكد عبد البصير أن رواية "عبث الأقدار" (عام 1939) تعد أول رواية كتبها نجيب محفوظ في مسيرته الأدبية، وكذلك أول رواية فرعونية هدف بها بدء مسيرة لم تكتمل تقص تاريخ مصر بشكل قصصي وتدور أحداثها في عصر بناة الأهرام العظام، وتحديدًا في عصر الأسرة الرابعة في عهد الملك المعروف "خوفو"، بأن الهرم الأكبر بهضبة الجيزة، العجيبة الوحيدة الباقية من عجائب الدنيا السبعة القديمة.

وأوضح أن محفوظ كان قد أطلق عليها اسم "حكمة خوفو"، غير أن أستاذه سلامة موسى غير الإسم إلى الإسم الحالى "عبث الأقدار" ، وبنى محفوظ هذه الرواية على قصة مصرية قديمة تسمى "قصة خوفو والسحرة" أو ما يعرف بـ"بردية وستكار" نسبة إلى السيدة التي إشترت هذه البردية، والمحفوظة حاليًا في المتحف المصري ببرلين بألمانيا.

وبالنسبة للرواية الثانية "رادوبيس" (عام 1943)، أشار عبدالبصير إلى أن أحداثها تدور حول الغانية الحسناء والفاتنة "رادوبيس"، جميلة جزيرة "آبو" (أو إلفنتين) في الجنوب بالقرب من أسوان الحالية ، التي عشقها علية القوم وصفوة رجال المملكة المصرية وعلى رأسهم الفرعون نفسه ، وكان هذا الملك الشاب فاسدا ومتهورا ، على عكس زوجته الملكة نيتو قريس التي كانت تتمتع بحكمة كبيرة ، وفي نهاية الرواية، قتل ذلك الملك الفاسد وانتحرت عشيقته الغانية رادوبيس.

وذكر أن الرواية الثالثة والأخيرة في الثلاثية الفرعونية هي رواية "كفاح طيبة" (عام 1944)، وتقص قصة كفاح شعب مصر الطويل ضد احتلال الهكسوس للأرض المصرية ، وتنتهي أحداث الرواية بانتصار مصر بقيادة الملك أحمس على الهكسوس وطردهم من مصر إلى فلسطين.

وأضاف أن رواية "العائش في الحقيقة" (عام 1985) تعد آخر ما كتب نجيب محفوظ من أعمال عن مصر الفرعونية، وفيها يسرد محفوظ قصة فرعون مصر الأشهر "أخناتون" من خلال إعادة سرد قصة حياته وفترة حكمة من منظور من عايشوا تلك الفترة المثيرة والحرجة من تاريخ مصر القديمة ، مؤكدا أن هذه الأعمال تظهر حب محفوظ الجم لمصر القديمة ولحضارتها وإيمانه الكبير بمصر والمصريين وعظمة الشعب المصري وتحضره وقدرته على النهضة ثانية وتحقيق المعجزات إذا وجد القيادة الصالحة والقدوة الطيبة.

فيديو قد يعجبك: