إعلان

بعد إبقاء البرلمان عليها.. "إزدراء الأديان" تُهدد حرية الفكر والاعتقاد

12:05 م الإثنين 07 نوفمبر 2016

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت ـ هاجر حسني ونسمة فرج:

تظل قصة الدكتور نصر حامد أبو زيد مثالًا بارزًا على قضية ازدراء الأديان خلال تسعينيات القرن الماضي، فمن خلال كتاباته في الفكر الإسلامي والتي ضمت اجتهادات تعرض أبو زيد على إثرها للتكفير، وأُجبر على إثرها على الانفصال من زوجته ابتهال يونس بعد اعتباره مرتدًا، فلم يجد سبيل وقتها غير اللجوء إلى هولندا.

وخلال السنوات القليلة الماضية أُعيد استخدام مادة إزدراء الأديان مرة أخرى تجاه عدة كُتاب ومفكرين كان من ضمنهم فاطمة ناعوت والتي صدر بحقها حكم بالحبس 3 سنوات، فيما يقضي إسلام البحيري عقوبة السجن لمدة عام بعد قبول الاستئناف المقدم منه على حبسه خمس سنوات، لاتهامه بازداء الإسلام، والذي بمقتضاه تم تخفيف الحكم لعام، وذلك بعد تقدم الأزهر ببلاغ إلى النائب العام في أبريل 2015، لوقف برنامجه التليفزيوني باعتباره مسيئًا للإسلام.

وبعد قرار البرلمان خلال الأيام الماضية بالإبقاء على المادة (98و) من قانون العقوبات المصري والخاصة بازدراء الأديان، ورفض مقترح إلغاء المادة المقدم من النائبة آمنة نصير، وتباينت ردود الأفعال حول الإبقاء على المادة، فالبعض يؤيد وجودها بأنها حماية للوطن من الفتن الطائفية، ويرى البعض الآخر أنها مادة مقيدة لحرية الفكر والإبداع.

وتنص المادة على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز ألف جنيه كل من استغل في الترويج بالقول أو الكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية".

وقال نبيل الجمل، وكيل اللجنة التشريعية بمجلس النواب، إن الأحداث التي صدر بسببها المادة (98و) من قانون العقوبات وهي أحداث الزاوية الحمراء، لم تتغير حتى يتم إلغاء المادة، موضحًا أن هناك فرق بين الفكر والإبداع وبين ازدراء الأديان، وأن المادة تصون تماسك الوطن وتم الإبقاء عليها بقرار أغلبية اللجنة.

وقال محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن إلغاء المادة مطلقَا غير وارد، لافتَا إلى أن الإشكالية ليست في وجود المادة نفسها ولكن في إساءة استخدامها تجاه الأشخاص، ولذلك فمن الممكن أن يُجرى تعديل عليها وبعض الضوابط لمنع هذه الإساءة، بحيث لا يكون هناك تشدد ويتم حماية حق الإبداع في ذات الوقت بما لا يتضمن إساءة للدين.

واتفق مع الشحات، عبد المنعم فؤاد، عميد كلية العلوم الإسلامية، فقال إن إلغاء المادة يفتح الباب لكل شخص بأن يدعي أنه مفكر كبير ويضع اجتهادات ضد الأديان؛ مما يتسبب في وجود فتن طائفية، لافتًا إلى أن المعترضين على المادة ليسوا من القانونيين لأن المادة وُضعت بحذر ومن قبل متخصيين، والمعترضون هم من يريدون إشعال الفتن الفكرية.

ورأى إسحاق إبراهيم، مسئول ملف حرية الدين والمعتقد بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن قرار الإبقاء على المادة يعكس الاتجاه المحافظ داخل البرلمان، وتخوف البعض من مخالفة قرار الأزهر بالإبقاء على المادة، قائلًا إن الإبقاء على المادة ينتهك حرية حرية الرأي والتعبير والاعتقاد ويكرس للحبس في قضايا النشر.

وقال الروائي إبراهيم عبد المجيد، إن سبب إبقاء مجلس النواب علي قانون ازدراء الأديان هو تخوفهم من الأزهر وهو ما يتناقض مع طبيعة الشخصية التي تقدمت بالقانون وهي الدكتورة آمنه نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة والعميدة السابقة لكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر، مضيفًا أن هذا هو نوع من أنواع الحصار الفكري الموجود الآن، بحسب قوله.

وتنص المادة 64 من دستور 2014 على أن حرية الاعتقاد مطلقة وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية، حق ينظمه القانون، كما تنص المادة 65 على أن حرية الفكر والرأي مكفولة ولكا إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر.

كما تنص مادة 67 من الدستور على "حرية الإبداع الفنى والأدبى مكفولة، وتلتزم الدولة بالنهوض بالفنون والآداب، ورعاية المبدعين وحماية إبداعاتهم، وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لذلك".

ويرى محمود عثمان، محامي مؤسسة حرية الفكر والتعبير، أن قانون العقوبات لايفهم حرية الإبداع، موضحًا أن هذا القانون سيؤدي إلى خوف أكثر بين المبدعين وأن الدولة تريد الصوت الواحد فقط، ولا تريد الحلول البديلة وهذا القانون يعزز ذلك بالقبض على المبدعين.

ويقول إسحق إبراهيم، إن استمرار المادة سيمثل ترجمة لانتهاك حقوق الشيعة والأقباط والأقليات الدينية، مضيفًا أن حجم المطاردات خلال الفترة الأخيرة لكتاب ومفكرين مثل فاطمة ناعوت وإسلام البحيري يثير القلق حول التضييق والتقييد على حرية الفكر والاعتقاد.

ويوضح مينا ثابت، الباحث بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات، أن خطورة المادة تكمن في استخدامها ضد حرية الفكر والتضييق على حرية المعتقد والرأي والتعبير، وبالتالي فاستمرارها يؤكد استمرار هذه الخطورة وسيتضرر منها في المقام الأول المنتمين للأقليات الدينية والخارجين عن التصور العام للأديان.

وتعود بداية قانون ازدراء الأديان إلى عام 1981 عندما اشتعلت الأحداث في الزاوية الحمراء بعد شجار بين عدد من المسلمين والأقباط حول قطعة أرض اعتزم مسيحي بناء كنيسة عليها، ومن هنا بدأت تتصاعد وتيرة الأحداث وتحول الأمر إلى فتنة طائفية واشتباكات بين المسلمين والمسيحيين.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان