إعلان

مشروع القرن لمصر.. تحويل مياه نهر الكونغو لمجرى النيل في مواجهة ''سد النهضة''

09:28 م الإثنين 23 ديسمبر 2013

مشروع القرن لمصر.. تحويل مياه نهر الكونغو لمجرى ال

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد طه وأحمد لطفي:

دشنت مجموعات عمل مصرية مشروعًا أسمته ''مشروع القرن'' لتحويل جزء من مياه نهر الكونغو إلى مجرى النيل، بهدف تحقيق نقلة نوعية في خطط تنمية القارة السمراء، كحل لمواجهة العجز المائي الذي وصل إلى ما يقرب من 23مليار متر مكعب حاليًا، في ظل ازدياد أعداد السكان والتخوف من نقص حصة مصر المائية التي تقارب 55 مليار متر مكعب.

فكرة المشروع

وظهرت فكرة هذا المشروع للمرة الأولى فعليًا في العام 1980، عندما كلف الرئيس الراحل محمد أنور السادات كلا من الدكتور إبراهيم مصطفى كامل الخبير الهندسي في مجال مياه النيل، والدكتور إبراهيم حميدة رئيس مركز بحوث الصحراء والمياه السابق، بالقيام بجولة ميدانية في الكونغو لتقديم تصور عن الطبيعة الجغرافية للنهر، وبعد تقديم المشروع للسادات أرسلته الحكومة المصرية إلى شركة ''آرثر دي ليتل'' الأمريكية المتخصصة في تقديم الاستشارات الاستراتيجية لتقديم التصور والتكلفة المتوقعة، ثم ردت بالموافقة، إلا أن المشروع توقف فجأة ثم عاد وطفى على السطح مجددًا في أعقاب أزمة مصر مع ''سد النهضة''.

ووفقًا لدراسة اعتمدت عليها هيئة الثروة المعدنية أجراها أستاذ الطاقة والبترول في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، جمال القليوبي، في سبتمبر الماضي، فإن أفضل حل لإيصال الماء من نهر الكونغو إلى نهر النيل يكمن في شق قناة يبلغ طولها 600 كم، تصب في النيل الأبيض إلى الجنوب من جوبا بدولة جنوب السودان، ومن ثم تتلاقى في حوض النيل بشمال السودان، ومنه إلى بحيرة ناصر خلف السد العالي في أسوان بمصر.

ثروة مائية جديدة

وبحسب الدراسة فمن المقرر لهذه القناة أن:

1. تزود مصر بـ95 مليار متر مكعب من المياه سنويًا، أي ما يعادل ضعف الحصة الحالية (55.5 مليار متر مكعب). وبالرغم من أن هذه الكمية قد تكون بمثابة ''ثروة مائية جديدة'' تحتاجها مصر كثيرًا إلا أنها لا تمثل سوى فائض ضيلة جدًا من مياه نهر الكونغو الذي يهدر منه حوالي ألف مليار متر مكعب من المياه في المحيط الأطلسي كل عام.

2. بالنظر إلى فارق ارتفاع 200 متر بين الكونغو والنيل الأبيض، فإن التحدي التقني يكمن هنا في رفع كميات ضخمة من المياه عبر أربع محطات ضخ متتالية، ما يُمكّن من تسخير تدفق مياه النيل الأبيض عبر المصب لتوليد 300 تريليون واط من الكهرباء في الساعة، أي ما يعادل احتياجات الإضاءة بالكامل في إفريقيا.

3. يتطلب مشروع القناة شبكة من الطرق والبنية التحتية للسكك الحديدية لتيسير ودعم العمل، ما من شأنه أن يملأ بشكل فعال الفجوة التي توجد حاليًا بين البنية التحتية للنقل في شمال أفريقيا وجنوبها، لتظهر شبكة طرق وسكك حديدية موحدة تربط إفريقيا بأكملها من الإسكندرية إلى كيب تاون.

4. بحسب تقديرات هيئة الثروة المعدنية فإن العمل على حفر قناة نهر الكونغو يمكن أن يكتمل في غضون 24 شهرًا، بسعر 8 مليارات جنيه مصري، أي ما يقرب من 1.16مليار دولار، ويشمل هذا التقدير حفر القناة، وبناء أربع محطات ضخ، وجميع وسائل النقل ودعم البنية التحتية للمشروع. وهذه التكلفة ضئيلة بالمقارنة بعرض الصين (25مليار دولار) لإنشاء أكبر ميناء في شرق إفريقيا بكينيا.

موقف السودان

ويقف الوضع الجغرافي والسياسي لدولة جنوب السودان عقبة أساسية أمام انطلاق مشروع ''نهر الكونغو''، إذ لن تستوعب جنوب السودان الزيادة الكبيرة في كميات المياه التي يحملها نهر النيل الأبيض، ما يستوجب عليها استكمال وتوسيع قناة كونجلي (360كم)، التي بدأ حفرها في العام 1981، وتوقف في عام 1984 بسبب تصاعد وتيرة الحرب آنذاك.

ولكي تتمكن جنوب السودان من حفر قناة كونجلي عليها استكمال سلطتها وبنيتها التحتية، حتى لا يتوقف المشروع للمرة الثانية.
بيد أن ذلك يبدو صعبًا بالنظر إلى الوضع السياسي الحالي وأعمال العنف التي تشهدها العاصمة جوبا مؤخرًا بعد اتهام رئيس جنوب السودان سيلفا كير لنائبه بتدبير محاولة انقلاب على حكمه.

انقسام حول المشروع

وكما يشهد مشروع سد ''النهضة'' الإثيوبي انقسامًا كبيرًا في الرأي السياسي والعلمي في مصر بخصوص مدى تأثيره على حصتنا من مياه النيل، تتفاوت الآراء السياسية والعلمية والقانونية في مسألة إمكانية اعتمادنا على فكرة مشروع ''نهر الكونغو'' ومعقولية هذا الاقتراح.

فقد حذّرت مصادر مسؤولة بملف مياه النيل من مشروع تعاون مقترح بين الحكومة المصرية والكونغو طرحته مجموعات عمل مصرية لربط نهري الكونغو والنيل بواسطة قناة مائية تمر بجنوب وشمال السودان، فيما يُعرف بمشروع ''نهر الكونغو''.

وقالت المصادر إن المشروع لا يمثل أكثر من محاولة إلهاء عن الخطوات الإيجابية التي تقوم بها حكومتي مصر والسودان مع الجانب الإثيوبي للوصول لاتفاق بشأن ''سد النهضة''.

ومن جانبه، قال الدكتور نور الدين عبد المنعم، الخبير المائي، إن مشروع نقل مجرى نهر الكونغو إلى نهر النيل، هو مشروع خيالي وغير قابل للتنفيذ، مشيرًا إلى أن القانون الدولي يمنع نقل المياه من حوض نهر إلى آخر، ومن الناحية السياسية والأمنية فيوجد صراع بين الدول المجاورة ولا يوجد استقرار أمني.

وأضاف أن مياه نهر الكونغو قد تخدم دولة السودان بشكل كبير لكن من الصعب مرورها إلى مصر بسبب المرتفعات والصحراء، متسائلًا: ''كيف تمر المياه من منخفض إلى مرتفع؟''، مشيرًا إلى ضرورة عقد اتفاق دولي بين مصر والسودان وجنوب السودان والكونغو يتناول كيفية تحويل مجرى النهر ومعرفة جهة التمويل وكيفية تنفيذه من جانب الخبراء الفنين، مؤكدًا في الوقت ذاته أن المشروع صعب تنفيذه على أرض الواقع لسبب آخر هو تكلفة نقل متر مكعب المياه.

واختتم الخبير المائي تصريحاته بأن هدف المشروع ليس أكثر من إثارة البلبلة لدى الجانب المصري وتحويل الأنظار عن سد النهضة الإثيوبي الذي يستكمل بنائه حاليًا، موضحًا ضرورة تعاون كافة دول حوض النيل للحصول على اتفاق يجمع مصالحهم المشتركة والبعد عن تبريرات الغرب، مضيفًا أن القوات المسلحة المصرية بالتأكيد سترفض المشروع لأنها لن تمول مشروع فاشل وغير مستوفي الدراسات الفنية، على حد وصفه.

مسؤولون يدرسون

من جانبه، أكد مصدر مسؤول بوزارة الموارد المائية والري أن تحويل مجرى النهر ليس بالأمر اليسير، مضيفًا أن ذلك يحتاج إلى دراسات وتمويل ضخم، الأمر الذي يجعل الوزارة تبحث تلك المشاورات مع كافة الدول المعنية بهذا الشأن، فضلًا عن معرفة وجهة نظر وزارة الخارجية ومجلس الوزراء، لما لهذا المشروع من أبعاد سياسية ودولية مهمة.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة… للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: