إعلان

"أبناء مساجين".. قصص مأساوية لأطفال ولدوا وآباؤهم خلف القضبان

03:35 م الأربعاء 20 سبتمبر 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - فتحي سليمان:

ملك ورحمة ابنتا قاتل.. و"معتصم" وُلد ووالده في الزنزانة.. وسارة "أبويا مسرقش"

"ملك" وشقيقتها "رحمة".. "سما" وأختها "سارة".. يوسف ومعتصم وياسر..... إلخ، أطفالٌ جاءوا إلى الدنيا فوجدوا أنفسهم يدفعون ثمن ما ارتكبه آباؤهم من جرائم استوجبت قضاءهم عقوبات السجن، فإذا بهؤلاء الصغار يبدأون أولى خطواتهم، وهم يترددون على أقسام الشرطة برفقة أمهاتهم، يتحركون وسط مرتكبي الجرائم، يذهبون للسجون لرؤية آبائهم، يضطرون للذهاب إلى مصلحة السجون لإنهاء أوراقهم الرسمية.

وأقامت إدارة الرعاية اللاحقة بوزارة الداخلية، حفلًا لأبناء المساجين وذويهم، وزعت خلاله هدايا وإعانات اجتماعية للتخفيف من معاناتهم وظروفهم القاسية في ظل غياب العائل.
"مصراوى" حضر الحفل، والتقى عددًا من هؤلاء الأطفال، واستمع لمآسيهم، التي وصلت لأن يولد بعضهم وآباؤهم في السجون..

ملك ورحمة: "بنروح المدرسة بعين مكسورة"

"مشوفتش بابا من أول ما اتولدت، وفتحت عيني لقيته في السجن، وعرفت لما كبرت إنه محبوس في قضية قتل بسبب عمه اللي أجبره ياخد بالتار" بهذا بدأت الطفلة "رحمة"، التي لم تكمل عامها التاسع، حديثها عن مأساتها التى بدأت قبل أن ترى عيناها النور؛ فمن نحو 9 سنوات اُقتيد "عاطف" إلى السجن بتهمة القتل أخذاً للثأر ممن قتلوا أحد أبناء عمومته، وبعد نحو 3 أشهر أنجبت زوجته طفلتها الأصغر "رحمة"، وعقب عدة جلسات أصدرت المحكمة حكماً بالسجن المشدد 15 عاماً.

نشأت الصغيرة "رحمة"، التي لا يكتمل وعيها بعد، وهى لا تعرف سوى أدبيات التردد على الزنازين لزيارة أبيها المسجون بدافع الثأر، وكذلك معاناة والدتها في توفير لقمات العيش، في ظل الظروف التي أحوجتهم لـ"اللي يسوى وما يسواش"، مثلما تقول والدتها صفاء.

على عكس "رحمة"، تدرك الأخت الكبرى "ملك"، صاحبة الـ 14 سنة، جيداً ما يدور حولها، وتعكس قسمات وجهها وملامح نظرتها الحالة البائسة التي وضعهم القدر فيها.

وتجيب "ملك" على الأسئلة بكلمات معدودة محدودة، وتبرر والدتها ذلك بأنه: "من أول ما باباها اتسجن، وكان عندها 6 سنوات، وهي حزينة ومش بترضى تخرج وفي المدرسة معندهاش أصحاب، ومش بتتكلم كتير".
تقول الطفلة: "زمايلي ميعرفوش إن بابا محبوس، وأنا طول الوقت خايفه يعرفوا عشان كده مش برضى أتكلم معاهم ولا بصاحبهم.. انا نفسي بابا يطلع من السجن ويعيش وسطنا".

سما وسارة: "بابا مش حرامي"

بكلمات خجولة ونظرة منكسرة، ترفض "سارة" الاعتراف بوضع والدها الذي سبق اتهامه في قضيتي سرقة، ومازال سجيناً يقضي فترة العقوبة.
وكما يظهر من كلام الطفلة ذات الـ7 سنوات، فإنها كونت عقيدة ثابتة تتشبث بها ضد نظرة المجتمع القاسية تجاه أسر المساجين أو ذويهم، حيث تؤكد في كل كلمة تنطقها على براءة والدها، وتكرر جملة "بابا مش حرامي على فكرة.. هو محبوس ظلم".
"سما" (14 سنة) الشقيقة الأكبر، على العكس، تدرك حقيقة أن والدها متهم في قضية سرقة، وتتصرف حيال ذلك كالرجال لمعاونة والدتها المنهكة، جراء بؤس المعيشة في غياب عائلها.

تقول الطفلة، وهى تمسك بحقيبة مدرسية تسلمتها كهدية: "انا عارفه إن بابا مسجون في قضية سرقة توك توك، وأنه عمل كده، مرتين بس اختي متعرفش ده عشان هي لسه صغيرة".

معتصم: "بابا قتل اتنين وأنا بـ100 راجل"

"أنا بـ 100 راجل وسداد عن أبويا وهو في السجن" حين تأتى هذه الكلمات على لسان طفل لم يتجاوز العاشرة، يجب أن تستغرب من القوة التي يبديها الولد الذى يصافحك بمنتهى الجدة، ليثبت بتلك الحركات التي لقنها له جده أن "أبيه لم يغيب عن العيلة وأنه مازال للبيت ضهر يحميه".
فعلى على عكس أغلب الأطفال، لا يبدو "معتصم" منكسرًا أو مغلوباً، حيث لا تفارقه الضحكات ولا "القفشات"، ولا تستطيع الحصول منه على إجابة صريحة لأي استفهام تطرحه عليه.. يراوغك بخفة، فتارة يقول: "بابا محبوس في قضية قتل"، وأخرى يجيبك: "أنا بابا قتل اتنين"!

"يوسف": "أبويا ضرب جارنا بالنار عشان تحرش بأختي"

يتذكر يوسف (13 سنة) المشاجرة التي حدثت منذ عامين، ويروى تفاصيلها كما لو كانت وقعت بالأمس القريب؛ يقول: "كنت في فرح بنت عمي، والفرقة شغالة، وفجأة اختي صرخت عشان واحد من الجيران تحرش بيها، أبويا أول ما سمعها كان معاه فرد خرطوش ضربه بالنار، واتعور هو وتلاته تانين".
وبعد تحول حفل الزفاف إلى معركة بالأسلحة النارية، أُصيب فيه 7 أشخاص، وضبطت الشرطة 10 متهمين من طرفي المشاجرة من بينهم والد يوسف وشقيقته المتحرش بها، قضت المحكمة بحبس الأب 3 سنوات، ومن وقتها يعيش "يوسف" مأساة التردد على الأقسام والسجون لرؤية والده.
ورغم ما يلاقيه الطفل، فإنه لا يرى والده مذنباً، بل يؤكد أنه لو كان مكانه لفعل ما فعل. "أي حد راجل كان هيعمل كده" يقول الطفل، ويتابع: "بابا المفروض يكرموه عشان بيدافع عن عرضه مش يسجنوه".

فيديو قد يعجبك: