إعلان

وجهات نظر تونسية: لماذا اختلف طريقا ثورتي تونس ومصر؟

03:29 م الثلاثاء 04 فبراير 2014

وجهات نظر تونسية: لماذا اختلف طريقا ثورتي تونس ومص

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

بي بي سي:

انطلقت شرارة ثورة تونس مع نهاية عام 2010، وتلتها بعد ايام ثورة مصر في مطلع عام 2011، وجاءت الثورتان بعد سنوات طويلة من الحكم الدكتاتوري الذي ادى الى ازمات سياسية واقتصادية واجتماعية طالت شرائح متعددة في المجتمع، خاصة الشباب، وتراكمت هذه الازمات لتتحول الى ثورة ترفع شعار ''شغل وحرية وكرامة اجتماعية'' في تونس، وبشكل مشابه في مصر ''عيش وحرية وعدالة اجتماعية''.

الا ان المشهد في يناير/كانون الثاني 2014، وبعد 3 سنوات من اندلاع الثورتين، بدا مختلفا الى حد كبير بين البلدين. ففي تونس تم اقرار دستور جديد بدرجة عالية من التوافق، اذ صوت لصالحه 200 عضو من بين 216 عضوا بالمجلس التأسيسي، كما تم التوافق على حكومة مستقلين بقيادة مهدي جمعة تقود البلاد حتى الانتخابات القادمة. وهناك شعور بأن اقرار الدستور خطوة هامة على طريق تحقيق الاستقرار السياسي وبناء مؤسسات الدولة التونسية، وان كان الطريق لايزال طويلا لتحقيق اهداف الثورة، كما قال الرئيس التونسي المنصف المرزوقي.

اما في مصر، وفي اليوم التالي للاعلان عن اقرار دستور تونس، فقد تم نشر بيان المجلس الاعلى للقوات المسلحة، الذي يدعم ترشيح المشير عبد الفتاح السيسي لرئاسة الجمهورية، والذي اثار الجدل بين المؤيدين والمعارضين لترشيح السيسي. وبشكل عام هناك انقسام واضح في مصر حول الاجراءات التي اتخذتها السلطات منذ قيام الجيش بعزل محمد مرسي في 3 يوليو/تموز 2013.

دور منظمات المجتمع المدني

''هذا الاختلاف الواضح في مسار ونتائج الثورة في البلدين، بعد ثلاث سنوات من انطلاقها، يرجع الى ان النخب السياسية في تونس تمكنت من التوصل الى توافق حول نقاط تجمعهم، سواء بالنسبة للحوار الوطني او الدستور او تشكيل الحكومة''، كما تقول آمنة القلالي مديرة مكتب ''هيومان رايتس واتش'' في تونس، هذا على الرغم من عمق الخلافات الفكرية بين الاسلاميين والعلمانيين وغيرهم، فيما لم تتمكن النخب في مصر من تجاوز خلافاتها السياسية والفكرية.

وتضيف القلالي ان هناك ايضا اختلافا في موازين القوى في كل من البلدين. فقد تمكنت منظمات المجتمع المدني التونسي من جمع الاطراف السياسية على مائدة الحوار، ومن ابرز هذه المنظمات الاتحاد التونسي للشغل واتحاد التجارة والصناعة، وكانت هناك رغبة حقيقية من قبل منظمات المجتمع المدني لتجنب تكرار ازمة مصر، والوصول الى توافق سياسي، واثبت المجتمع المدني انه قوة ضغط وتوازن هامة في الساحة السياسية التونسية.

اما في مصر كما تقول، فقد اخذ الجيش زمام المبادرة، وقام بما ترى انه ''انقلاب وضع حدا لاول انتخابات رئاسية حرة ونزيهة في مصر، ووقعت بعدها الكثير من التجاوزات تجاه المعارضين''.

التوافق بين الاسلاميين والعلمانيين

ويتفق د. رفيق عبد السلام، وزير الخارجية السابق والقيادي بحركة النهضة، مع ما تقوله القلالي على اهمية التوافق الذي تم التوصل اليه بين تيارات اسلامية وعلمانية في تونس، ويضيف ''ادركنا منذ وقت طويل ان الحاكم المستبد، مثل بن علي في تونس او غيره، يستفيد من الانقسام والاستقطاب السياسي بين المعارضين له، خاصة بين الاسلاميين والعلمانيين، وبالتالي حرصنا، بعد المواجهة في التسعينات مع نظام بن علي، على ان نتجاوز هذا الانقسام لنصل الى حكم ديمقراطي''.

ومن ثم، كما يقول عبد السلام، ''قام التوافق في التجربة التونسية على التوافق بين ما يعرف بالاسلاميين المعتدلين من جانب، والعلمانيين المعتدلين، ومن بينهم المنصف المرزوقي ومصطفى بن جعفر، من جانب آخر، الأمر الذي وفر قاعدة سياسية للحكم''. وسبق هذا التوافق مبادرة 18 اكتوبر/ تشرين الاول عام 2005 التي اكدت على وجود ارضية مشتركة بين الاسلاميين والعلمانيين. ويضيف ان تجربة الشيخ راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة، الطويلة في الحياة في بريطانيا ساهمت في انضاج التوجه الديمقراطي في فكر الحركة.

ويرى عبد السلام أن المراحل الانتقالية في الدول العربية تحتاج الى ديمقراطية توافقية تتأسس على المساومات بين القوى الاجتماعية الرئيسية، وليس فقط ديمقراطية الاغلبية لأننا لم نصل بعد لهذه المرحلة في الدول العربية، اذ انها تتطلب درجة عالية من النضج والاستقرار السياسي.

وعلاوة على ذلك، يرى ان الجغرافيا السياسية كان لها دور في اختلاف التجربتين، ''اذ ان مصر بلد كبير وله ثقل ضخم في المنطقة، ومن ثم سعت قوى اقليمية الى افشال التجربة في مصر، خاصة وان هناك صراعا حول تأويل الفكر السياسي في الاسلام، بين تأويل ديمقراطي يقبل تداول السلطة، وبين تأويل يقوم على طاعة ولي الأمر''.

وعن الاخطاء التي وقعت فيها حركة الاخوان في مصر، من وجهة نظره، يقول عبد السلام ان الاخوان تشبثوا بالشرعية الانتخابية بينما كانوا بحاجة الى الشرعية التوافقية التي تتطلبها المرحلة الانتقالية، وبالتالي تعمق الانقسام في المجتمع، واستغل الجيش هذا الانقسام لكي يوفر الغطاء السياسي للاطاحة بمحمد مرسي.

ويضيف ان خصوصية السياق التونسي تختلف عن الوضع في مصر، اذ اننا، كما يقول، ''تعودنا في حركة النهضة منذ وقت طويل على العمل المشترك مع التيار العلماني، وهذا ما لم يقم به الاخوان، ربما لأن التيار العلماني لم يكن قويا بما يكفي في مصر، من وجهة نظر الاخوان، ليفرض شراكة بين الطرفين''.

الخوف من تكرار سيناريو مصر

الاخطاء التي وقع فيها الاخوان، وما تبعها من تطورات شهدتها مصر، منذ قيام الجيش بعزل محمد مرسي في 3 يوليو/تموز، كان لها اثر كبير على موقف حركة النهضة في تونس، كما تقول آمنة القلالي، اذ نبهتها الى خطورة الموقف خاصة بعد مقتل المعارض محمد البراهمي، ليس لأنها قامت بالاغتيال، ولكن بسبب الفشل الحكومي الواضح في توفير الحماية اللازمة للأفراد.

ومن ثم، تجنبت حركة النهضة الفخ الذي وقع فيه الاخوان في مصر، وهو التفرد بالحكم والتعسف في ادارة المرحلة الانتقالية، فقدمت النهضة تنازلات، مثل التنازل عن النص في الدستور على تطبيق مبادئ الشريعة، والذي كان يطالب به جناح متشدد في حركة النهضة، وقدمت ايضا المعارضة تنازلات، ووصل الطرفان لدستور توافقي، وهي نتيجة ترى آمنة القلالي انها جيدة لتونس.

وتتنفق هندة الشناوي، وهي صحفية في موقع ''نواة'' NAWAT على ان ما حدث في مصر اجبر حركة النهضة على اعادة حساباتها، وتغيير سياساتها، وتقديم تنازلات للقوى الاخرى خوفا من تكرار السيناريو المصري.

وتضيف الشناوي انه كان هناك درجة من التشابه في الاتجاهات السياسية بين النهضة والاخوان، وكانت هناك محاولة للتغول والاستقواء من جانب القوى الاسلامية في تونس على باقي القوى، لكنهم رأوا ان الامور لا يمكن ان تسير بهذه الطريقة، ورأوا ان الجيش في مصر تدخل لعزل مرسي، واعقب ذلك فض الاعتصام في رابعة العدوية بشكل عنيف للغاية، وبالتالي لم يكن هناك مفر من تقديم التنازلات من جانب النهضة لكي تتحرك الاوضاع الى الامام.

وتضيف الشناوي انه بسبب تغيير مواقف وسياسات الاسلاميين في تونس، نجحت البلاد في تجنب التقاتل الاهلي، كما يحدث في مصر، ونجحت في اثبات انه يمكن ان يكون هناك نظام حكم ديمقراطي يشارك فيه الاسلاميون.

فروق بين الجيشين

ويمضي بسام بوقرة، وهو رئيس جمعية ''اصلاح''، وعضو بحركة ''شباب قادر'' في تونس، في الحديث عن عامل بالغ الاهمية في اختلاف التجربتين، وهو الفرق بين وضع الجيش في كل من تونس ومصر. في تونس، كما يوضح، الجيش صغير نسبيا ويضم نحو 30 او 40 ألف جندي، ويقوم اساسا بحراسة الحدود وحماية المنشآت الهامة، وتخضع ميزانية الجيش بالكامل لرقابة البرلمان، ولادور سياسي للجيش في تونس، كما انه لا يمتلك او يدير مؤسسات اقتصادية، ولايوجد به نجوم يمكن ان تتطلع للسلطة، حتى الجنرال رشيد عمار، الذي كان رئيسا لاركان الجيش البري وقت اندلاع الثورة، اختار الابتعاد عن المشهد السياسي.

اما في مصر، كما يقول بوقرة، فوضع الجيش مختلف تماما، اذ ان ''الجيش يسيطر على جزء هام من اقتصاد الدولة، ويضم مئات الآلاف من الجنود، وله دور سياسي، وهو اشبه بدولة داخل الدولة، وقرر التدخل لعزل محمد مرسي، ثم تطورت الاحداث بالشكل الذي نعرفه، وبصورة فيها الكثير من العنف الذي ولد بدوره عنفا مضادا، وتعقدت الاوضاع اكثر''.

ويتفق عبد السلام مع هذه الرؤية، ويقول انه من حسنات تجربة بورقيبة في الحكم انه كان حريصا منذ استقلال تونس على ابعاد الجيش عن الحياة السياسية، واخضاعه لسلطات الحكومة، بخلاف الوضع في مصر، وبالتالي بعد انطلاق الثورة قام الجيش بادارة المرحلة الانتقالية في مصر، بينما ادارتها القوى المدنية في تونس، وكان لهذا تأثير كبير على المسار في البلدين.

ويوضح بوقرة، الذي عاد من الولايات المتحدة الى تونس بعد الثورة، الى انه رغم تباين مسار الثورتين في مصر وتونس الا ان هناك تأثيرا متبادلا لكل منهما على الاخرى، خاصة وانه لا يوجد طريق محدد للمسار الثوري، وكل ما نقوم به هو محاولة البحث عن افضل حلول للمشكلات التي تواجهنا في مرحلة التحول من نظام لآخر بعد الثورات.

وفي نفس الوقت فان اي نجاح تحققه ثورة تونس يمكن ان يؤثر على الاحداث في مصر مستقبلا، ويمكن ان تساعد تجربة تونس الحركات الثورية في مصر، وغيرها من الدول التي شهدت حراكا ثوريا، على تصحيح مسارها وتجنب اخطاء الماضي.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان