إعلان

وجهتا نظر: هل على ألمانيا حظر ارتداء النقاب؟

نقاش حول إمكانية سنّ قانون لمنع ارتداء النقاب

وجهتا نظر: هل على ألمانيا حظر ارتداء النقاب؟

05:02 م الثلاثاء 23 أغسطس 2016

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

برلين (دويتشه فيله)
يدور في ألمانيا حالياً نقاش حول إمكانية سنّ قانون لمنع ارتداء النقاب، أو البرقع، في أعقاب ارتفاع بعض الأصوات المطالبة بذلك. في هذا السياق، تنشر DW وجهتي نظر مختلفتين: الأولى مع قانون لحظر ارتدائه، والأخرى ضد هكذا حظر.

كتب رئيس تحرير DW، ألكساندر كوداشيف، هذا التعليق تأييداً لقانون يحظر ارتداء النقاب أو البرقع

نعم. إن قانوناً لحظر ارتداء البرقع يمثل سياسة رمزية. نعم، قانون لحظر ارتداء البرقع لن يفيد في منع وقوع اعتداءات إرهابية. نعم، إن قانوناً لمنع ارتداء البرقع يعتبر في دولة متحررة علامة تحرر، ذلك أنها تناقش هذا المنع من أصله. نعم، صحيح أن القليلات يرتدينه في ألمانيا. فما معنى المنع، إذاً؟ نعم، إنه (البرقع) يزعج الكثيرين، ولكن لا يجب حظر كل ما يزعج الكثيرين. في هذا الشأن، فإن وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير محق.

لكن حظراً على ارتداء البرقع أمر منطقي ومفيد من الناحية السياسية. فهو يظهر أن المجتمع المنفتح لا يقبل كل شيء. إنه يظهر أن دولة القانون المتحررة تقف بكل صلابة في وجه أعداء التحرر. إنه يظهر أننا قادرون على وضع رمز البرقع في الخانة الصحيحة. فالبرقع ليس علامة على التديّن أو الورع الديني، وإلا لارتدت كل النساء من المغرب حتى باكستان البرقع. لكنهن لا يرتدينه، بالرغم من أن المغاربة لديهم نفس الورع الديني الموجود لدى الليبيين أو المصريين أو الإيرانيين أو الباكستانيين.

لا. البرقع رمز الإسلام المتشدد والمذهب الوهابي. البرقع علامة الإسلام المتشدد – الموجود لدى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وطالبان وفي السعودية وغيرها من الأماكن. البرقع ليس علامة الورع الديني أو حتى الحياة بحسب النهج الإسلامي.

ما هي حدود التسامح؟
حسناً، ربما يعترض أحدهم بالقول إن في دولة متعددة الأديان كجمهورية ألمانيا الاتحادية فإن حرية المعتقد مضمونة لكل الأديان والمذاهب. لكن ما هي حدود التسامح؟ هل يشمل التسامح تشويه الأعضاء التناسلية(عبر الختان) للفتيات الصغيرات في الدول الإسلامية؟ هل يشمل عدم حرية النساء في تقرير مصائرهن؟ هل يتم التسامح مع ذلك كله لأننا نريد أن نكون متسامحين دينياً؟

إن البرقع يقيّد المرأة. البرقع يفترض أن يقوم بذلك ويجب أن يقوم به، فهو يسلب المرأة مكانها المنصوص والمؤكد عليه في المجتمع. البرقع يتناقض وكرامة الإنسان وفكرة المساواة بين الجنسين. لذلك يجب على المجتمع أن يسأل نفسه: ما هي أشكال الإسلام المتطرف التي سيسمح لنفسه بتقبلها؟ ما هي حدود التسامح المتحرر؟ الصراع حول منع ارتداء البرقع سياسي بالدرجة الأولى، والسؤال هو: كيف سنتعامل مع أعداء المجتمع المنفتح؟

بالنسبة للمجتمع المتحرر، فإن من الضروري والمفيد وضع خطوط واضحة، ألا وهي أن البرقع يجب أن يُمنع في ألمانيا، مثله مثل تعدد الزوجات وزواج القاصرين وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث – كلها باسم الدين. هنا يجب أن تقول السياسة "لا"، وعلى خبراء القانون التعامل مع بقية التفاصيل.

مارتين مونو، مدير غرفة الأخبار في قسمي التحرير الإنجليزي والألماني الإلكترونيين بـDW، يعارض في تعليقه هذا أي قانون لمنع ارتداء النقاب:

صيف عام 2016: حلب باتت جحيماً على الأرض، وفي البحر المتوسط يغرق اللاجئون كما في السابق، بينما تفني سياسات أسعار الفائدة المنخفضة محافظ التقاعد الألمانية. لكن ما الذي يناقشه الألمان؟ قطعة قماش!

هذا البلد ليس بحاجة إلى قانون يمنع ارتداء البرقع. الكلمة بحد ذاتها خاطئة، ففي ألمانيا لا ترتدي أي امرأة البرقع – وهو اللباس الذي يغطي الوجه بأكمله بشبكة من القماش. هناك نساء يرتدين النقاب، وهو اللباس الذي يغطي الجسد بأكمله ولا يبقي سوى فتحة ضيقة للعينين. لكن عدد أولئك النساء قليل للغاية.

وكي لا يكون هناك سوء فهم، فإن البرقع والنقاب والتشادور ما هي إلا مظاهر صورة رجعية للمرأة تعطي الرجل حق الملكية التامة لجسدها. لكنها ليست سوى أعراض. فالتغطية الكاملة للمرأة ما هي إلا جانب واحد، إذ ليست التغطية وحدها، بل العرض العلني لجسد المرأة بصورة جنسية – مثل ما يحصل في الإعلانات – أحد تلك المظاهر أيضاً.

لذلك، يجب علينا أن نسعى بكل شغف لمجتمع يتخلى عن حق ملكية جسد المرأة هذا لصالح حق تقرير المرأة لمصيرها. وهذا يعني بشكل صريح: على كل امرأة أن تقرر بنفسها ما ترتدي!

عاجز وشعبوي
خطط وزير الداخلية الألماني التي باتت واضحة الآن ما هي إلا دليل على العجز، إذ لن يكون هناك حظر تام لارتداء البرقع، بل حظر جزئي، بمعنى أن ما يطالب به هو حظر للتغطية أثناء قيادة السيارة أو في الوظائف الحكومية. لكن دعني أتساءل: أي امرأة تغطي وجهها بالكامل يُسمح لها بقيادة السيارة أو ممارسة أي وظيفة؟ هنا أيضاً يتم الخلط بين أحد الأعراض وسبب المشكلة - أي تقديم حل مقنع للجمهور وبنظرة شعبوية على حزب "البديل من أجل ألمانيا" وعلى أنصار حركة "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا) مع اقتراب موعد إجراء انتخابات مجالس الولايات الألمانية.

فنحن نواجه مشكلة بالفعل: إذا لم ننجح في جعل مجتمعاتنا الغربية الحرة أكثر جاذبية من المجتمعات التي يسودها الإستبداد، وعندما نصل إلى مرحلة نقوم فيها بتقنين ارتداء بعض أنماط اللباس، سنكون وقتها قد خسرنا معركة الآراء. فالوعد الأكبر بأن يطمح الفرد إلى تحقيق سعادته بنفسه دون النظر إلى أصله أو جنسه أو لون بشرته أو ميوله الجنسية مركزي بالنسبة لمجتمعنا. هذا الوعد يجب أن يكون شعلة، لا طوقاً في أعناقنا.

إعلان