إعلان

وجهة نظر: جريمة في المدارس الخاصة والدولية

هاني سمير

وجهة نظر: جريمة في المدارس الخاصة والدولية

12:00 م الخميس 11 أغسطس 2016

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - هاني سمير:

الساعة تقترب من الحادية عشرة، تفتح عينيها مفتقدة أيام الدراسة التي كانت تصحو فيها قبل صياح الديك، يرهقها حر الصيف وتتمنى أن يكون العام كله شتاء.

تحتسي قهوتها وتسرع لارتداء ملابسها "اليونيفورم"، وتعد أوراقها لإجراء مقابلة للعمل، بعد أن ضاقت بها الحياة من العمل في مدرستها الدولية.

تتذكر مادلين آخر مشاجراتها مع مدير المدرسة الدولية التي تعمل فيها -يفكر أن المدرسة تعتمد على الإداريين لا على المعلمين قال لهن صراحة "لو مدرس أو مدرسة مشيوا أجيب بدالهم 10 بكرا الصبح لكن الإداري شايل كل حاجة على كتافه أفضل أعلمه ولو مشي هييجي واحد جديد هعلمه من جديد" كانت تتمنى حينها أن تلكز وجهه ذا الأنف الكبير بقبضتها وأن تلطخ يدها بدمائه، تقول لي أنا أكره الأغبياء.

تهم بالخروج بعد أن يطن منبه هاتفها معلنا الثانية عشرة ظهرا واللقاء موعده الواحدة ظهرا وهي تلعن من حدد الموعد وقت تعامد الشمس، تلقي بنفسها داخل أحد سيارات الأجرة "التاكسي" ليلفظها أمام المدرسة.

في الطريق تفكر في الأسئلة التي يمكن أن توجه لها خاصة أسباب سعيها لترك المدرسة الدولية التي تعمل فيها، ترد مادلين الرد الدبلوماسي "أريد أن أكتسب خبرة جديدة في مكان جديد"، أو أنها ترغب في أن تعمل بالقرب من مكان عمل زوجها قبل شارع من المدرسة".

تعرف أن تلك الأجوبة مجرد أكاذيب ومن يجري معها الحوار يعلم أيضًا أنها أكاذيب لكن لا يستطيع تكذيبها علنا.

في المقابلة مر كل شيء بخير لكن الأزمة حين تحدثا عن الراتب عرض عليها 700 جنيها شهريا سيضيع أكثر من نصفهم مواصلات وحينما أخبرته أن لديها خبرة عمل بالتدريس في مدارس دولية مدتها 6 سنوات جائتها الصاعقة "متفرقش معانا متخرجة جديد ولا عندها خبرة المرتبات واحدة".

واحدة إزاي يافندم.. يرد "هو كدا".

تركته ممتعضة وتملأها الحسرة على دخولها كلية التربية بجامعة عين شمس، متسائلة "لما الجهد ولما المذاكرة فيما أضعت عمري"؟

بعد أيام رن هاتفها لتحدثها السكرتيرة وتخبرها أن مدير المدرسة وافق بصعوبة كبيرة على زيادة المرتب لـ 750 جنيها، وافقت مادلين على مضض وطلبت لقاء مدير المدرسة للتحدث في التفاصيل.

وحينما التقت مدير المدرسة أخبرته أنها وافقت على المرتب الضئيل -هو يراه خرافيا- لكنها تطلب في المقابل عدم الانتظار بعد انتهاء حصصها، فجأة انتفض المدير وقال لها لا تمييز ستعاملين كالباقين، الجميع يبقى للثانية والنصف ومجموعة تقوية إجباريا حتى لو رفضتي تقاضي مقابل لها، هذه أمور أساسية غير قابلة للنقاش ولا عمل أو مرتبات في الصيف لا عقد عمل ولا شهادة خبرة، وقبل أن يكمل محاضرته الرتيبة قفزت مادلين عن مقعدها وابتسمت في وجهه وهي تخبره أنها كانت سعيدة بمعرفة حضرته، ومضت.

نعم لم تحتمل سخافات مدير مدرسة دورها تعليم أجيال، بطبيعة دراستها للكيمياء وجدت أن المعادلة غير قابلة للتفاعل هناك عنصر ناقص عنصر احترام آدمية المعلم وكرامته.

تتذكر المقابلة السابقة التي أجرتها مادلين حين أعدت أحد دروس العلوم ببرامج "powerpoint" بطريقة أذهلت من أجرى المقابلة وبعد اللقاء أخبرها أنه يمكن أن يعلمها تدريس الرياضيات لأن لديهم عجزا وأن الموضوع سهل جدا ، أخذتها الدهشة المدرسة طلبت مدرسة علوم وبعد قبولها يخبرونها أنه يمكن أن تدرس رياضيات Math. 

كل ذلك حدث بالفعل وسيحدث ويتكرر مع كل معلمي المدارس الخاصة، وزارة التربية والتعليم تتركهم فريسة سائغة بين أسنان أصحاب المدارس، تحولت من أماكن للتعليم لـ"دكاكين" للتجارة في العقول.

تتساءل مادلين لما لا يتم تشديد الرقابة لي كل المدارس الأمر بسيط تشكيل لجنة في كل محافظة، للمرور على كل المدارس الخاصة ومراجعة عقود المدرسين -هذا إن كانت هناك عقود أصلا- وما يحدث لهم يمكن الاستعانة بنقابة المعلمين، من له أذنان للسمع فليسمع.

هذه مجرد جريمة صغيرة من عدة جرائم يرتكبها أصحاب المدارس الخاصة والدولية بانتهاك حقوق المعلمين، وفي النهاية نبحث عن سبب أزمة التعليم في مصر، السبب الأول انتهاك حقوق المعلم.

الآراء الواردة في المقال تعبر رأي الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن مصراوي

للتواصل مع الكاتب:

Mcnhsamir@gmail.com

إعلان