إعلان

سمر صبري تكتب: "يا عندليب..قول شكوتك"

سمر صبري

سمر صبري تكتب: "يا عندليب..قول شكوتك"

12:06 ص الثلاثاء 21 يونيو 2016

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - سمر صبري:

(1)
اتعرض لإغمائتين لأول مرة على مدار سنوات عمرى الـ 29، يترك ارتطام جسدى بالأرض أثرًا لندبة على أنفى، مرت أربعة أشهر على الواقعة والوقوع ومازال أثر الندبة ظاهرًا.

(2)
تهاتفنى صديقتى متسائلة إن كان وقتى يسمح بلقاء سريع، أحب دائمًا اللقاءات غير المرتبة مسبقًا، تذكرنى دومًا بقول مأثور لصديقة قديمة: "من كتر ما الحاجات اللى بتيجى من غير تخطيط حلوة، بفكر ما أخططش حاجة فى حياتى".

أما صديقة المكالمة فقد قابلتها وكان اللقاء بالفعل حميمى، أخبرتنى عن بعض مشاكلها الشخصية والعملية، وكيف أنها انهارت بالبكاء أمام جميع زملائها بالعمل؛ لمشكلة ما واجهتها، استطردت تخبرنى أنها استمرت فى نوبة طويلة من البكاء أصابت جميع الزملاء بالهلع، هلعت أيضًا من قصتها، لا لأنها بكت أمام الجميع بفعل مشكلة عابرة، وإنما لأن صديقتى من سنة مضت كان تخبرنى عن تفاصيل انفصالها عن زوجها بوجه جامد، بلا قطرة دموع واحدة!.

صادفت أيضًا يا صديقتى موقفًا مشابهًا، فعلت الأمر ذاته وبكيت أمام زملاء العمل رغمًا عنى بفعل مشكلة تافهة بطريقة أدهشتهم وأدهشتنى من نفسى، ثم بكيت عقب عودتى للمنزل لأننى بكيت أمامهم.

(3)
أواصل – وعلى مدار شهور- التعرض لنوبات متكررة من فقدان الاتزان اللحظى بعد مرتى الإغماء، وبعد استشارة طبيبة من العائلة، بدأت كورس مكثف من الفيتامينات، وجه شاحب، شفاه أقرب للون الأبيض، وفقدان اتزان..جميعها أعراض تُنبّىء بأنيميا حادة.


(4)
ينشر بعض الأصدقاء على موقع فيس بوك مقطع لأب فى صحبة ابنه عند طبيبة الأطفال، الطبيبة تُعطى الابن حقنة، فيبدأ البكاء، يتسع الكادر لتظهر علامات التأثر جلية على وجه الأب الذى يشارك ابنه البكاء..بكى الابن من وجع الحقنة، وبكى الأب من وجع قلبه لبكاء ابنه.

نشر مستخدمو فيس بوك المقطع بعنوان " مقطع مضحك لأب يبكى عند حقن ابنه" ، ثم "استلمت" التعليقات الأب فى نوبة سخرية شرسة لأنه بكى، يبدو أن فطرتنا تلوثت لنقابل بكاء شخص بكتابة تعليقات من نوعية: " هاهاهاهاها".

(5)
الفيتامينات لا تجدى معى نفعًا، ربما تحسن شحوب وجهى قليلًا، عاد الدم إلى شفاهى بعض الشىء، لكن ماذا عن الدوار؟ ربما أنا فى مرحلة سيئة جدًا من الأنيميا، لابد أن أجرى مزيدًا من الفحوصات قبل الذهاب إلى الطبيب، صورة دم كاملة ربما تحسم شكوكى.

(6)
أطالع على الإنترنت تفاصيل دورة "إدارة المشاعر"، تنصحنى صديقة اجتازتها بضرورة التسجيل فيها، تحاول تشجيعى بقولها: " أخبرونا هناك أننا نتعلم فى سنوات الدراسة بعض المعلومات عن بعض المجالات، لكن لا أحد يعلمنا شىء عن دواخل نفوسنا"، أضافت أنها أصبحت بعد الاشتراك فى الدورة أكثر وعيًا بضرورة التعبير عن مشاعرها أولًا بأول، وألا تغالب رغبتها فى البكاء أيًا كان الموقف، وأينما كانت.

أربط فى ذهنى ما قالته بحديث لصديقة أخرى حكت لى أن خلاصة سبع سنوات زواج هى أن تعبيرها الواضح عن مشاعرها السلبية عند مروروها وزوجها بمشكلة ما، اختصر بينهما المسافات.. والخلافات أيضًا.

(7)
يفاجئنى الطبيب بأننى سليمة بدنيًا، ولا أعانى أنيميا أو غيرها، ينظر لوجهى الشاحب وللتحاليل فى يده، ثم يخبرنى أننى أعانى ضغط عصبى شديد، وأننى لا أنفّث عن الضغوط التى أواجهها بشكل سليم، كانت روشتته يومها أن أتحرر من الكتمان والتماسك الزائف، وأن استمع إلى الموسيقى أو أشاهد فيلم محبب قبل النوم، يتلو علىّ التعليمات بينما أقف أمامه غير مصدقة.

(8)
تدور فى خلفية عقلى عبارات جاهين:
"يا عندليب ما تخافش من غنوتك، قول شكوتك واحكي علي بلوتك.. الغنوة مش ح تموتك إنمــــــــــا كتم الغنا هو اللي ح يموتــــــــك."
أنظر للمرآة فأرى أثر الندبة مازال يعلو أنفى، ربما مازال موجودًا ليخبرنى فى كل مرة أراه أن أرفق بنفسى، وأن الاستسلام لضعفنا الإنسانى مطلوب أحيانًا، وإلا ترك فى الروح ندبة.

إعلان