إعلان

مصطفى أمير يكتب: رمضان ورامز.. و«الدندوه»

مصطفى أمير

مصطفى أمير يكتب: رمضان ورامز.. و«الدندوه»

10:45 ص الأحد 12 يونيو 2016

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - مصطفى أمير:

في موقف للسيارات بالقرب من محطة مترو البحوث.. "شايف البت أم دندوه كبير دي؟"، وفور اقترابه منها قال من نافذته الزجاجية المفتوحة لفظًا: "ألعب فى الدندوه".. كان هذا حوارًا لسائق ميكروباص مع شاب يجلس بجواره، أظنّه يعمل بمهنته أيضًا.

«الست التخينة منها مرتبة ولحاف، وممكن تحمّل على ضهرها عفش البيت لو فكرت تنقل من شقتك»، كان هذا حديثًا دائرًا بين مجموعة شبان بطريقة مازحة تعليقًا على حلقة رامز جلال والفنانتين الشابتين ويزو وشيماء سيف.

ما سبق هو نتاج ما جنيناه، وسوف نستمر سنوات، لحملة من إعلانات وبرامج الشهر الكريم، قد تكون بحسن نية، إلا أنها أضافت ألفاظًا جديدة إلى قاموس الشارع المصري المكتظ بآلاف غيرها، لكن "التجديد حتى في القباحة مطلوب أيضًا"، نزولًا على رأى قطاع لا بأس به من المجتمع، قد أيّد الإسفاف والإيحاءات باعتبارهما حرية في العرض والطلب.

هل يقبل الشارع الآن أن تُختصر معرفة الفتيات والسيدات بـ"أم دندوه"؟ وهل يقبل إهانة بهذه الطريقة لسيدة بدينة قد تكون في قوامها جميلة الجميلات؟
أغلب الظن أن تأثير ما جدّ علينا من ألفاظ وإسفاف هذا العام من حملة الإعلانات سيظهر لاحقًا بشكل أكبر، فلا تستبعد في شهر رمضان المقبل 2017 التخلي عن الإيحاءات والحديث بالتلميح عن "القاعدة" المريحة والهجوم على الشركات المنافسة، وتكون الشتيمة بشكل مباشر، باعتبار أن هذا العام جسّ نبض لتقبُّل المجتمع هذه الألفاظ والتلميحات.

لعلنا ننتظر في العام المقبل أن يتغير لفظا "الدندوه" و"القاعدة"، إلى اسميهما الدارجَين بيننا في الخفاء، لم لا وقد تَقبَّلنا المعنى الآخر، وإن كنا نتلفظ بكل هذا في قرارة أنفسنا أو في أحاديث جانبية أو حالات غضب أو غير ذلك، لكنها ليست سمة عند الشعب كله، ولا نرغب أن تكون سجيَّة يتربى عليها أجيال أخرى.

نحن الآن في رمضان 2017 مثلًا...

قناة خاصة تُجرِي مداخلة مع رئيس نادٍ خسر فريقه، والاتهامات موجَّهة إلى التحكيم.. مستهَلّ الكلام طيّب، وفي وسطه رسالة إلى حكم اللقاء: "دندوه أمك.. وسيديهاتك عندي"، وضحكات من مذيع يجلس على كرسيه يحتسي مشروبه الساخن، وقد استخدم الضيف لفظًا أصبح دارجًا في قاموس الشتائم.

مشهد في مسلسل كوميدي لا يمانع من الإفيهات الساخنة، تمرّ فتاة جميلة أمام بطل الحلقة، هنا الفرصة ليُلقِي جملته خارج النص المكتوب: "إيه الدندوه الجامد ده؟!"، ولِمَ لا وقد أصبحت جملة "أقسم بالله ما..." على لسان كل متحدث الآن في الشارع، وقد وردت اقتباسًا ونصًّا هذا العام في أكثر من عمل.

في مشهد لمسلسل درامي آخَر أراد الزوج أن يُهين زوجته البدينة في مشادة أسرية تحدث كل يوم، حيث شبهها بالخروف، مقتبساً التشبيه من حلقة لبرنامج المقالب الشهير في العام الماضي.

وهكذا تدور الدائرة في كل اتجاه، ألفاظ ومشاهد وتلميحات غير مقبولة من وجهة نظري، سنضيفها كل عام إلى القاموس، حتى لا نجد لاحقًا مكانًا للفظ جميل أو كلمة طيبة، وكلما مرّ عام أصبح ما قبله -وإن كان مرفوضًا- أكثر حشمة مما نحن فيه، وبعد أعوام وأعوام ستُعرَض هذه التلميحات وبعض منها "جنسية"، عبر الشاشات على أنها جواهر خالدة، من تراث قديم، ونطلق عليها "نوستاليجيا" الإعلانات والإفيهات، كما نحن فيه الآن من تشوُّق إلى أعمال الزمن الجميل.. والحل الآن قبل فوات الأوان ضوابط لِمَا يتقبله المجتمع وما يرفضه، لا قمعًا أو تقييدًا لحرية الأفكار، بل مراعاة لكلمة شكر في مُنتَج من أسرة كاملة دون استثناء.

إعلان